الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خبيرة تنمية بشرية تربط بين تطوير الذات وحب الوطن

خبيرة تنمية بشرية تربط بين تطوير الذات وحب الوطن
22 أكتوبر 2011 23:23
الشعور بالأمان، والإحساس بالولاء لمكان ما، يعطي الصلابة بالدفاع عنه، حيث يشعر المرء بأنه جزء من هذه المنظومة الكبيرة التي تتشكل حوله، فما هي المعادلة التي يحققها الشعور بالانتماء لمكان ما؟ وما المردود المادي والمعنوي للاستقرار النفسي نتيجة هذا الشعور، هذا ما توضحه الدكتورة علياء إبراهيم خبيرة التنمية البشرية، من خلال مداخلاتها الكثيرة في هذا المجال، حيث تربط بين مسألة تطوير الذات والشعور بالانتماء والاستقرار. تعتبر خبيرة التنمية البشرية علياء إبراهيم أن الانتماء للوطن الجسر الذي يجب أن نعبر عليه لترسيخ الهوية الوطنية، فالإنسان منذ بدء الخليقة كان انتماؤه الحقيقي إلى ذاته، ومن أجل ذاته سعى إلى المحافظة على هذه الذات فظهرت الاختراعات ونشأت الحضارات وتطورت المجتمعات، ومع هذا التطور تعددت انتماءات الإنسان فامتد انتماؤه خارج دائرة ذاته إلى أسرته وقبيلته وعشيرته، وتنوعت الانتماءات الدينية والسياسية والمهنية وغيرها العديد من الانتماءات التي تمثل جزءاً من هوية الإنسان. مفاهيم راسخة تشير إبراهيم إلى أن بعض المفردات في حياة الأطفال بالتحديد تجعلهم يكبرون مع هذه المفاهيم التي تترسخ في ذواتهم، وتقسم الانتماء إلى قسمين، فتقول إنه انتماء مكاني وانتماء معنوي. وتقول “الانتماء المكاني يبدأ من الأسرة، ثم المدرسة وينتقل إلى المفهوم الأوسع وهو الوطن، أما المفهوم المعنوي للانتماء فهو كل ما يتعلق بالتقاليد والعادات، من لباس وأكل وموروث ثقافي بشكل عام، وعقائدي أيضا”. وتوضح أن الهوية والشعور بالانتماء عبارة عن وحدات تكبر مع الفرد منذ صغره، فلها مفردات مثل النشيد الوطني والعلم، وهي مفردات تعزز فخره ببلده، لافتة إلى أن الانتماء والشعور به لا ينموان فجأة، بل يتدرجان مع كل مرحلة عمرية، ومنبعهما الأساسي الأسرة ثم المدرسة وصولاً إلى حب الوطن، وهذا الشعور يخلق إنسانا متزنا. وتوضح أن الولاء للوطن عملية تراكمية لا تتكون بين عشية وضحاها، وتوضح أن الإنسان الذي يكبر عنده هذا الشعور يعيش مستقيما متزنا، يخدم بلده ويفخر به. وتضيف إبراهيم “يبقى الانتماء إلى الوطن الحصن المنيع الذي يجعل الإنسان يقف على أرض صلبة، ويظل ثابتاً مهما كانت المتغيرات، والوطن بكل مفرداته المكان والزمان والثقافة والموروثات والعادات والتقاليد واللغة والدين، قوة هذا الانتماء لهذه المفردات هي العامل الرئيس لترسيخ الهوية الوطنية، وكانت ولا تزال السبيل الأمثل لتقدم المجتمعات وبناء الحضارات”، مشيرة إلى أن الانتماء إلى الوطن يوجد نوعا من الالتزام الأخلاقي تجاهه، ويسهم في تطوير أداء الفرد في كل المجالات من أجل مصلحته، فالإخلاص في العمل والمحافظة على موارده والاقتداء برموزه التاريخية، والحرص على العادات والتقاليد الإيجابية بل كل خطوة يخطوها الإنسان من أجل رفعة وطنه والإعلاء من شأنه أن يسهم في تجسيد قيمة الانتماء، ويحولها من مجرد معنى مطلق أو شعار إلى سلوك ملموس له آثاره الإيجابية. الانتماء الأوسع تقول إبراهيم إن إنسانا بلا وطن يتولد لديه شعور بالضياع، وتضرب مثلا بالطفل الذي ينتمي لأسرة مفككة، فإنه يشعر بالتفكك النفسي، لهذا يسهل استقطابه وغسل دماغه وحشوه بالأفكار الهدامة. وعن شعور الأطفال والمراهقين بالانتماء لجزيئيات الوطن وتأثيره على انتمائهم، تقول إن “إدراك الأطفال والمراهقين أن المنزل والمدرسة والشارع والحديقة والنادي والمسجد كلها في النهاية تمثل الوطن بالمفهوم المكاني، وأن الدين واللغة والعادات والتقاليد والتاريخ هي الوطن بالمفهوم المعنوي والمادي، وإدراك الشباب تدريجياً أن الانتماء ممارسة يومية، يسهم في ترسيخ هويتهم ويمدهم بشعور من الأمن والأمان”. وتضيف “الإنسان بلا وطن يتولد لديه شعور بالضياع، ومثل هذا الإنسان لن يستطيع تطوير ذاته أو أن يسهم في بناء مؤسسة أو تقدم مجتمع، ولأن الطفل يتطور من انتماءات جزئية متمثلة في الأسرة والمدرسة والنادي، حتى يصل إلى الانتماء الأوسع الذي يرسخ لديه الهوية الوطنية، أي الوطن، فإنه يكبر ولديه إدراك أن هذه الانتماءات تعمل مثل الشرايين في الدورة الدموية، ولكي يصل الدم إلى القلب وهو الوطن لابد من أداء عال لهذه الشرايين، ولذلك فإن قوة الانتماء تجعل مصلحة الجهة الانتمائية كالمدرسة والجامعة، لديها الأولوية عند المنتمي إليها، وهكذا هو الوطن كلما كان الانتماء إليه قوياً كانت مصلحة الوطن على رأس قائمة الأولويات، وهكذا تتقدم الحضارات”. وتستحضر إبراهيم مثالا ذكره المؤرخون عن أن أحد أسباب انهيار أقوى أمبراطورية في العالم القديم بالمفهوم الحديث، وهي الإمبراطورية الرومانية، يكمن في تراجع قوة الانتماء لدى المواطن الروماني، وبالتالي ضياع هويته الوطنية، حتى أن الجنود الرومان كانوا يكبلون بالسلاسل ليدخلوا الحرب ضد المسلمين، وهذا يعنى أن الانتماء قيمة لا تفرض بالقوة وإنما هي بذرة تجب رعايتها تدريجياً حتى تثمر في النهاية إنسانا لديه التزام أخلاقي تجاه وطنه بكل مفرداته. دور الأسرة تقول خبيرة التنمية البشرية علياء إبراهيم إن “الأمن والاستقرار النفسي، والشعور بالولاء لمكان ما، يبدأ من الأسرة التي تبث هذا الشعور الذي لا تعطيه بدورها من فراغ، بل ينبع من إحساسها الصادق بذلك، فإذا كان مفقوداً لديها فإنه يصعب تمرير ذلك لأولادها، وكل ذلك يجعل الفرد معطاء، محباً لبلده أو المكان الذي يقيم عليه، وذلك كله ينعكس على سلوك الفرد في حياته”. وتضيف أن “الوطن عبارة عن مفردات انتمائية نربي عليها الصغار”، مشيرة إلى أن الأسرة عليها تربية الأطفال وبث روح الانتماء فيهم منذ الصغر، موضحة أن هذا الشعور يولد أناسا يعملون ويخدمون بلادهم بضمير، ويبدأ ذلك من سياق الوظيفة إلى الدفاع عن الوطن بكل جزئياته وعلى جميع الصعد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©