الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الحتاوي: عدم المعرفة تؤدي بالكتابة إلى الدوران في العتمة

14 فبراير 2007 02:11
الشارقة ــ إبراهيم الملا: استضاف ''ملتقى المسرح'' بالشارقة ليلة الاثنين الفائت المؤلف والكاتب المسرحي الإماراتي سالم الحتاوي، وذلك ضمن برنامج الندوات الأسبوعية المقامة بالمعهد المسرحي التابع لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وتأتي هذه الملتقيات في إطار سعي الدائرة لتنشيط المناخ المسرحي وتجديده من خلال النقاشات التفاعلية والحوارات النوعية بين أهل المسرح من جهة، وبين المهتمين والمتابعين لهذا الفن من جهة أخرى· وتأتي استضافة ''الملتقى'' للحتاوي كي يتحدث عن تجربته الكتابية في المسرح، استنادا على مساهماته المتواصلة والمتنوعة في جلّ الأعمال المسرحية المحلية وخصوصاً في ''أيام الشارقة'' والتي أثمرت عن حصاد لامع من التقديرات المتبوعة بالجوائز والإشادات والتنويهات النقدية التي حازها الحتاوي، وهذا استحقاق يدل على مدى الجهد والدأب والتضحيات التي بذلها هذا الكاتب المبدع والحرّ في أفق اختياراته وبحثه المتواصل عن إبدالات واكتشافات ذاتية وموضوعية داخل النص المسرحي المحلي، فالكتابة للمسرح في الإمارات ما زالت تعاني من ضمور في الأسماء واحتباس في المواهب، فإذا استثنينا إسماعيل عبدالله، وناجي الحاي، ومرعي الحليان، وجمال سالم، فإن باقي مفردات الكتابة المسرحية إنما تمتح من النصوص العالمية المترجمة، إضافة إلى المسرحيات العربية المحورة والمعالجة لصالح الثيمة المحلية بديكوراتها ولهجتها وخصوصيتها الشعبية، ولذلك فإن مناورات الحتاوي واختراقاته الكتابية المتعددة لجسد النص المسرحي المحلي، هي اختراقات مشروعة ومطلوبة في ظل الجفاف الإبداعي الموازي لفقر الأسماء والمواهب في هذا السياق· بدأ الحتاوي حديثه في الجلسة التي قدمها المسرحي محمد سيد أحمد، بتطواف في سيرته الإبداعية التي تشكلت مع الكتابات الأدبية الأولى في مقاعد الدراسة، والتي تعززت واكتسبت نوعا من الانتباه الجمالي والمعرفي عندما ذهب الحتاوي للدراسة في الولايات المتحدة العام 1984 حيث الشعور المضاعف بالانفصال والحنين وانهمار الذاكرة من منابعها الأولى، ما جعله شغوفا بالكتابة التعويضية التي اتخذت من الشكل المسرحي مجالا لاستدعاء الغائبين في الوطن واستدعاء الحوادث والقصص وقولبتها وترويضها في النص المحلي، والذي وصفه الحتاوي بأنه نص كان أقرب للمحاولات والمناوشات أولى وغير ناضجة في التعامل مع فن الكتابة للمسرح· وأشار الحتاوي إلى أن أول نص مسرحي متكامل وواضح المعالم كتبه حمل عنوان: ''الصرخة''، إلا أن المخرج عمر غباش نصحه بتغيير العنوان إلى ''أحلام مسعود'' وأصر على أن يشارك هذا العمل في تظاهرة ''أيام الشارقة المسرحية'' في العام ،1994 والمفاجأة الأولى والمبكرة التي ورطت الحتاوي في المشهد المسرحي المحلي تمثلت في فوز العمل بجائزة أفضل نص مسرحي، وعلى الرغم من أن هذه الجائزة كانت بمثابة الصدمة المفرحة إلا أنها تحولت إلى فاتحة لبشارات أخرى تمثلت في مشاركته بأربعة نصوص دفعة واحدة في الدورة التالية للأيام والتي أقيمت في العام 1996 وهذه النصوص على التوالي: '' ليلة زفاف''، و''صمت القبور''، و''الملّه''، و''إنها زجاجة فارغة'' وثلاثة من هذه الأعمال حازت جوائز متعددة في التمثيل والإخراج والعمل المتكامل وحازت مسرحية ''ليلة زفاف'' جائزة أفضل نص مسرحي، تتابعت بعدها أعمال الحتاوي في الدورات المتلاحقة للأيام وحصل أغلبها على تنويهات والتفاتات من النقاد وأهل المسرح والجمهور، وتوزعت هذه الأعمال بين اللهجة العامية والفصحى وتعددت مواضيعها واتجاهاتها بين الهموم الاجتماعية وصولاً للقضايا السياسية العامة وليس انتهاءً بالمشاغل الإنسانية المتعانقة مع أسئلة الهوية والوجود والمعنى الفلسفي والنفسي، فظهرت نصوصه المتتابعة وتحولت على خشبة المسرح إلى أعمال متوهجه واستثنائية تارة وبين أعمال عادية ومكررة تارة أخرى ، ولكنها بالمجمل ساهمت في إضفاء نوع من الحراك والدافعية والمنتوج الكتابي المشحون بالمغامرة والحماس والتجريب، ونذكر من هذه الأعمال: ''عرج السواحل''، ''الياثوم''، ''زهرة''، ''زمزمية''، ''قضية بوخلف''، ''كل الناس يدرون'' وأخيراً ''الجنرال''· وأشار الحتاوي إلى أنه تأثر في بداياته بالأعمال المسرحية لـ''دريد لحام'' و''محمد صبحي''، أما التأثير الكبير والطاغي الذي ساهم في تغيير نظرته للكتابة المسرحية فتمثل في مسرحية: ''بنت عيسى'' التي كتبها وأخرجها ناجي الحاي في العام 1994 وارتكزت على وجود شخصيتين فقط في العمل ''مرعي الحليان، وهدى الخطيب''، حيث نبهته هذه المسرحية إلى أن النص المسرحي لا يقوم بالضرورة على المجاميع الكبيرة من الممثلين وتوزيع الأدوار والحوارات عليهم بالتساوي من أجل إضفاء الزخم والأهمية العددية للشخوص على الخشبة· وكنوع من العرفان ورد الجميل للمسرحيين الذين وقفوا إلى جانبه في بداياته أشار الحتاوي إلى أنه ممتن كثيراً للتوجيهات المشمولة بالمحبة والرعاية والمساندة والتي لقيها من مؤسسي المسرح المحلي والمشاركين بقوة في نهضته ووصوله لمرحلة النضج التميز، ويذكر من هؤلاء: أحمد الأنصاري، ماجد بوشليبي، عبدالله صالح، عمرغباش، سيف الغانم، علي خميس، إبراهيم سالم، وغيرهم ممن ساهموا في تشكيل وتوجيه المسار الإبداعي لنصوصه وكتاباته المسرحية· وأكد ''الحتاوي'' في نهاية حديثه البانورامي عن تجربته إلى أهمية الاطلاع والتعرف إلى التجارب الأخرى في أفق الكتابة للمسرح، لأن الركون والاعتماد على التجربة الواحدة، وعدم تجديدها وضخها بالقراءات والاكتشافات المعرفية، سوف يؤدي بالكاتب إلى التحنط والدوران في مساحة مغلقة ومعتمة ومتهاوية على ذاتها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©