الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اقتصادات وسط أوروبا «هجين» بين الأسواق الناشئة والمتقدمة

اقتصادات وسط أوروبا «هجين» بين الأسواق الناشئة والمتقدمة
22 أكتوبر 2011 22:14
يبدو مستقبل النمو بمنطقة اليورو خلال العقود المقبلة مختلفاً من حالة النمو السريعة في السنوات التي سبقت 2008، نظراً إلى تحول اقتصادات وسط أوروبا إلى حالة الهجين بين الأسواق الناشئة والمتقدمة، ومن المرجح فرض قيود أكثر على الائتمان من تلك التي سبقت “ليمان براذرز” وكذلك تقلص الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقال تيم آش مدير بحوث أسواق الدول الناشئة في “رويال بنك” الاسكتلندي “مثلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة قصة نجاح كبيرة في دول أوروبا الناشئة في العقد الماضي حيث بلغت 3% من الناتج المحلي الإجمالي، النسبة التي انخفضت إلى النصف في كل الدول تقريباً في أعقاب “ليمان براذرز””. ومع ذلك، من المتوقع أن يتجاوز متوسط نمو هذه الدول على المدى المتوسط نمو غرب أوروبا، نتيجة لما تبذله تلك البلدان من محاولات مستمرة للّحاق بها. وهناك عدد من العوامل التي ينبغي أن تساعد على سريان الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى تنوع المصادر التي تأتي منها ويلاحظ هيمنة استثمارات أميركا والاتحاد الأوروبي في المنطقة. وقال سيزاري ويسنيسكي نائب مدير مؤسسة “لينكليترس” الاستشارية في وارسو “نشهد الآن تحولاً ملحوظاً، حيث زادت الرغبة الاستثمارية لدى دول آسيا وروسيا وصناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط، مما يعكس التحول الذي حدث في خريطة الاقتصاد العالمي”. وذكر أن الشركات الصينية والروسية تبحث عن عمليات الشراء في القطاع المالي في وقت تقوم فيه البنوك الغربية ببيع الأصول لتقوية ميزانياتها. وفي صفقة من المقرر إتمامها نهاية العام الجاري، قام “سبير بنك” الروسي بشراء فولكس بنك إنترناشونال” الذراع الدولية لـ “بنك النمسا”. وفي المجر استحوذت مجموعة “وانهوا” الصناعية على شركة “بورسود كيم” للكيماويات مقابل 1,2 مليار يورو. لكن من شأن مثل هذه الصفقات خلق مشاكل سياسية، حيث قابل المنظمون البولنديون فكرة إشراك “ سبير بنك” في طفرة بيع البنوك البولندية، بالفتور. ويرى بعض الخبراء أنه وبغض النظر عن بطء النمو، فإن الشركات الأوروبية مستمرة في اختيار وسط أوروبا باعتبارها المركز الصناعي للقارة، وفي غضون ذلك، تحافظ شركات غرب أوروبا على عملية تحويل المصانع صوب الشرق بُغية خفض التكاليف. وبما أن لدول شرق ووسط أوروبا عمالاً مهرة في دول الاتحاد الأوروبي، فإنهم يقومون بصناعة سلع بموجب نظم وقوانين الاتحاد قريبة من أماكن التسويق ولا تحتاج لشحنها عبر موانئ تحفها المخاطر أحياناً، بالإضافة إلى انخفاض ضريبة الشركات في هذه الدول. ولم تنجح الأزمة في قتل جاذبية دول شرق ووسط أوروبا للأسهم الخاصة ولرؤوس الأموال الاستثمارية، حيث لا تزال عناصر البيئة المناسبة متوافرة مثل، ارتفاع النمو والإمكانات الفكرية العالية وروح خلق المشاريع وتوافر السلامة اللازمة لإكمال مثل هذه العمليات. لكن إذا كانت دول المنطقة تنافس من أجل نيل جزء صغير من الكعكة الاستثمارية، ينبغي بذل المزيد من الإصلاحات لتحسين مناخ العمل التجاري. وأصاب النشاط التجاري نوع من عدم الاستقرار عندما أقدمت الحكومة على نهج غير تقليدي في المجر، حيث فرضت رسوماً مصرفية كبيرة وضرائب “أزمة” على شركات الاتصالات والطاقة وقطاع التجزئة، وذلك بعد تخليها عن تمويل “صندوق النقد الدولي” في العام الماضي. كما اتخذت تدابير في سبتمبر الماضي لتخفيف العبء عن مقترضي الرهن العقاري بالفرنك السويسري، الذي ربما يعرض البنوك لخسارات كبيرة بالعملة الصعبة. ويعتقد المحللون عموماً أن حالة البيع التي اجتاحت أسواق دول شرق ووسط أوروبا مؤخراً عند تفادي المستثمرون للأصول المحفوفة بالمخاطر، مبالغ فيها. تأتي تلك التوقعات في الوقت الذي أصيبت فيه الأسهم والعملات في شرق ووسط أوروبا مؤخراً بحالة من التراجع ناتجة عن المخاوف المتعلقة بأزمة منطقة اليورو، لكن لا أحد يتوقع أن تكون عودة روابط المنطقة بالجزء الغربي من القارة، مصدراً للقوة والضعف معاً في السنوات القليلة الماضية. كما تدفقت الاستثمارات الأجنبية خلال معظم سنوات العقد الماضي في المنطقة لتحفز النمو، لكنها خلقت في ذات الوقت اختلالات واضحة وتفاقماً في فقاعات الأصول. وعند نضوب الائتمان في أعقاب انهيار “ليمان براذرز” في 2008، كانت المنطقة الأكثر تضرراً في العالم، على الرغم من الاستثناءات الواضحة مثل بولندا التي تفادت الركود الاقتصادي. كما تحررت بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر، من قبضة الأزمة المالية بقوة أكثر مقارنة مع بقية دول القارة، ساعدها في ذلك قوة قطاعاتها الصناعية والعلاقات التي تربطها مع ماكينة التصدير الألمانية التي انتعشت بفضل الاستثمارات التي شهدها العقد السابق. الآن، والمستقبل الاقتصادي يزداد سوءا في الأسواق المتقدمة، بدأ الخوف ينتشر في أرجاء وسط أوروبا مرة أخرى. وتراجعت الأسهم والعملات في المنطقة في وقت تنامت فيه المخاوف حول أزمة منطقة اليورو، حيث شهدت بعض أسواق شرق ووسط أوروبا أسوأ ربع لها منذ الشهور الثلاثة الأخيرة من سنة 2008. وانضم “صندوق النقد الدولي” في الشهر الماضي لبعض التوقعات الأخرى حول خفض النمو هذا العام وللذي يليه لمعظم دول المنطقة. لكن ومع ذلك، لا يتوقع أحد عودتها إلى حالة الركود التي كانت عليها إبان الأزمة. وبينما المستقبل أكثر قتامة في أقصى الجنوب الشرقي من القارة في بلاد البلقان، هناك ما يكفي من الأسباب لجعل دول وسط أوروبا والبلطيق أقل عرضة وأكثر تسلحاً للتصدي للمشاكل الاقتصادية، مقارنة بالكثير من نظيراتها في منطقة اليورو. وتثبت بولندا بسوقها المحلي الأكبر في المنطقة، أنها تتمتع بنوع معين من المرونة. وتم ولحد كبير إصلاح الاختلالات التجارية التي استشرت في عدد من دول المنطقة في 2008. وقال جوراج كوتيان محلل الاقتصاد الكلي في بنك “إيرستي” في فيينا “تضاءلت الاحتياجات المالية لدول شرق ووسط أوروبا بشكل كبير نظراً لخفض هذه البلدان لعجز حساباتها الجارية”. واستفادت كل من لاتفيا والمجر ورومانيا من برامج الإنقاذ التي قدمها “صندوق النقد الدولي” و الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تبني العديد من الدول تدابير تقشف مبالغ فيها حتى تلك التي تجري تجربتها الآن في اليونان وأيرلندا وتحسنت ديناميكية الديون العامة لمعظم دول منطقة شرق ووسط أوروبا بصورة كبيرة الآن بمعدل أفضل من دول غرب القارة. وعلى الرغم من ارتفاع ديون المجر البالغة 77% من الناتج المحلي الإجمالي، لا تزال أقل من العديد من الدول في منطقة اليورو. وزادت مؤسسات التصنيف العالمية في الآونة الأخيرة من التصنيف الائتماني لبعض دول أوروبا الناشئة مثل لاتفيا والمجر وصربيا ورومانيا وجمهورية الشيك، بينما تم في ذات الوقت خفض تصنيف نظيراتها في غرب القارة أمثال اليونان وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا. وعلى الرغم من أن دول مثل سلوفاكيا وسلوفينيا واستونيا تقع في منطقة اليورو، إلا أن العديد من الدول الأخرى لا تزال تعمل على تعويم عملاتها، حيث ساعدها خفض القيمة حتى 10% مقابل اليورو مؤخراً، على زيادة معدل منافستها. ووصفت جوليان مايو مديرة “شارلمان كابيتال” صندوق إدارة الأصول المتخصص في الأسواق الناشئة “ تعويم بعض الدول لعملاتها بالشيء الجيد وأنه بمقارنة دول وسط أوروبا الواقعة خارج منطقة اليورو مع دول منطقة اليورو التي لا تزال تسعى لجعل اقتصاداتها أكثر منافسة مثل إسبانيا إيطاليا والبرتغال باستثناء اليونان، يتبين أن موقفها قد تغير نسبياً. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©