الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية ليست خصماً ضعيفاً

20 أكتوبر 2013 23:22
منذ فترة طويلة كان ينظر إلى كوريا الشمالية، على أنها متقاعسة عن الانخراط في السباق العالمي للتسلح عبر الإنترنت، ولكن أثبتت فيما بعد حملة الهجوم الإلكتروني والتجسس التي دامت أربع سنوات واستهدفت البنوك، ووسائل الإعلام والاتصالات والخبراء العسكريين في كوريا الجنوبية، أن قدرات الحرب الإلكترونية لكوريا الشمالية هي أكثر فاعلية مما كان يعتقد سابقاً، وفقاً لما يقوله الخبراء الأميركيون وتظهره التحليلات الحديثة. كما يقول خبراء الحرب الإلكترونية في أميركا وكوريا الجنوبية إن قدراتها المتطورة تظهر احتمالاً خطيراً لإمكانية انخراطها في الصراع في العالم الحقيقي. ويقول ألكسندر مانسوروف، وهو باحث زائر في المعهد الأميركي-الكوري بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، إن «كوريا الشمالية كثفت على مدى السنوات الأربع الماضية جهودها بجدية في مجال الحرب الإلكترونية. إن (الجيش الشعبي الكوري) يخطط أساساً لحرب إلكترونية مستقبلية حيث قام بالقرصنة لجمع معلومات استخبارية والاستعداد لتعطيل أنظمة المعلومات والاتصالات والمراقبة والاستكشاف لأعدائه: كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان». وعلى رغم أن تحليلات هذه الهجمات لم تتمكن من الوصول إلى «الدليل الدامغ»، إلا أنها تركت القليل من الشك في أن كوريا الشمالية ليست فقط وراء الهجمات ضد الجنوب -ولكن قدراتها أوسع بكثير مما كان يعتقد سابقاً، حسبما ذكر مانسوروف وآخرون. ونتيجة لذلك، فإن هؤلاء الخبراء يعززون من تقديراتهم بشأن تطور ووتيرة تنمية القدرات العسكرية الإلكترونية لكوريا الشمالية -والتهديد الذي تشكله للولايات المتحدة. والأكثر دلالة من ذلك هو الربط بين الشمال وأربع سنوات من الهجمات المهددة المتزايدة على كوريا الجنوبية، التي كلفتها أكثر من 750 مليون دولار، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع. وقد بدأ الهجوم الكبير الأول في 4 يوليو 2009، عن طريق الهجمات الموزعة لحجب الخدمة (DDoS) حيث أدت ملايين من الطلبات في الثانية إلى حجب المواقع المالية والحكومية في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقد بدت الهجمات وكأنها تنبع من 435 جهاز كمبيوتر رئيسي في 61 دولة حول العالم من بينها كوريا الجنوبية نفسها. غير أن الهجوم الثاني، الذي حدث في 4 مارس 2011، تجاوز سابقه من خلال إطلاق البرامج الضارة التي أدت إلى محو بيانات العملاء في أحد أكبر البنوك في كوريا الجنوبية، مما أدى إلى بقاء 30 مليون عميل بدون خدمات الصراف الآلي لعدة أيام. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن كوريا الشمالية هي المسؤولة عن تلك الهجمات. غير أن الأمر تجلى في الربيع الماضي عقب حدوث أعنف هجوم. ففي 20 مارس، فوجئ عدد من البنوك ووسائل الإعلام في كوريا الجنوبية بهجوم ضخم للبرمجيات الخبيثة تتفجر من داخل شبكاتهم الخاصة. وفي غضون دقائق، أدى سلاح إلكتروني اسمه «سول السوداء» إلى محو سجلات التشغيل الأساسية لأكثر من 32 ألف جهاز كمبيوتر، وإلحاق الضرر بمؤسسات لعدة أيام، فيما يعد واحدة من أكبر الهجمات الإلكترونية المدمرة والأكثر تكلفة التي شهدها العالم. وقد أدى التعقب الرقمي إلى عصابة حرب إلكترونية تدعى «فريق هواز» تقوم بوشم شعار بطاقتها رقمياً على أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة في بنوك كوريا الجنوبية. ومما زاد من الحيرة قيام جماعة أخرى تدعى» فريق جيش سايبر الرومانسي الجديد» بإعلان مسؤوليتها عن الهجوم. ولكن شركة «مكافي» الأميركية للأمن الإلكتروني رأت شيئاً آخر. فقد كانت «عملية تروي» (أو عملية طروادة) هذه تتويجاً لحملة سرية متطورة استمرت أربع سنوات ونفذت من قبل هجوم إلكتروني واحد وليس عصابتين إلكترونيتين. ووفقاً لتقرير محققي «مكافي»، فإن «هدف تلك الهجمات الإلكترونية كان جمع الأسرار العسكرية والحكومية لدولة كوريا الجنوبية» كما ربط فريق «مكافي» بين عملية طروادة وحملات عامة شديدة الخطورة جرت خلال سنوات ضد كوريا الجنوبية، مما يشير إلى أن جماعة واحدة هي المسؤولة عنها، وعلى رغم أن تحقيق «مكافي» لم يعلن اسم الجاني، إلا أن الأصابع أشارت إلى كوريا الشمالية. كما أشار تقرير لشركة «سيمانتيك» العملاقة للأمن الإلكتروني إلى نفس النتيجة أيضاً. وفي سبتمبر، أعلن الباحثون في معمل «كاسبر سكاي» اكتشاف حملة تجسس إلكترونية ضد ست مؤسسات عسكرية بكوريا الجنوبية. ومن هنا بدأ الخبراء في رفع مستوى تقديراتهم بالنسبة لقدرات كوريا الشمالية. فمنذ ثلاث سنوات فقط، أعلن جيمس لويس، وهو خبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، عن شكوكه العميقة بشأن التهديدات الإلكترونية الخطيرة التي تمثلها كوريا الشمالية للقوات الأميركية والكورية الجنوبية في المحيط الهادئ. ويضيف لويس «إن كوريا الشمالية أصبحت قادرة على اختراق أنظمة كوريا الجنوبية ومن المحتمل أن تتسبب في اضطراب خطير». وعلى رغم أنها لا تزال بعيدة عن أن تصبح «قوة إلكترونية عظمى» عالمية، إلا أن كوريا الشمالية تستعرض عضلاتها لتحول نفسها إلى قوة فعالة. «لقد تمكنت من تطوير قدرات هجماتها الإلكترونية بشكل كبير، مما قد يمثل تهديداً للمؤسسات الأميركية، وربما الاحتياطي الفيدرالي» على حد قول لويس. ويقول الخبراء إن سعي كوريا الشمالية إلى تطوير قدرات الحرب الإلكترونية هو مزيج من التفكير العملي والاستراتيجي، فهذه الأسلحة رخيصة وفعالة من حيث التكلفة. فالهجمات الإلكترونية تعتمد على برامج ضارة يمكن شراؤها بتكلفة أقل بكثير من الأسلحة التقليدية. كما أن هذه الهجمات تكون مجهولة، ولذلك يصعب تحديد مرتكبيها ويكون من السهل تجنب العقوبات والضربات الانتقامية. مارك كلايتون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©