الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ألماسة»: الإسلام أزاح أثقالا عن كاهلي

«ألماسة»: الإسلام أزاح أثقالا عن كاهلي
11 أكتوبر 2012
ميلاني جيوجيارد Melanie Giogiards، هي مغنية سطعت في عالم الغناء الفرنسي، وذاع صيتها باسم Diam’s “الماسة. عرفت المجد الفني، لكنها ما لبثت أن عانت من الإنهيار النفسي ومرت بفترات حيرة وتيه وضياع لتصل الى حافة الجنون ومحاولة الانتحار. وبعد أن دخلت مصحة العلاج النفسي لفترة، اكتشفت القرآن الكريم الذي قادها بعد قراءته والتمعن في سوره ومعانيه إلى اعتناق الإسلام. اختفت ميلاني عن الأضواء منذ عامين، واعتزلت الغناء وهي في أوج شهرتها ومجدها، ولا أحد نجح في كشف الأسباب الحقيقية التي تقف وراء اعتزالها واختفائها، قبل أن تظهر على الملأ يوم 27 سبتمبر 2012، بكتاب يروي سيرتها الذاتية صدر عن دار النشر الفرنسية “دون كيشوت”، فأصبحت هي وكتابها الحدث الثقافي الأول بين الفرنسيين، الذين اكتشفوا إن نجمتهم المحبوبة أصبحت مسلمة ومحجبة أيضا، وإنها ـ كما أعلنت ـ مواظبة على صلواتها وتقوم بكل واجباتها الدينية كونها اعتنقت الاسلام عن قناعة. المغنية المعتزلة هي اليوم في الثانية والثلاثين من العمر، واستطاعت خلال حياتها الفنية القصيرة أن تحفر اسمها في عام أغاني “الراب”، وهو الغناء الثائر الناقد للمجتمع والسياسة والساخر سخرية مرة من أحوال العباد والبلاد، وهو غناء له إنتشار واسع لدى شريحة الشباب الغربيين خاصّة، وقد انتقل إلى بعض البلدان العربية ومنها لبنان وتونس ومصر وبعض دول الخليج. ويعتمد هذا النوع من الغناء المباشرة في تعرية الواقع بكلمات قويّة نافذة من أجل تحريك السواكن. ومن خلال أغنياتها الذائعة صنفت ميلاني جيوجيارد كناطقة بإسم جيل كامل من الشباب الفرنسي المتمرد على أوضاعه والغاضب من البطالة والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية. جرح لم يندمل تكشف “الماسة” في مذكراتها أنها عرفت مآس كثيرة وتعذّبت وتألمّت، بل إنها تؤكد أنها كادت أن تموت. وتميط اللثام عن جرح دفين يتمثل في غياب “الأب” في حياتها. فهي وحتى بلغت سن العاشرة لم تر والدها القبرصي إلاّ مرّة أو مرتين فقط في العام، ممّا خلّف لها جرحا لم يندمل ابدا، ومع مرور الأعوام إزداد البعد بينهما إلى أن وصلت العلاقة إلى مجرّد مكالمات هاتفيّة فقط في المناسبات الكبرى. وتعاتب ميلاني والدها وتلومه لـ”إهماله” لها بغيابه الدائم وعدم الإقتراب منها وعدم منحها ما كانت ولازالت تحتاجه من حنانه ورعايته. ولمّا كبرت أحست أنّ شيئا قد تهشّم بينهما، وبمرور الأعوام وبعد أن حصلت شبه قطيعة تامة بينهما أصبحت حاقدة على والدها. وتعترف نجمة “الراب” الفرنسية، إنها عاشت سنوات طويلة بدون أن يكون لها هدف، تائهة في الحياة، وخرجت من مرحلة التيه والضياع بمشاعر مرارة وبخيبة أمل.. لكنها تؤكد إن الحياة مدرسة، وأنها تعلمت من هذه التجربة الوجودية أن الإنسان في بحث دائم عن معنى لحياته. ومما تقوله في هذا الصدد: “بالنسبة لي على الأقل، كلما ظننت أني إكتشفت حقيقتي، أعود لأرى ان ما وصلت إليه هو مجرد سراب، الى ان تعلمت كيف أحب نفسي وهو ما منحني اليوم شعورا بأني أحسن من قبل”. انطلقت ميلاني جيوجيارد في عالم “الراب” مع مجموعتها عام 1993، وقد أعطاها الفن في تلك الفترة من عمرها معنى لحياتها ومنحها قوّة لمواجهة كل المصاعب التي واجهتها. وتقول إنها إختارت اسم “الماسة” لأنها وجدت في القاموس أن الألماس هو أكثر الأحجار الكريمة لمعانا وقوّة، وأن الأساطير والخرافات تؤكد أنه لا يمكن تهشيم الألماس أو كسره إلاّ بألماس مثله. وقد نقلها الغناء من وضعيّة عاطلة عن العمل إلى مطربة لها دخل مالي هام عليها التصرّف فيه، فقد بدأت إسطوانتها تباع بكثرة وبدأ النجاح الفنّي يدقّ بابها ثمّ شيئا فشيئا أصبحت مداخيلها المالية كبيرة جدا. صخب الصمت وتعترف بأنها أصبحت ـ بعد أن تهاطلت عليها الأموال ـ صارمة في التعامل مع أعضاء فرقتها بطريقة ديكتاتورية، وهو ما ندمت عليه اليوم. كانت عنيدة في مطالبها، كثيرة الصراخ مع أعضاء فرقتها، وقاسية في كلماتها معهم. وعندما سطع نجمها وبلغت مبيعاتها 200 ألف نسخة، فإنّ شراستها مع من كل حولها أصبحت ـ بإعترافها ـ لا تطاق. وهي تصف نفسها في تلك الفترة التي حققت فيها النجاح مضطربة المزاج، فقد تكون في حالة فرح وسعادة ثمّ فجأة تنتقل إلى حالة عزلة وألم وتقوقع على الذات. وهي الآن، لم تعد تتردد في تعرية أخطائها لتصل الى مرحلة محاسبة النفس وتقريع الذات. وترفع النجمة السابقة الستار عن الوجه الآخر للفنان في لحظات وحدته، فقد كانت وهي في أوج مجدها تشعر بعد انتهاء الحفل واختلائها بنفسها في شقتها مكتئبة فتنهار باكية ويتملكها الأرق، وتقول إنها التجأت إلى طبيب نفسي نصحها بتناول بعض المهدّئات، ولكن شعورها بالوحدة ـ وهي النجمة الشهيرة ـ كان يعذّبها وكان الصمت المطبق في شقتها يخيفها، على الرغم من أن كل حفلاتها التي كانت تقام في قاعة “الزينيت” بباريس والتي تتسع للآلاف من المتفرجين لا يبقى فيها مكان واحد شاغر. لقد أصبحت تبيع من 800 ألف قرص من أغانيها في العام وهو رقم كبير لا يحققه ألاّ كبار نجوم الغناء في فرنسا. وتتوقف ميلاني عند هذا الأمر، لتقول: “لم أكن أبحث عن الشهرة أو المال، إنما كنت أبحث عن الحب، لقد كنت أبحث عمن يحبّني”. وقد أدت اضطراباتها النفسية هذه إلى دخولها عام 2008 إلى مصحّة للعلاج النفسي، حيث تقول عن ذلك: “مكثت في المصحة شهرا ونصف الشهر، بحثا عن حلّ يريحني ممّا كانت أعانيه من جراح نفسيّة عميقة”، وتتذكر ان انهيارها قد أدخلها في نفق مظلم حتى أنها كادت أن تجنّ معترفة بأنها وصلت إلى حدّ لم تعد فيه سيّدة نفسها ولم تكن لها القدرة الكاملة للتحكمّ في أفعالها، وهو ما دفعها للإستنجاد بالطب النفسيّ. وتؤكد أنها فكرت في الإنتحار بتناول كل العقاقير دفعة واحدة. وتقول عن تلك الأوقات العصيبة: “كنت أحاسب نفسي كثيرا وكانت أمتع الساعات عندي هي الساعات التي أرتمي فيها في النوم” . الطريق الى النور بعد رحلة العذاب هذه اكتشفت نجمة “الراب” الفرنسية طريقها إلى النور، فسلكته براحة واندفاع لكي تجد نفسها في دنيا الإيمان والإسلام. أما كيف اكتشفت هذا الطريق، فتقول إنه كانت لديها صديقة مسلمة، ولمّا شاهدتها وهي تصلي خاشعة في سجودها وركوعها قالت لها: “أريد أن أصلي مثلك”. علمتها صديقتها الوضوء والصلاة. ألبستها ما كست به شعرها وجسمها، وأعلمتها أنها عندما تصلي إنمّا هي تتجه إلى خالقها. وتعترف ميلاني أنها ولأوّل مرّة في حياتها أحست وهي تصلي براحة نفسيّة كبيرة. تقول إنها رددّت في البداية آيات قرآنيّة دون أن تعلم معناها علمتها لها صديقتها، ولكنها أدركت بسرعة عند سجودها وركوعها أنّ راحة عميقة تسري في وجدانها لإحساسها بأنّها تركع لله، ومنذ ذلك الحين قررّت اعتناق الدين الإسلامي عن قناعة تامّة. لقد قرأت القرآن الكريم برويّة وأعادت قراءته، وأقسمت بأنها اعتنقت الإسلام بكلّ قناعة وإيمان وورع، وهي تؤكد أنها عندما نطقت بالشهادتين: “أشهد أنّ لا إلاه إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله” قد أحسّت أنها إنسانة طاهرة مؤمنة. لقد عاشت لحظة صدق مع النفس لم تعرفها من قبل، وهي تؤكد: “أنا اليوم مسلمة وفخورة بذلك أيما فخر”. تزوجت ميلاني جيوجيارد من عزيز وهو مسلم، وانجبت بنتا، وهي اليوم تعيش حياة هادئة وطوت صفحة الحيرة والقلق لتنعم بعيش سعيد، وهي تتذكر أول مرة صلت فيها قائلة: “لحظة خشوعي الى الله أحسست وكأن جبالا كانت تثقل أكتافي قد سقطت وانزاحت”. ونظرا لأن ميلاني جيوجيارد عاشت في أذهان الفرنسيين وخصوصا المعجبين بفنها كنجمة ناجحة ومتألقة، فإن الكثيرين منهم لم يستطيعوا هضم تحولها هذا، وقد وجهت ضدها حملات من الاستنكار والانتقاد، وعبر كثيرون عن عدم تفهمهم لاعتناقها الإسلام وتحجبها واعتزال الفن، لكنها تقول إنها تواجه كل ذلك بالصبر والإيمان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©