الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: حرية التعبير من ثوابت الإسلام

العلماء: حرية التعبير من ثوابت الإسلام
7 يناير 2016 22:39
حسام محمد (القاهرة) ظهرت في أمتنا فئة من الناس نقبوا في كتب التراث ونزعوا من نصوص بعض هذه الكتب سطوراً وعبارات ثم أخرجوها من سياقها، ومن الظروف الاجتماعية والسياسية والدينية التي كتبت فيها ليشككوا في ثوابت الدين الإسلامي باسم حرية التعبير، وكل هذا يطرح سؤالاً مهماً هو: كيف كفل الإسلام حرية التعبير، وما الضوابط التي وضعها من أجل ذلك؟ «الاتحاد» طرحت السؤال على عدد من علماء الدين ورصدت إجاباتهم في التحقيق التالي: تعامل رشيد يقول الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: الإسلام منح الناس الحرية التامة حتى في اختيار المعتقد فلم يجبر أحداً على اعتناقه، حيث تعامل الإسلام مع الحرية بشكل عام وحرية التعبير بشكل خاص على أنها أهم ما يميز الإنسان عن غيره، ويتمكن بها من ممارسة أفعاله وتصرفاته بإرادة واختيار من غير قسر ولا إكراه شريطة أن يتم ذلك ضمن حدود معينة أهمها تحقيق الصالح العام، فلا يجوز مثلاً أن تتسبب حرية الإنسان في إلحاق الضرر بالآخرين، فلابد أن يعي أن حريته تكمن في تجنب الإفساد وإضرار الآخرين، وهكذا رعى الإسلام الحرية بشكلها العام وحرية التعبير والبيان بشكل خاص. والمتأمل للقرآن والسنة النبوية المطهرة سيلاحظ أن الإسلام طالب المسلمين بالتأمل في عظمة كل ما خلقه الله تعالى، والهدف من ذلك هو دعوة الإنسان للإبداع، وهكذا دعا الإسلام في مصدريه الأساسيين «القرآن والسنة» إلى استعمال الفكر والعقل في جميع أمور الدنيا والدين، للتحرر من رقبة التقليد الأعمى للآباء والأجداد في بناء العقيدة، والاهتداء على الحق الذي لا يقبل الله سواه، وإثبات استقلال الذات أو الشخصية، ولتحمل مسؤولية الإنسان قراره في اختيار الطريق السوي أو المعوج، ومن أجل بناء الحياة الإنسانية وتقدمها، وعمران الكون. الحرية ضد الانفلات ويلفت الدكتور واصل النظر إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين الحرية والتحرر المنفلت خاصة في التعبير عن الرأي بالكلمة والأدب، فالحرية هي العلو بسقف الإبداع من دون الخروج عن القيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية، أما التحرر، فيعني وقوع هذا السقف في هاوية الانفلات تحت زعم حرية الإبداع، ولا بد أن نعرف، وأن نفهم أن الحرية في الإسلام ليست نقيضاً للالتزام، فالحرية معدن الوجود وجمال الكون، وهي صفة الفطرة السوية، ولكن الحرية التي نقصدها ليست الحرية التي تحدثت عنها الثورة الفرنسية، ولا التي تحدث عنها سارتر، ولا التي دعت إليها الليبرالية وزيفتها الدكتاتورية، فالحرية هي التي تمنح الأدب جمال الصدق والعزة في حسن البيان، وإن هذه الدعوة إلى الحرية أعلى وأطهر وأنقى من دعوات فلسفة أوروبا كلها. ويضيف: لا بد أن نفرق بين حرية التعبير والرأي كحق يكفله الإسلام للجميع من المسلمين أو غير المسلمين والفوضى باسم الحرية في التعبير، فالمتابع لما يحدث على الساحة يكتشف أن بعض الناس أساؤوا فهم المصطلح وسلكوا مسالك وعرة فتوهموا أن الحرية تعني التفكير والحديث بدون ضابط، وهكذا وجدنا من يتعرض للثوابت الدينية، ويعلق عليها دون وعي باسم حرية الرأي أو التعبير. المساس بالدين يقول الدكتور عبد الدايم نصير مستشار شيخ الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء إن الإسلام قدس حرية التعبير شريطة أن تكون منضبطة حفاظاً على أمن وتماسك المجتمع، والإسلام يقرر أن إنسانية الإنسان هي رهن حريته، إذ لا يمكن أن تتحقق إنسانيته بدون حريته، فإن تحكم الآخرين عليه باستعباده بغير صورة شرعية وتدخلهم في شؤون حياته فيه إلغاء لحقوقه، فهو من منطلق هذا يعيش حياته آمناً على نفسه وأهله، ولا يخشى عدوان ولا بطش ظالم، وحرية الكلام والتعبير حق فطري لأن التعبير عما في الضمير فطرة فُطِرَ عليها الإنسان لابد ألا يتم منعه منها، فلكل إنسان أن يعبر عما يجيش به صدره شريطة عدم الإساءة لأحد وعدم المساس بثوابت الدين، وهذا لأن القاعدة تقول إن التصرفات التي تصدر من دون مراعاة حقوق الآخرين هي فوضى قد تؤدي إلى اختلال التوازن في موازين الحياة وفي السلم والأمن في المجتمع الإنساني، وهكذا فللإنسان أن يعبر ويبدع كما يشاء شريطة احترام مبادئ الأخلاق وآداب الإسلام، فلا بد عند السعي للتعبير أو الإبداع أن يتحرى الإنسان الخطاب الأخلاقي الذي يحترم خصوصيات الآخرين مع النأي عن إطلاق العنان لحرية الرأي على حساب هدم المصالح الإنسانية أو المجتمعية، إعمالاً في ذلك لمنطق العقل الذي اقتضى أن يكون التفكير في التقريب بين الأفكار لا في خلق حالة من التصادم والشقاق بينها. أعظم الحريات الدكتورة عفاف النجار العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر، تقول إن الإسلام أكد وبوضوح على حرية التعبير، وذلك من خلال القرآن الكريم وسنة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، فحرية التعبير من أعظم الحريات التي كفلها الإسلام للإنسان، وهي من نعم الله تعالى عليه، حيث جعله بهذه النعمة معبراً عن نفسه، مبيناً عما يدور في فكره وخلده، ومنحه القدرة العقلية على تصور ما يدور حوله، ثم الحكم عليه بما يصل له من خبراته وتجاربه. وتضيف: «لا بد ونحن نتعامل مع حرية التعبير أن ندرك أن الإساءة للأديان باسم حرية التعبير أمر يرفضه الإسلام، ورغم أن الدين الإسلامي كفل لحرية الرأي والتعبير كفالة تامة فلم يترك هذا الأمر على إطلاقه هكذا تاركاً لكل شخص أن يقول ما يشاء، وقتما يشاء في أي أمر كان، بل جعلها مقيدة ومحددة ضمن حدود وقيود وضوابط تضمن عدم انتهاك حرمات الأديان أو الاعتداء على الأعراض أو التشهير والإساءة إلى الآخرين، وكل ذلك مضبوط ومقيد ضمن الإطار العام للشريعة الإسلامية ونظامها الأدبي والأخلاقي القويم الذي يتميز عن كل الأنظمة الأخلاقية الأخرى، وهي قيود متمثلة في ألا تمثل إساءة إلى الآخرين أو الطعن في الأعراض أو التشهير بالناس، وألا تتضمن إساءة إلى العقائد أو الاعتداء أو الاستهزاء بأشخاص الأنبياء، وأن لا تتضمن الإساءة إلى المقدسات وأماكن ودور العبادة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©