الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الجلسة الثالثة في «منتدى الاتحاد» تحذر من اختطاف الثورات

الجلسة الثالثة في «منتدى الاتحاد» تحذر من اختطاف الثورات
23 أكتوبر 2011 09:59
سلطت الجلسة الثالثة والختامية في «منتدى الاتحاد السادس» على حركات التغيير في العالم العربي بين الاختطاف والعقلنة، وذلك ضمن رصد التطورات الراهنة على الساحة العربية. وترأس الجلسة د.خليفة السويدي أستاذ التربية بجامعة الإمارات. وقدم خلالها د.وحيد عبدالمجيد، مدير مركز الأهرام للترجمة والنشر ورقة تمحورت حول القوى التي قد تختطف الثورات الراهنة في مصر وتونس وليبيا واليمن. وتحت عنوان قوى التغيير... إلى أين؟، قدم د. وحيد عبد المجيد يوم الخميس الماضي رقة استهلها بالقول: ليس هناك ما يبعث على الاطمئنان بعد بشأن مستقبل الدول العربية التي حدث فيها تغيير والتي يطلق عليها “بلاد الربيع العربي”، وهي تونس ومصر وليبيا. عبد المجيد يرى أنه لا توجد ثقة كافية حتى الآن في أن قوى التغيير في هذه البلاد ستنجح في بناء نظم سياسية حرة عادلة ومستقرة تحقق الأهداف التي نزل من أجلها الناس إلى الشارع وعبرت عنها الشعارات الثورية. ولا يقين أيضاً- حسب عبدالمجيد- بشأن النتائج التي يمكن أن يسفر عنها مخاض التغيير في اليمن وسوريا، ولا بخصوص مصير البلدين في حال تحقيق هذا التغيير. وقال عبدالمجيد: بالنسبة إلى البلاد التي حدث فيها تغيير، كانت الآمال كبيرة والطموحات عظيمة. غير أنه ما أن غادر زين العابدين بن علي تونس وتنحى حسني مبارك في مصر ودخل الثوار طرابلس، وفر معمر القذافي منها حتى انتهى التوافق الضمني الذي جمع قوى التغيير على هدف “إسقاط النظام” بالرغم من أن بنية هذا النظام بقيت قائمة في مصر بصفة خاصة وفي تونس أيضاً بدرجة لا تقل كثيراً. ورأى عبدالمجيد أنه بانتهاء هذا التوافق وظهور الخلافات قديمها وجديدها وتحول بعضها إلى مصدر للانقسام، تراجعت الآمال والطموحات، وصارت المخاوف أكبر والهواجس أعظم. وأخذت المخاوف تزداد يوماً بعد يوم في البلدين اللذين حدث فيهما التغيير أولاً وبصفة خاصة في مصر. وظهر مثلها في ليبيا التي اختلف مسار التغيير فيها وأدواته دون أن يقترن ذلك باختلاف ملموس في المشهد الذي أنتجه هذا التغيير. ورأى عبدالمجيد أنه بالرغم من أن المخاوف الأكثر شيوعاً على صعيد اختطاف البلاد التي حدث فيها التغيير تتعلق بدور القوى الإسلامية في المشهد الجديد في هذه البلاد، ثمة قلق واضح في بعض الأوساط على الأقل من دور الجيش وخصوصاً في مصر حيث تولت قيادته (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) إدارة المرحلة الانتقالية فيها، وكذلك دور بعض الجماعات المسلحة، التي لا تنتمي كلها إلى القوى الإسلامية في ليبيا. وقدمت ورقة د.وحيد مدخلاً للتفكير في مستقبل “بلاد الربيع العربي” من زاوية محددة، تتصل بالمخاوف المثارة من إمكانية هيمنة قوى إسلامية على هذه البلاد، مع إشارة لابد منها إلى القلق من دور الجيش في بعضها وخصوصاً في مصر. هيمنة الإسلاميين وتطرق د. عبدالمجيد إلى أن الجدل حول هذا السيناريو في مصر بدأ قبل مرور شهر واحد على تنحي مبارك مقترناً بالإعداد للاستفتاء الذي أُجري في 19 مارس 2011 على بعض التعديلات الدستورية. فقد عمدت بعض القوى الإسلامية إلى تحويل هذا الاستفتاء إلى اختيار بين الجنة (التصويت الإيجابي) والنار (التصويت السلبي) اعتقاداً في أن رفض تلك التعديلات قد يؤدي إلى إلغاء مرجعية الشريعة الإسلامية وفق المادة الثانية في دستور 1971، التي تنص على أن مبادئ هذه الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع. وأشار عبدالمجيد إلى أنه لم يكن مثل هذا الجدل مثاراً في ذلك الوقت في تونس التي سبقت مصر إلى إبعاد رئيسها عن الحكم. ولكنه لم يلبث أن أطل برأسه، وإن بدرجة أقل حيث ظلت المخاوف من هيمنة الإسلاميين أقل بسبب اختلاف أوضاع القوى الإسلامية في البلدين خلال العقدين الأخيرين، ولأن أخطاء إدارة المرحلة الانتقالية تبدو أكثر في مصر مقارنة بتونس. ويرى عبدالمجيد أن محدودية وزن القوى الإسلامية في “الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي” التي تدير عملية الانتقال الديمقراطي عاملاً أساسياً للحد من المخاوف من هيمنة الإسلاميين في تونس، على الأقل إذا قورنت بمثلها في مصر ثم في ليبيا. المراحل الانتقالية ولدى عبدالمجيد رؤية مفادها أن خريطة الطريق في المرحلة الانتقالية كانت أكثر وضوحاً في تونس منها في مصر. فقد تم التوافق مبكراً في تونس على انتخاب مجلس تأسيسي يضع مشروع الدستور الجديد ويقوم بدور البرلمان خلال فترة إعداد هذا المشروع، ثم تُجرى انتخابات برلمانية فور إصدار الدستور. وأصبحت الخريطة أكثر وضوحاً في منتصف سبتمبر الماضي عندما وقع معظم الأحزاب الممثلة في “الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي” وثيقة “إعلان المسار الانتقالي” التي نصت على أن مدة المجلس التأسيسي الذي سينتخب (اليوم الأحد 23 أكتوبر الجاري) لا تزيد على عام واحد. وحدث ذلك نتيجة توافق بين الحركة الإسلامية الرئيسية (النهضة) والأحزاب العلمانية الأساسية وفي مقدمتها “الديمقراطي التقدمي” و”الديمقراطيين الاشتراكيين” والتكتل من أجل العمل والحريات، الأمر الذي جعل الأجواء السياسية العامة أفضل مما هي عليه في مصر. وأشار د. عبدالمجيد إلى أن العلاقة بين الإسلاميين وغيرهم كانت أكثر تعقيداً في مصر، و لا تزال، بالرغم من تأسيس تحالف سياسي وانتخابي يضم أكبر القوى الإسلامية (حزب الحرية والعدالة المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين) وأهم القوى الليبرالية (حزبي الوفد والغد) والقوى الناصرية. فقد بدا هذا التحالف هشاً بعد أن أعاد الصدام السياسي الذي حدث في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي إنتاج أجواء الاستقطاب الإسلامي – العلماني. وساهم سوء إدارة المرحلة الانتقالية في استمرار هذا الاستقطاب. المستقبل في “الصناديق” وخلص عبدالمجيد إلى استنتاج مفاده أن مستقبل أي بلد على أعتاب انتخابات يظل كامناً في صناديق الاقتراع بافتراض أن هذه الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، يبدو أن ثمة مبالغة في المخاوف من هيمنة الإسلاميين حتى في مصر، وليس فقط في تونس التي كانت هذه المخاوف فيها أقل نسبياً ولاتزال. واستنتج عبد المجيد أن احتمال حصول القوى الإسلامية على الأغلبية في انتخابات 23 أكتوبر في تونس، والانتخابات التي ستبدأ قبيل آخر نوفمبر في مصر، يبدو مستبعداً. وتوقع عبد المجيد أن الميزان الانتخابي قد لا يكون راجحاً بقوة لمصلحة الإسلاميين في تونس بعد عقود عاشها الشعب في ظل نظام ربما يجوز القول إنه الوحيد في العالم العربي الذي يعتبر علمانياً. ورأى عبد المجيد أنه ربما يكون العامل الأساسي وراء ازدياد المخاوف من هيمنة الإسلاميين في مصر هو خروج القوى السلفية من عزلتها وانغماسها الكامل في الدعوة الدينية، وحضورها في قلب المشهد السياسي بشكل مفاجئ على نحو أثار خوفاً في كثير من الأوساط، في الوقت الذي لم تعد جماعة “الإخوان المسلمين” مطاردة أمنياً، وباتت تتحرك بحرية وأسست حزبها السياسي “الحرية والعدالة” معتمدة على أرضية واسعة وكوادر منتشرين في أنحاء البلاد. كتل مشتتة وقال عبد المجيد: بدا المشهد مقلقاً لعدد غير قليل من الأحزاب والحركات والجماعات السياسية والاجتماعية، وخصوصاً عندما هيمن السلفيون على جمعة 29 يوليو الماضي وجعلوها إسلامية وحشدوا لها، فبدوا كما لو أنهم جاؤوا من كل فج عميق على نحو خلق أصداء شتى من الخوف. واستنتج عبد المجيد أن الإسلاميين في مصر ليسوا موحدين ولا يسهل توحيدهم إلا في ظرف استثنائي. ولذلك فالأرجح أنهم سيخوضون الانتخابات متنافسين وليسوا متكتلين فكثيرة هي الأحزاب والجماعات الإسلامية التي تتحرك في ساحة سياسية تبدو خريطتها مليئة بالتضاريس الوعرة. وتزداد هذه الخريطة تعقيداً كلما اقترب موعد الانتخابات. وأضاف عبدالمجيد أن الخلافات السياسية والفقهية بين الإسلاميين، فضلاً عن التراكمات السلبية للعلاقات بين بعض أطرافهم، تجعل تحالفهم انتخابياً بشكل كامل بعيد المنال إلا في حالة حدوث استقطاب إسلامي- علماني حاد. فهذه مرحلة يُعاد فيها رسم خريطتهم. وفي مثل هذه المراحل يزداد الميل إلى الفرز، ومن ثم إلى التمايز والاختلاف. وربما يكون صعباً كذلك بناء تحالف يضم الأحزاب والجماعات والمدارس السلفية كلها لأن ما خفي من خلافات بينها ربما يكون أعظم مما ظهر حتى الآن. وأشار عبدالمجيد إلى أن صورة المشهد السياسي في ليبيا أقل وضوحا منها في مصر وتونس، وهذا طبيعي لأن إنجاز التغيير تأخر لأكثر من ستة أشهر مقارنة بثمانية عشر يوماً في مصر وثمانية وعشرين يوماً في تونس، فضلًا عن أنه لم يكتمل نهائياً حتى إعداد هذه الورقة.ويرى أن مؤشرات الانقسام بين الثوار بدأت مبكرة جداً. وسبق بعضها دخولهم طرابلس عبر مقتل قائدهم العسكري أبو بكر يونس. كما ظهرت المخاوف من دور الإسلاميين كما حدث في مصر وتونس مضافاً إليها بعداً آخر هو أن بعض أبرز هؤلاء الإسلاميين انتهجوا سبيل العنف واقتربوا من تنظيم “القاعدة” قبل أن يراجعوا مواقفهم. وقال عبدالمجيد إن “الجماعة الإسلامية المقاتلة” في ليبيا ظلت مسلحة، بخلاف “الجماعة الإسلامية” في مصر، بل قامت بدور رئيسي لا يزال مداه غير واضح في العمليات العسكرية ضد قوات القذافي، وكان أحد قادتها (عبد الحكم بلحاج) هو قائد قوات الثواّر التي دخلت طرابلس. ليبيا لم تبح بأسرارها واستنتج عبدالمجيد أن ليبيا لا تزال صندوقاً مغلقا لم يبح بأسراره بعد بخلاف حالتي مصر وتونس، فقد يكون افتراض صعوبة أن يطغى الإسلاميون على غيرهم أو يخطفوا ليبيا هو الأرجح، وخصوصاً في ظل التباعد بين الطرفين الرئيسيين وهما “الجماعة الإسلامية” و”الإخوان المسلمين”. حكم عسكري يكاد القلق من هذا السيناريو أن يقتصر من وجهة نظر عبدالمجيد على حالة مصر. وبالرغم من عدم وجود شواهد تدعمه في الواقع، فهو مثار لسببين: أولهما وجود الجيش فعلياً في السلطة عبر تولى قيادته ممثلة في “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” إدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية. والثانية هي وجود تجربة سابقة عقب ثورة 1952 عاد شبحها يلوح من وقت إلى آخر بعد ثورة 2011. وقال عبدالمجيد إن إثارة هذا السيناريو من وقت إلى آخر في مصر ترتبط عادة بحدوث مشكلة ما أو أزمة بين المجلس العسكري وبعض قطاعات المجتمع، إذ يتم استدعاء “سيناريو مارس 1954” عندما كانت البلاد قاب قوسين أو أدنى من الحكم الديمقراطي المدني وتم إعداد مشروع دستور لا يزال البعض يراه صالحاً مع بعض التعديلات، قبل أن يُسدل الستار على الإجراءات التي اتُخذت لإجراء انتخابات حرة وإنهاء الحكم العسكري. الجيش و25يناير ويثير ذلك قضية العلاقة بين ثورة 25 يناير والجيش والأسئلة المتعلقة بها، وفي مقدمتها سؤالان أساسيان، أولهما عن تقييم أداء المجلس العسكري منذ توليه إدارة شؤون البلاد، والثاني عن حقيقة موقف القوى السياسية وتجمعات الشباب وائتلافاتهم تجاهه. فقد اختار المجلس العسكري في مصر منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها إدارة شؤون البلاد طريق الشرعية الدستورية لا الشرعية الثورية، بالرغم من أن وجوده في موقع رئيس الدولة فعليا كان نتيجة ثورة وقف معها منذ أن نزلت القوات المسلحة إلى الشارع بعد ظهر الجمعة 28 يناير الماضي (جمعة الغضب). حكومة ضعيفة وحاول عبدالمجيد توصيف المشهد السياسي المصري قائلاً: توازى ارتباك المسار السياسي والانقسام بشأنه وبطء المسار القضائي مع غياب المسار الاجتماعي المتعلق بالشروع في الحد من الظلم الفادح والتناقض الطبقي الصارخ. فقد عجزت حكومة عصام شرف عن اتخاذ أي إجراء يعيد الأمل في إمكان تحقيق عدالة اجتماعية مفقودة. وأشار عبد المجيد إلى أنه لم تتوفر إجابات على أسئلة من نوع سبب تمسك المجلس العسكري بحكومة ساهم ضعف أدائها في توسيع الفجوة بينه وبين قطاع في المجتمع وخصوصاً شباب الثورة يوما بعد يوم، ومغزى عدم تدخله للاستجابة إلى مطالب يسهل تحقيقها أو الشروع في ذلك مثل تسريع المحاكمات وتطهير وزارة الداخلية واستبعاد وزراء النظام السابق وما إلى ذلك. خطر التباطؤ ورأى عبدالمجيد أن الجدل حول السؤال الخاص بما إذا كان هناك تباطؤ أم تواطؤ أخذ يزداد بالرغم من أن الموقف المشرف، الذي اتخذه الجيش مع الثورة منذ بدايتها يكفي لاستبعاد الافتراض الخاص بالتواطؤ. واستنتج عبدالمجيد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية اختار مساراً سياسياً لبناء النظام الجديد من أعلى (البرلمان والرئاسة) وليس من أسفل (المحليات والنقابات العمالية والمهنية والجامعات وغيرها). قُدمت إلى المجلس اقتراحات تفيد أن بناء الديمقراطية يكون أفضل وأكثر صلابة حين يبدأ من أسفل ودون أي إخلال بالموعد الذي حدده مبدئيا للانتخابات البرلمانية في الخريف المقبل. وحسب عبدالمجيد كان ممكنا إجراء انتخابات محلية وأخرى عمالية شاملة وثالثة للنقابات المهنية كلها وفي الجامعات في الفترة بين مايو ويوليو 2011، قبل الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية في نوفمبر بعد فتح باب الترشيح لها في سبتمبر. وفي معرض تعقيبه على ورقة د. وحيد عبدالمجيد، قدم الأكاديمي الإماراتي د. علي راشد النعيمي ورقة، عنونها بـ”خطورة اختطاف الربيع العربي”. النعيمي أثنى على ورقة عبدالمجيد على شمولية الورقة المقدمة للمنتدى و محاولة الإحاطة بموضوع ما زال في طور التشكل ويتغير باستمرار و هو موضوع الربيع العربي. وقال النعيمي: لا شك أن حدوث هذا الربيع شكل صدمة لكل القوى الفاعلة في داخل العالم العربي وخارجه. وأول المصدومين هي الأنظمة العربية التي استهدفها هذا “الربيع” و شكل شؤماً عليها ولذالك فإنها قد استهانت به في بدايته واستخفت بالشباب الفاعل فيه ولم يمكنها الوقت من إدراك حجم القوة الدافعة له حتى انهار بعضها. وحسب النعيمي تفاجأ بهذا “الربيع” الأحزاب والقوى السياسية التقليدية العربية والتي اتخذت موقف المتفرج عند بداية التحرك ثم عملت بعد ذلك على ركوب الموجة ومحاولة اختطاف «الربيع» ونسبتـه لها، كقـوى الإسـلام السياسـي بمصر وسوريا و ليبيا و حزب “النهضة” بتونس وحزب” الإصلاح” باليمن و “الجماعة الإسلامية المقاتلة” بليبيا و غيرها. دوافع غير دينية وخلص النعيمي إلى قناعة مفادها أن دافع هذه الثورات ليس دينياً، فلم يتحرك الشباب لأسباب دينية أوبناء على فتاوى شرعية، بل كان تحركاً وطنياً لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة لجميع المواطنين. وطالب النعيمي بدعم الشباب الذي ضحى بكل شيء من أجل دولة العدالة والقانون وأن نمنحه الثقة التي اكتسبها عن جدارة بتضحياته. و الشباب الذي واجه الرصاص بجسده و تحـدى النظام البوليسـي بالفيسبوك وتويتر قادر على مواجهة كل من يحاول أن يحيد بالثورة عن مسارها الصحيح. حذار من التهويل ولفت النعيمي الانتباه إلى أن هناك تهويلاً من الداخل والخارج لقوى الإسلام السياسي، فمن الداخل تعمل هذه القوى لإبراز دورها وتضخيم حجمها حتى تحقق مكاسب خلال المخاض السياسي للربيع العربي، وأما التهويل الخارجي فهو لارباك القوى السياسية الوليدة والعمل على ربطها بالمصالح الخارجية. وتوقع النعيمي أن محاولة تبني النموذج التركي للمستقبل العربي في التوفيق بين الحركات الإسلامية والنظام العلماني قد لا يكتب لها النـجـاح لان ثقـافـة الـديمقراطـيـة و المشـاركــة والتداول السلمي للسلطة تعد متجذرة في المجتمع التركي بينما ما زالت المجتمعات العربية تعاني من الفكر الإقصائي. شرعيات ثلاث وقدم الأكاديمي المغربي د.عبدالحق عزوزي، ورقة حملت عنوان “عقلنة التغيير بدل التثوير والتهييج”. واستهل عزوزي تقديم ورقته بعبارة لجان جاك روسو مفادها أن “القوة لا تصنع الحق”، وهذا يعني أنه مهما توفر النظام السياسي على أجهزة القمع المادي، لن يضمن استمراره في القرن الواحد والعشرين وفي عالم “التويتر” و”الفيسبوك”. وقال عزوزي إن “ماكس فيبر” ميز بين ثلاثة أنواع من الشرعية: الشرعية التقليدية والشرعية الكاريزمية والشرعية العقلانية؛ فالأولى تستند إلى مراجع عصبوية ودينية، وهي تحيلنا إلى التحليل الخلدوني للدولة، أما الثانية من وجهة نظر العزوزي، فتستند إلى مراجع إيديولوجية ثورية اجتماعية سياسية لإلهاب حماس الجمهور وتجذير الشعور لديه بقدرة الثورة على إحداث التنمية والتقدم، وهو ما وقع مثلاً في فترة عبد الناصر في مصر. أما الثالثة، فيقول عزوزي إنها تتمثل في الشرعية العقلانية الدستورية، حيث إن الشعب يكون مصدر السلطات والثورة الحقيقية تكمن في الديمقراطية. نموذج ناجح وأشار عزوزي إلى أن فرص التحول السريع إلى الديمقراطية مسألة في غاية الصعوبة والحساسية، ولا يعني بمجرد إحداث ثورة شعبية أو تدخل دبابات أجنبية أن الديمقراطية سَتُثَبَّتُ أركانها، بل بالإمكان أن تتلاشى مكاسب الثوار ومساعي الحكام الجدد، بل قد يعجزون عن المدافعة عن أنفسهم. وقال العزوزي إن فيليب شميتر وتيري كارل (وغيرهما كخوان لينز وألفريد ستيبان)، وهم من أكبر الدارسين والمختصين للانتقالات الديمقراطية في العالم، أكدوا في دراساتهم للتجارب العسيرة والمريرة التي مرت بها العديد من الدول في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية والجنوبية، أن من بين الأنماط الأربعة للانتقالات الديمقراطية المعروفة (عن طريق ثورة، عن طريق ديمقراطية مفروضة من الخارج، عن طريق تأثير الدول المجاورة أو عن طريق الميثاق التعاقدي)، يبقى نمط الميثاق التعاقدي أنجع وسيلة لتثبيت أركان الديمقراطية الحقة دون إراقة الدماء وزوال المؤسسات وهيبة الدولة. التجربة العراقية وعرض عزوزي لتجربة الانتقال في العراق عن طريق ديمقراطية مفروضة من الخارج، حيث الديمقراطية جاءت على ظهر الدبابات والصواريخ الأميركية؛ فمنذ ربيع 2003 والديمقراطية المفروضة في العراق بتراء مفتقرة إلى قواعد السياسة، ولم يؤمن المسلسل فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصواب في تسيير الشأن العام، وظهر ذلك في إحصاءات مفادها أن ثمة خمسة ملايين أمي في العراق، بعد أن كان خالياً من الأمية عام 1991. ووجود مليوني أرملة وخمسة ملايين عراقي مهجرين في الداخل والخارج. وخدمات تحت الصفر. مآلات متعثرة وقال العزوزي بالنسبة للدولة التي عرفت زوال أعمدة النظام عن طريق حراك جماهيري واجتماعي، وأقصد بها تونس ومصر وليبيا، فمازالت التجربة في مهدها ولا يمكن الحكم أو الجزم بنجاحها على المدى المتوسط أو القريب.! وأكد العزوزي أن آليات الانتقال عبر التوافق التعاقدي، وهو الانتقال الذي ينطبق عليه مفهوم “عقلنة التغيير بدل التثوير والتهييج”، بإحداث ثورة ديمقراطية هادئة بعيداً عن ويلات الفوضى واللامجهول وإمكانية الرجوع إلى سلطوية أشد فتكاً وأكثر خديعة ومكراً. قاعدة الضمانات المتبادلة وفسر العزوزي الميثاق السياسي على أنه “اتفاق بين مجموعة قوى ساعية لتحديد -أو إعادة تحديد- القواعد التي تحكم ممارسة السلطة على قاعدة ضمانات متبادلة للمصالح الحيوية لكل الأطراف المشاركة في العملية”، وهي بذلك تكون جامعة لبعض الشروط الأساسية. هذا الميثاق- حسب رأي العزوزي- اتفاق صريح، ولو لم يكن معللاً علناً بين مجموعة القوى السياسية، أي النخبة السياسية في الحكم والنخبة السياسية في المعارضة والمجال السياسي العام. وقال العزوزي إن قاعدة الضمانات المتبادلة تكون محترمة، بحيث إن طرفي المعادلة يحرصان على عدم المساس بالمصالح الحيوية لكل طرف. كما أن قاعدة التنازلات المتبادلة يجب أن تكون مقرونة بجهد فكري وميداني، تجعل كل طرف يعي حدود التنازلات وحساسية المجال التفاوضي السياسي. وفي آخر هذا المطاف يؤدي الميثاق التعاقدي، على حد قول العزوزي- إلى استحكام هياكل الديمقراطية. التجربة الجزائرية وتطرق عزوزي للجزائر حيث ظل الجيش الضامن والساند الأساسي لها والممارس الفعلي للحكم خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الهواري بومدين في يونيو 1965؛ وشكل النظام بتحالف الجيش وجبهة التحرير الوطنية (الحزب الواحد) نظاماً مغلقاً إلى حدود نهاية ثمانينيات القرن الماضي حيث جاء دستور 1989 لتكريس الفصل بين الحزب والدولة وإلغاء احتكار “جبهة التحرير” لعمليات الترشيح في الانتخابات، وإلغاء النص الذي يقول إن رئيس الجمهورية يمثل وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة، وإلغاء نظام الحزب الواحد؛ ولكن مع الانتخابات التشريعية حصلت “الجبهة الإسلامية” على أغلبية الأصوات بمعنى أن المسلسل السياسي أدى إلى المعادلة السلبية بفوز نهائي للإسلاميين وهزيمة نهائية للجيش، وهو ما كانت لتقبله النخبة العسكرية، فدخلت البلاد في فوضى سياسية عارمة تعدت العشر سنوات، وراح ضحيتها ما يزيد على مائة ألف جزائري قبل أن تأتي دساتير جديدة بما فيها دستور 1996 . تجربة تونس واستنتج عزوزي أنه في عهدي بورقيبة وبن علي، كانت التجربة التونسية فاقدة لأي نوع من أنواع الميثاق السياسي التعاقدي بسبب قوة وهيمنة الحزب الحاكم، وهو حزب “التجمع الدستوري الديمقراطي”، وكون رئيس الدولة المسؤول الأول عن الحزب، حيث جعلته يهيمن على الفضاء السياسي، ومن ثم كانت هيمنة الدولة على المجتمع السياسي برمته، وما تبع ذلك من تكميم لأفواه المعارضة؛ ومن ثم تمأسست الثنائية الشهيرة “الحزب-الدولة” إلى أن حصلت ثورة “الياسمين” التي خسفت بالنظام. تجربة المغرب وقال العزوزي إن المغرب هو الدولة المغاربية الوحيدة التي مَنعت منذ استقلالها نظام الحزب الواحد ولم ينتم عاهل البلاد إلى أي حزب سياسي، لأن ذلك كان سيخالف محددات الشرعية القائمة في هذا البلد والمبنية على رباط تاريخي بين العاهل والشعب يعبر عنه في احتفال البيعة الذي تقيمه الأمة/ الجماعة بكل مكوناتها إضافة إلى سلالته الشريفة؛ وهذان العاملان يعطيان لملك المغرب شرعية تاريخانية ومؤسساتية دينية تنزهه عن الصراعات والتحزبات التي يمكن أن تعرفها البلاد؛ ومثل هذه الشرعية كانت غائبة في تونس والجزائر عند الاستقلال، فاستندت شرعية النظام إلى الحزب الحاكم (تونس) أو إلى الجيش (الجزائر). صحيح أن التعدد السياسي منذ استقلال المغرب كان تحت المراقبة، ولكن محددات السياسة في المغرب سمحت للمعارضة بالعمل السياسي والجرأة السياسية حيث توالت المطالب بالإصلاحات الدستورية والسياسية. خلاصة القول إن الميثاق التعاقدي أو السياسي من أنجع الوسائل السلمية التي تسمح بإحداث انتقال ديمقراطي ناعم ومرن، ومن دون تثوير أو تهييج، وهذا يتطلب دهاءً سياسياً من الحاكم والنخبة السياسية في الحكم، ومن المجتمع المدني والسياسي في المعارضة؛ وكان بإمكان هذا الميثاق التعاقدي أن يطبق مثلًا في اليمن وسوريا لو تمتع قادتهما بهذا الدهاء السياسي، وكان بإمكانه أن يطبق في تونس بن علي وعراق صدام وغيرهما. وقدم المفكر د. خالص جلبي مداخلة عقب فيها على ورقة عزوزي، واستهلها بالقول: أنا أكرر مع أرسطو قوله لأفلاطون: أنت عزيز علي ولكن الحقيقة أحب إلي. هل أصاب “روسو”؟ العزوزي قال نقلاً عن روسو (القوة لا تصنع الحق) فهل أصاب روسو؟ ينقل لنا التاريخ عكس هذه المقولة، وسرد جلبي بعض الوقائع منها أن هنري الثامن في بريطانيا أسس كنيسته بالسيف. إذا هذه الجملة (جدلية الحق والقوة) يجب إعادة النظر فيها. ويواصل جلبي تعقيبه على ورقة عزوزي مفنداً الفكرة الثانية ما استنتجه الأخير من أن أجهزة القمع المادي ليست كافية لضمان استمرار الملك في القرن الواحد والعشرين في عالم التويتر والفيسبوك، معتبراً أن الظلم والجبروت كما يقول عالم الاجتماع “الوردي”، لم يؤدي قط إلى ثورة بل وعي الثورة. وهناك العديد من الأمم عاشت في مراتع الظلم قروناً. وفيما يتعلق بالفيسبوك والتويتر وكل التقنيات الحديثة قد تكون أداة لمزيد من الخوف بقيادة الجيش الإلكتروني الماوي في الصين التي تشكل ربع سكان الأرض، ولم يطبع كم هائل من الخرافة كما حصل مع اختراع المطبعة. فلا الظلم ولا التكنولوجيا شرط نهائي جامع مانع لانفجار الثورات. بل قد تخدم الانفوميديا الخرافة أكثر من العلم. وانتقد جلبي تصنيف العزوزي للشرعيات حول الشرعيات: التقليدية والكاريزمية والعقلانية؛ قائلاً لا الأولى شرعية، ولا الثانية شرعية، ويحوم الضباب حول الثالثة! فأما العصبية فقال بها ابن خلدون ووافقه في هذه فقهاء السلطة بأن الحكم يؤخذ بحد السيف وقهر العباد إلى يوم التناد، فيتحول الاغتصاب إلى زواج شرعي! . كما أن الشرعية الكارزمية الثانية لدى جلبي لم تزد عن حمى متواصلة من الانقلابات العسكرية المشؤومة التهم فيها الجناح العسكري المدني كما تلتهم أنثى العنكبوت ذكرها. خرافة “الدستورية”! وواصل جلبي نقده للشرعية الثالثة وهي العقلانية، قائلاً “العقلانية الدستورية خرافة لأمة فيها 60% من الأمية”. الديمقراطية كما قال جلبي ليست ماء موحداً كما يقول الباحث فماء البحر لا يشرب ولابد له من تحلية، والديمقراطية ليست صناديق الاقتراع بل وعي الشعوب، ولم يتم تزوير الانتخابات كما حصل في صناديق الاقتراع في سوريا ومصر، بل تم انتخاب صدام مائة بالمائة قبل أن تأتيه ضربة الصدمة والدهشة فيصبح هباء تذروه الرياح. وأشاد جلبي بفكرة عزوزي عن التحول إلى الديمقراطية أنها عملية غاية في الصعوبة أعتبرها من أهم أفكار البحث. جلبي أكد على أهمية اللاعنف في المشهد الراهن، حيث لا هزيمة ساحقة وفناء لطرف على حساب طرف، بل تعادل وحب والتحام الإرادات. ويقول جلبي: فكرة اللاعنف حسب غاندي مخرج مشرف لكل الأطراف فالعنف يلغي الآخر واللاعنف يوجد الملغي الآخر، لتخرج الإرادتان بقوة جديدة مشتركة. وقال جلبي: في أرض الشام سيحسم مصير الثورة العربية الكبرى؛ إما إلى شاطئ الحرية أو العودة للعبودية قرنا آخر، فقد كانت في تونس ومصر نزهة مقابل ما يحدث بين القامشلي ودرعا. ولعل العالم لم يشهد قمعاً وقتلاً مرعباً كما تفعل الآلة الجهنمية في سوريا. وفي نهاية تعقيبه، أهدى جلبي كتابه المعنون بـ «النقد الذاتي» للدكتور عبدالحق عزوزي. وبعدما نوه د. خليفة السويدي لبدء مداخلات الحضور، كانت المداخلة الأولى من نصيب د. رضوان السيد، أستاذ الفلسفة بالجامعة اللبنانية. “السيد” رأى أن هناك عدة أشكال للتحول، وردت في ورقة عزوزي، الذي يفضل من بينها الميثاق التعاقدي وفق منطق التحدي والاستجابة. المشكلة-من وجهة نظر عزوزي- ينبغي طرحها في نموذجين لا يتحققان إلا في المغرب ومصر. وحسب “السيد”، هناك أمل في مصر بأن يترسخ بها نوع من الشرعية في مصر، فثمة حراك في المجتمع المدني منذ سنوات طويلة يسمح لحراك كبير في المستقبل. وبعد الثورة السلمية الكبرى يمكن أن تنتظم المرحلة الانتقالية، ربما في فترة تتراوح ما بين 2 أو 5 سنوات. أما بالنسبة لبقية الدول العربية الأخرى، فكل أنظمتها يصعب أن تتنازل ويصعب وجود تنازلات متبادلة فيها. د. صالح المانع، يرى أن حلف “الناتو” ساعد الليبيين على إسقاط القذافي لكن لم يساعدهم على الاستقرار والحكم المدني... يجب مساعدة الليبيين، بحيث يتمكنوا من الانتقال من حالة ثورية إلى حالة سلمية، وهذه الأخيرة لن تتم من دون مرحلة ديمقراطية أما د. علي الطراح، سفير الكويت في اليونسكو، فأشار إلى أن استبداد الدولة واستبداد الحزب السياسي، يجعلان من التنازلات التعاقدية صعبة. وأضاف الطراح أن ثمة تراكمات للثقافة الاستبدادية، وعلينا أن نفكر جدياً في مواجهة هذه الثقافة. من جانبه لفت د. عبدالله الشايجي الانتباه إلى وجود تحديات جديدة في الدول التي واجهت ثورات: فمثلا مصر أحداث ماسبيرو، وفي تونس نشهد صعوداً للتيار الإسلامي، وليبيا الآن أمام تساؤلات مرحلة ما بعد القذافي، وإلى أين يذهب “الناتو”، وإلى أين ستذهب سوريا، خاصة أن هناك مطالب من مراكز أميركية بحثية تطالب بتدخل أميركي في سوريا. شعراوي يرد على المدني من جانبه أشار الباحث البحريني د.عبدالله المدني إلى أن بعض النشطاء في مصر واليمن والبحرين ترددوا على الولايات المتحدة خلال الفترة التي سبقت الثورات، كي يتدربوا في معهد “واشنطن للديمقراطية” التابع للحزب “الديمقراطي” الأميركي. هذه المداخلة أثارت رداً من حلمي شعراوي ، الذي انتقد ما ورد بمداخلة “المدني”، حول تعاون نشطاء الثورة في مصر والبحرين واليمن مع الأميركيين، قائلاً: هذا الاتهام يصعب البناء عليه من الناحية الموضوعية، وأن حركة 6أبريل المتهمة بالتعاون مع الخارج، هي من أكثر الحركات تنظيماً في مصر، وأعضاؤها هم من نسقوا للحركة العمالية في المحلة، ما اضطر الأمن المصري إلى التعامل معها بقسوة شديدة. التحدي والاستجابة ونوّه الأكاديمي القطري د. عبدالحميد الأنصاري، إلى أن الاستجابة الحقيقية للتحديات التي يمثلها الغرب بالنسبة للمنطقة العربية، تكمن في بناء الديمقراطية الحقيقية، حيث الاستجابة من خلال البناء وليس الثورة. أما الكاتب الكويتي خليل علي حيدر، فعلق على المشهد المصري الراهن قائلاً: لابد من العودة في مصر إلى العمل والإنتاج وإلى تراكم عملاتها الصعبة، وتغيير التعليم، ثمة ولع لدى المثقفين بالثورات، لكن هناك مشكلات مثل المياه ووادي النيل خاصة بعد انفصال جنوب السودان. وضمن مداخلته التي رد خلالها على د. عزوزي، قال الأكاديمي الكويتي د. شملان العيسى: عزوزي يربط مصير التطورات السياسية بالأحزاب، لكن هذه الأحزاب غالباً ما تكون إقصائية، فكيف يمكن التعامل مع أحزاب لا تؤمن بالآخر؟ د. شملان استنتج أنه في الخليج هناك ركوب لموجة الحزبية ويتم تبرير توجهات قبلية إقصائية حيث نجد إسلاماً سياسياً وإسلاماً طائفياً وإقصائية إسلامية لا يمكن التعايش مع الإسلام السياسي في إطار حزبي.. نريد أحزاباً علمانية. أما د. ذِكْر الرحمن- الباحث الهندي، فطرح تجربته الشخصية المتمثلة في زيارته لليبيا قبل شهرين، حيث استوقفه بعض قطاع الطرق وطلبوا منه مبلغاً مالياً كي يسمحوا له بالمرور، ولذلك طالب بضرورة معالجة الحالة الأمنية في ليبيا. أما الكاتب العراقي د.رشيد الخيون، فركز في مداخلته على الحالة العراقية، قائلاً: من الناحية العقلانية هناك فساد عال جداً في العراق، لكن يجب إدراك دور الحصار الذي كان مفروضاً على العراق قبل 13 عاماً قبل سقوط صدام، كل الشخصيات العراقية الكفؤة خرجت من العراق، حيث كانت التداعيات كارثية...ما جرى في العراق بعد سقوط صدام يكشف فشل الإسلام السياسي في إدارة أي أزمة. ولفت خيون إلى أن انتصار “القائمة العراقية” يعكس أن الناس في العراق ليسوا مع الإسلام السياسي. تدريج في الخليج وطرح خالد الحروب تصوراً مفاده أن الميثاق التعاقدي قابل للتطبيق في الخليج والأنظمة الملكية. وهناك فرصة ذهبية لتطبيق ميثاق تعاقدي تدريجياً علماً بأن دول مجلس التعاون هي الآن الكتلة التي لا يمكن الاعتماد عليها للعب دور تجاه المشكلات الراهنة العرب لم يتوفوا من جانبه أشار د. عمار علي حسن- الباحث المصري- إلى أن العرب لم يتوفوا ولديهم ما يقدمونه للحضارة الإنسانية، الثورة المصرية والتونسية قدمتا نموذجاً في التغيير السلمي. وتساءل د. عمار: هل كان من الممكن أن يقدم ملك المغرب إصلاحات إلا تجنباً لرياح التغيير كي لا تهب على بلاده؟ الشعوب يجب أن تحصل على حقوق والتعاقد يجب أن يحدث بين قوتين وطرفين قادرين على صياغة القرار. ورد عزوزي على مداخلة عمار قائلا: (بالنسبة لملك المغرب، أتمنى أن يكون كل الرؤساء تنازلوا لصالح الاستقرار مثلما حدث في المغرب). ورد أيضاً على مداخلة ولد أباه التي دافع فيها عن تونس، بالإشارة إلى تونس كان المجال مغلقاً على حزب واحد فقط، ولم يكن لهذا جواب سوى الثورة؟ وأكد عزوزي على أهمية الأحزاب، قال إن مستقبل الدول العربية مبني على الأحزاب فهي القادرة على تجسيد المطالب السياسية. ومن الأهمية بمكان الاهتمام بالأحزاب السياسية والشباب في العالم العربي. “فيتو” ضد الإقصاء وركز د. وحيد عبدالمجيد، على مسألة يراها مهمة الآن، وهي أنه بعد ثورة ديمقراطية لا يمكن إقصاء أحد. الدرس الأساسي لدى عبدالمجيد، هو أن نضع حداً لمنهج الإقصاء، لابد من وضع “فيتو” عليه.القذافي قتل يوم الخميس بعدما كان قد قتل المئات، كانت لديه 2000 دبابة وأسلحة عاتية ذهبت سدى، لابد إذن من الثقة في الشعوب. من جانبه أجرى د. علي النعيمي مداخلة قال فيها: الأنظمة التي سقطت كانت تقدم شعوبها ومصالحها على طبق من ذهب للغرب.وحسب النعيمي: فان موقف الغرب من الثورات ليس أخلاقياً بل مبني على مصالح لا عواطف. وقال د. خليفة السويدي رأيت ما كتب عن الثورات، وخرجت بقناعة أن الأنظمة التي تعرضت لثورات كانت أشبه بأهل الكهف، الذين فاتتهم تطورات تراكمت عبر السنوات، فالآن هناك جيل أكثر وعياً وأكثر عقلانية...أهل الكهف لم يدركوا حقيقة التغييرات ولابد من التواصل مع الجيل الجديد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©