أعلنت كبرى الشركات العاملة في تجارة النحاس وتعدينه، عن توقعاتها بتفوق العرض على الطلب بحلول العام المقبل مع بدء موجة جديدة من المشاريع في الإنتاج، ما يشير إلى استمرار تراجع أسعار المعدن. وانخفض سعر النحاس الذي يستخدم في أسلاك التوصيلات الكهربائية بنسبة قدرها 30%، بعد أن حقق أرقاماً قياسية في 2011، وذلك في ظل بطء الطلب الصيني وارتفاع معدلات الإنتاج.
ويعكس التحول نحو الفائض، التغيير الكبير في توجهات السوق إبان العقد الماضي، عندما أدى انتعاش نمو اقتصاد الصين إلى جانب استمرار سوء أداء المناجم، إلى ارتفاع كبير في أسعار النحاس. وأصبح المعدن صفة ملازمة لما يطلق عليه اسم “دورة السلع العظمى”، وسبباً في جني أرباح ضخمة لشركات مثل كوديلكو وفري بورت ماكموران، وللدول المصدرة الرئيسية مثل بيرو وشيلي وزامبيا.
وتوقع وزير التعدين الشيلي هيرمان دو سولمينهاك، تراجع الأسعار نسبياً خلال السنة المقبلة، نظراً لزيادة معدلات الإنتاج وإنشاء مشاريع جديدة في كل من إندونيسيا وبيرو وشيلي ومنجوليا، التي من المنتظر أن تشكل إضافة إلى الإنتاج العالمي.
وتوقع توماس كيلر المدير التنفيذي في كوديلكو، التي تُعد أكبر شركة في العالم لإنتاج النحاس، أن يشهد قطاع النحاس فائضاً نسبياً مع بدء الإنتاج في عدد من المشروعات الجديدة. وذكر جوليانج مين رئيس شركة مينميتال، التجارية العاملة في إنتاج النحاس والمملوكة من قبل الحكومة الصينية، أن من النتائج المتوقعة إثر ذلك، تراجع في أسعار المعدن. وتوقع أن تتراوح أسعار النحاس بين 6500 دولار إلى 7500 للطن الواحد خلال العام المقبل، بالمقارنة مع السعر الحالي الذي يبلغ 7100 دولار للطن، أي بانخفاض قدره 10% خلال العام الحالي حتى الآن.
وانعكست توقعات التحول نحو الفائض في سوق النحاس، عبر وجهات نظر العديد من التجار والمحللين، ومديري صناديق التحوط الذين اجتمعوا في لندن خلال أسبوع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذي يعتبر أكبر تجمع من نوعه للمعادن وقطاع التعدين. وفي المسح الذي أجرته مجموعة ماجواير العالمية للخدمات المصرفية والمالية والاستشارية، وجدت أنه ولأول مرة منذ 2008، أن تتجاوز خيارات المستثمرين النحاس كمعدنهم المفضل للعام المقبل.
ومع ذلك، لا يتوقع الكثير من الخبراء انهيار في الأسعار، في وقت يساعد فيه التعافي الذي يشهده الاقتصاد العالمي، على ارتفاع طلب النحاس. ويقول كيلر: “لا يعتبر الفائض الذي نتوقعه بذلك الحجم الكبير وليس من المرجح أن يتجاوز ما بين 300 و400 ألف طن، بالمقارنة مع الاستهلاك، الذي يزيد على 20 مليون طن سنوياً. وربما تتأرجح الأسعار حول المستويات الحالية”.
وفي حقيقة الأمر، لا يتوقع كل فرد استمرار الفائض لفترة طويلة من الوقت، لاسيما وأن معدلات إنتاج قطاع النحاس دائماً ما تقل عما هو متوقع. ويعتقد هيرمان دو سولمينهاك، أن مسار أسعار النحاس لما بعد العام المقبل، يعتمد على حقيقة الفائض المتوقع الذي تحوم حوله شكوك واضحة، عند قيام شركات التعدين بمراجعة خطط الإنفاق.
وتوقع دياجو فيرناندز، مدير شركة أنتوفاجاستا المدرجة في بورصة لندن للمعادن،عودة سوق النحاس إلى توازن العرض والطلب بعد عامين من الفائض خلال 2014 و2015.
نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
