السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وجه لندن المتواري

وجه لندن المتواري
11 أكتوبر 2012
رواية جديدة أصدرتها الروائية البريطانية زادي سميث قبل أسابيع تحت عنوان “إن دبليو”، وهو العنوان الذي يشير إلى الجهة التي تدور فيها أحداث الرواية شمال غرب مدينة لندن. فمسرح الحدث هو هناك، حيث الحي الرملي الذي تسكنه الطبقة العاملة غالبا، وهو المكان الذي تربت فيه المؤلفة. وتلك منطقة تعتبر ثرية للروائية كونها مليئة بالصراعات المتصلة بالهوية والجريمة وحكايات المهاجرين، وهي كذلك منطقة فوضوية ومعقدة. تروي زادي مراحل عديدة مع أصدقاء الطفولة إلى مرحلة الشباب والأيام الجامعية، وما يحدث من نظرة عنصرية في موضوع الأبيض والأسود حيث تتقاطع معها قوانين ونظم بريطانيا الجامدة، ومن خلال صداقة طويلة بين فتاتين ومجموعة من الأبطال تتقاطع مصائرهم بطريقة مدهشة ومؤلمة هم: ليا، ناتالي، فيليكس وناثان، الشخصيات التي تكافح من أجل بقائها المشروع. ليا البيضاء الليبرالية حسنة النية في منتصف الثلاثين، التي كانت تعمل في توزيع عائدات اليانصيب للجمعيات الخيرية النبيلة، وصديقتها منذ الطفولة ناتالي التي كانت تدعى سابقا كيشا وهي محامية كذلك، وفيليكس وهو ميكانيكي سيارات عمره 32 عاما وكان يحلم بانتاج وعمل أفلام لولا انخراطه في عالم المخدرات والإدمان بسبب كثرة احباطاته، أما ناثان فهو يظهر ويختفي في لعبة سردية ذكية وأحيانا يقطع إحدى هذه القصص الثلاثة في الرواية بتقاطعه معها بشكل أو آخر، وناثان هو طفل ينتمي إلى أحد مشاريع الرعاية التابع لمنظمة صحية عالمية للأطفال. الروائية سميث تنطلق بخبرة واسعة في التطرق لموضوعها، فهي بنفسها كانت أسيرة لمثل هذه الصراعات بتحدرها من أب بريطاني وأم جامايكية، فاستطاعت أن تتفاعل مع ما تعج به تلك المنطقة من طبقيات وعرقيات وعنف وهجرة وشذوذ وغيرها. وبعبارة أخرى جاءت هذه الرواية كقراءة للتحولات التي شهدتها المنطقة منذ الخمسينات الميلادية حتى اليوم، والتي كان بعضها يتم على نحو مفاجئ، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في الزمان والمكان، وهو ما يجعل النص معقدا ولعل هذا أحد فضائله، وهذا أيضا ما يجعله معبرا عن الحياة الوحشية للحياة الحضرية الحديثة بما يثيره النص من تساؤلات حول الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، وحول المساواة في الفرص وليس المساواة المتحققة، وأيضا مع تلك الشخصيات المضطربة. تقول سميث عن شخصياتها الروائية وعن عملها بشكل عام، أنها تشعر “بالقلق على نحو متزايد من الصيغ الأدبية والفنية التي تساعدنا على تفقد أنفسنا في الشخصيات الخيالية التي تحولت إلى الداخل فقبعت داخل ذواتنا، وبالتالي لم يعد يشغلنا البحث في حقيقة أنفسنا من خلال شخصيات تبحث عما هو خارجنا وتستجوبنا”. ولدت الروائية البريطانية زادي سميث عام 1975، في حي لندني شمال غرب برنت منطقة الطبقة العاملة إلى حد كبير. وقد نشرت خلال مسيرتها في الكتابة أربع روايات قبل روايتها الأخيرة هذه، كذلك نشرت عددا من القصص القصيرة في العديد من المنابر المخصصة للمبدعين، خصوصا في مطبوعات جامعتي اوكسفورد وكامبريدج، لكن بقيت رواياتها الأربع هي الأكثر تأثيرا وقراءة بدءا من رواية “أسنان بيضاء” عام 2000 وهي من أكثر الكتب مبيعا، ورواية “على الجمال” التي رشحت لجائزة البوكر ووصلت إلى قائمتها القصيرة، وصولا إلى هذه الرواية التي تحكي عن حيها والصادرة هذا العام. وعرفت زادي سميث كذلك ككاتبة مميزة في القضايا الأدبية خصوصا وما تنشره لها صحف مثل “الجارديان” و”نيويوركر”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©