الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

فِعْلُ الخيرات... طريق السعادة

فِعْلُ الخيرات... طريق السعادة
7 يناير 2016 22:39
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن سَعِيد بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَمَنَ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، ولْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ»، (أخرجه البخاري). هذا حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب الزكاة، باب على كلِّ مسلم صدقة، فمن لم يجدْ فليعمل بالمعروف. من المعلوم أن ديننا الإسلامي دين الخير والبركة، فكلّ كلمة، وكلّ عمل ينتج منه خيرٌ فالله سبحانه وتعالى يأمرنا به، حيث نُثَاب على فعله، لذلك فقد حثَّنا ديننا الإسلامي الحنيف على عمل الخيرات، وبيَّن الفضل الكبير والأجر العظيم على كثير من الأعمال، حيث إنه يهدف من خلال ذلك إلى تشجيع المسلمين على القيام بهذه الأعمال، كما ورد في عدد من الأحاديث الشريفة، منها:- عن أبي ذرٍ- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»، (أخرجه مسلم).- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه-، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ»، (أخرجه مسلم). الأنبياء.. وفعل الخيرات من الجدير بالذكر أن الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام- وفي مقدمتهم أولي العزم من الرسل وهم: إبراهيم وموسى وعيسى ونوح ومحمد- عليهم جميعاً صلوات الله وتسليماته- كانوا يُكثرون من فعل الخيرات. * سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم-: هذا هو حبيبنا ورسولنا محمد- صلى الله عليه وسلم- كان فعَّالاً للخير في كل زمان ومكان، فقد رأى- صلى الله عليه وسلم- امرأة متعبة، فطلبت منه أن يعينها على حملها، فحمله- عليه الصلاة والسلام- حتى سار في الرمال وأوصلها لبيتها، فقالت له: لا أملك أن أعطيك شيئاً، لكني أنصحك، قال: قولي يا أماه، فقالت له: إذا سمعتَ بأن محمداً قد ظهر، يزعم أنه نبي فلا تصدقه، فقال لها: لِمَ؟ فقالت: لأنه سيء الخلق، فقال لها: وإن كنتُ أنا محمداً، فقالت: إنْ كنتَ محمداً هذا، فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله. * وهذا هو سيدنا موسى- عليه الصلاة والسلام- كما وردت قصته في سورة القصص حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، «سورة القصص: الآيتان 23 - 24». لقد بادر سيدنا موسى- عليه الصلاة والسلام- إلى مساعدة الفتاتين دون طلب منهما، لأن موسى- عليه الصلاة والسلام - صانعٌ للمعروف باذلٌ له، كما جاء في تفسير الآيات: «ولما ورد ماء مدين»، أي لما وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئر يرده رعاء الشاء «وجد عليه أمة من الناس يسقون»، أي جماعة يسقون، «ووجد من دونهم امرأتين تذودان»، أي تكفكفان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يؤذيا، فلما رآهما موسى- عليه الصلاة والسلام- رقَّ لهما ورحمها «قال ما خطبكما؟»، أي ما خَبَرُكُمَا لا تردان مع هؤلاء؟ «قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء»، أي لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء»، «وأبونا شيخ كبير» أي فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى، قال الله تعالى: «فسقى لهما» قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله، أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أن موسى- عليه الصلاة والسلام- لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمة من الناس يسقون، قال: فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً حتى رويت الغنم، إسناد صحيح»، (تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/‏‏509). عثمان... والمسارعة إلى فعل الخيرات لما عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على غزوة تبوك، كان المسلمون يعانون من جَدْبٍ شديدٍ، حتى اضطر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رَدِّ من لا يملك راحلة عن الجهاد، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع. عند ذلك صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر، وحث المسلمين على الإنفاق، فوقف عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وقال: عليَّ مائة بعير بسلاحها ورحالها يا رسول الله. فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - درجة وحضَّ الناس على الصدقة، فوقف عثمان مرة ثانية، وقال: عليَّ مائة بعير أخرى يا رسول الله، فتهلل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم-: ونزل درجة، وحثَّ الناس على الصدقة، ثم أسرع عثمان - رضي الله عنه - إلى بيته، وجاء مع النوق بذهب وفضة، ووضعهما بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم-. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا عُثْمَانُ مَا أَسْرَرْتَ، وَمَا أَعْلَنْتَ، وَمَا أَبْدَيْتَ وَمَا أَخْفَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، (أخرجه ابن أبي شيبة). إن هذا الموقف الكريم من ذي النورين وصاحب الهجرتين سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يُجَسِّد لنا الهمة العالية في التضحية من أجل إعلاء كلمة الله، وكيف أنه يُخَلِّص النفس من الشح والبخل، ويزكي فيها روح العطاء والتضحية، كما أنه يعلم الأمة جميعها وجوب المسارعة لفعل الخيرات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©