الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو سيف: أصنع قيد الإبل وأتحاور مع النخيل

أبو سيف: أصنع قيد الإبل وأتحاور مع النخيل
15 مارس 2009 02:10
النخلة تلك الشجرة المباركة التي ذكرت في القرآن الكريم، والتي تعتبر رمزاً من رموز الإباء العربي والأصالة، بل إنها الفطرة العربية نفسها فمنذ عرفت هذه الشجرة الطيبة كانت وما زالت مرتبطة بالعرب وحنينهم القوي والعميق إلى تلك النخلة، فمنذ فجر التاريخ عرف الأقدمون النخلة وبعض المصنوعات التي يدخل فيها سعف النخيل · وتلقى النخلة اهتماماً كبيراً في الإمارات على المستويين الرسمي والشعبي، وهو نوع من الوفاء الذي تميز به ابن الإمارات لهذه الشجرة الكريمة رفيقة الإنسان على هذه الأرض في أيام الشدة ، فكان حريا به أن يرد لها الكرم في أيام الرخاء · ؟وهنا سنعود بالذاكرة مع أبوسيف ''عبيد الكعبي''، الذي عشق النخلة وعشقته· سنعود معه إلى أحد استخدامات النخل القديمة والتي يصر على أن تبقى موجودة في هذا الزمان وذلك عبر مزاولتها له، وكأنه يصر على أن ينكر وجود مصانع وآلات تصنع ما يصنع هو، ويرهق نفسه بعمل قد يستغرق منه ساعات أو أياماً· وجدنا أبو سيف جالساً على باب متحف العين الوطني على التراب الأحمر، ويضع أمامه الخشب الذي قطعه من الأشجار لإشعال النار وغلي القهوة ويحفه من الخلف أعواد من الخشب وبقايا أشجار النخيل، ليتكون من ذلك كله ما يسمى بالحظيرة التي ينضم إليه فيها بين الفينة والأخرى زملاؤه، الذين يشتغلون بخوص النخيل فيتسامرون ويتذكرون حكايات الماضي وأهازيجه فيشعرون بمرور الوقت كأنه لحظات، لأن من يجلس مع أصدقائه الذين يحبهم لا يشعر بمرور الساعات· وبدأ أبو سيف، الرجل السبعيني، يعرض لنا طريقة صنع الحبال و''الخطام''، أي الحبال التي توضع عند فم الجمل والقيد والهيار الذي يقيد به أرجل الجمل أو الدابة، والرشى وهو الحبل الذي يسحب به الماء من البئر· ويتحدث أبو سيف عن ذلك ويقول :'' لقد نشأنا في زمان لا نملك فيه شيئاً فالفقر والحاجة علمتنا الكثير، وقد تعلمت من والدي كيف أصنع الحبال من ليف النخيل، وبدأت أمارس ذلك منذ أكثر من خمسين سنة، ولم أشعر بالملل يوما بل أشعر وكأن النخلة تكلمني وتكبر معي ولا تفارقني '' · ويضيف :'' ولكي نصنع هذه الحبال علينا أن نستخرج الليف من النخيل، ثم نقوم بنقعه في الماء لفترة قصيرة لا تتجاوز الدقائق العشر ، ثم نبدأ في تفكيكه أو نسله إلى خيوط رفيعة، ثم نمسك بقدر بسيط منه، ونبدأ بعمل الميل وهي عملية اللف أو البرم، بل أشبه ما تكون بعملية مسك خصل ولفها باليد، ولكن يجب أن نستخدم الركبة لتساعد في عملية لفها جيدا، ثم نأتي بخصلة أخرى تم برمها ونجدل هاتين الخصلتين أو الميلين معاً مستعينين بأصابع الرجل من أسفل، وإذا كانت الخصلتان غير متساويتين في الطول نقوم بوصلها بخصلة أخرى متابعين عملية الجدل حتى نصل إلى الحجم الذي نحتاجه·· ويوضح أبو سيف ''يمكن أن نستخدم ذلك الحبل الذي بين طريقة صنعه في ربط الأمتعة على ظهر الجمل أو البعير'' ··· ويبين أبو سيف أننا نحتاج إلى زيادة سماكة هذا الحبل الذي نصنعه إذا أردنا أن نستخدمه في خطم البعير أو الجمل، وذلك بوضع الحبل على فمه ورقبته وكذلك من أجل صنع القيد والرشى اللذين يحتاجان أيضا لحبال أطول وأسمك تقتضي استعمال أكثر من خصلة من الليف مجدولة جيدا مع بعضها· ويعتقد أبو سيف أننا نحتاج لعقد الخصل المجدولة من الطرفين لصنع القيد بشكل حلقة حتى يقيد به يدي الجمل أو البعير وفي الثانية رجلها، أما الخطام فيكون أطول من القيد ومعقودا كالحلقة من جهة واحدة لربط فم ورقبة البعير أو الجمل · أما الهيار فهو كالقيد لكنه يوضع في يد ورجل الجمل أو البعير معا، حتى يتمكن صاحبه من تثبيته جيدا ويضمن عدم فراره · ويؤكد أبو سيف أنه كذلك يستخدم هذا الحبل الذي يقوم بصنعه بربط سعف النخيل ببعضها وتسمى ''زفن الدعن'' وهي الوسيلة التي كانوا يستخدمونها في الماضي حينما يصنعون بيوتهم من سعف النخيل فيحتاجون لربط السعف ببعضها مع أعمدة البيت المصنوعة من الخشب، فكانوا يستخدمون لذلك هذه الحبال أو زفن الدعن والتي تعتبر متينة جداً على حد تعبيره· ويعبر أبو سيف عن سعادته بهذا العمل الذي يقوم به يوميا، والذي صار جزءا من حياته اعتاد عليه ولا يملك أن يتوقف عنه حتى آخر العمر·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©