الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية..صورة غير مكتملة

5 نوفمبر 2014 22:45
هكذا طالعتنا القصة الخبرية: الديكتاتور القصير ذو الوزن الزائد والمدمن على الجبن السويسري المستورد يسقط، ويعاني كسراً في الكاحلين، وقد تم إرساله للعلاج، وفي غيابه، تدافع المتنافسون للهيمنة، بينما يتطلع العالم بصبر نافد ويفكر،تلك هي قصة كوريا الشمالية التي برزت عندما اختفى المارشال «كيم جونج أون»، رئيس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، والذي يفتقر إلى الخبرة العسكرية، عن الأنظار لبضعة أسابيع. وكانت وسائل الإعلام الدولية محمومة بالتكهنات حول احتمال انتقال السلطة في بيونج يانج، وأخذ الخبراء يقدمون الافتراضات حول صحة «كيم» وقبضته على السلطة، عندما أشار أحد المنشقين في كوريا الشمالية إلى أن وحدة السياسات في حزب «العمال» قد يكون لديها ما يكفي من النفوذ لتعارض «كيم» أحياناً، قامت وسائل الإعلام بتشويه كلماته لتتحول لإعلان عن «انقلاب»، وقد ساهم الكثير مما قيل أو كتب خلال الأسابيع القليلة الماضية في تعكير الأجواء بدلاً من تنقيتها، إن الصورة، في كوريا الشمالية، هي كل شيء، كما أن أسطورة عائلة «كيم» هي أساس القصة. وجزء كبير من ذلك يحكي أن عائلة «كيم» - سلالة الديكتاتور التي بدأت بـ «كيم» الجد، والقائد العظيم «كيم إيل سونج»، الأب، والقائد العزيز «كيم جونج إيل» – هي أنقى وأشرف البشر وأكثرهم مثالية، وليس بالإمكان إظهارهم مخطئين أو ضعفاء لكي يفشلوا. وتبذل الدولة جهوداً كبيرة للحفاظ على ذلك، وقد تم إخفاء الغدة الدرقية من رقبة القائد العظيم من الصور التي أخذت له، وكذلك بطن القائد العزيز الضخمة والتجاعيد وبقع الكبد. يقول الجاحدون في كوريا الشمالية، إن هناك «مؤسسة للعمر الطويل» في بيونج يانج، حيث يعمل كبار الأطباء في الدولة على مد عمر كل «كيم»، باستخدام «الخصائص الفيزيائية» لمواطنين من الفئة العمرية نفسها، بعد إجراء التجارب المعملية. ويقال إن كلاً من «كيم» الجد و«كيم» الأب أمضيا سنوات الشيخوخة في اللهو، كما كان ينقل إليهم دم الشباب، أملاً في استعادة شبابهما. وعندما توفي «القائد الأكبر» و«القائد العزيز»، ذكرت وسائل الإعلام الخاصة بالحزب للشعب أن كلاً منهما مات بالسكتة القلبية جراء «المسؤوليات الثقيلة» و«الإرهاق» – ليس الموت بسبب الضعف، وإنما بسبب القوة، فقد نتجت الوفيات بسبب بذل جهد يفوق طاقة البشر من أجل الشعب. فهل من الممكن، وفقاً لنظرية البعض، أن يكون «كيم» الشاب، عديم الخبرة ما هو إلا مجرد رئيس صوري، وأن تكون إحدى وحدات الحزب هي التي تملك السلطة الحقيقية في بيونج يانج، أو أن يكون هناك بعض أعضاء الحزب المؤثرين الذين يعملون على إصلاح البلاد؟، ولكن يبدو من الممكن أيضاً أن نكون، بسبب الجهل، قد أثرنا نوبة خطيرة ومضللة - خطيرة لأنها تمنع الفهم الدقيق لدولة مارقة لديها قدرات نووية. قد يكون «كيم» قد تم حجبه عن الأنظار ببساطة، لأن شعبه الذي اعتاد أن ينظر إليه وكأنه «نصف إله» قد يهتز بشدة إذا ما رآه على كرسي متحرك أو عكازين. لقد أثبتنا، نحن في الغرب، مراراً وتكراراً أننا مخطئون في توقعاتنا حيال الديكتاتورية الصغيرة الجسورة. فنحن فقط نعرف أنها ستسقط في غضون شهور، بعد أن سقط جدار برلين، ولكن هذا لم يحدث، إننا حتى استمرينا في وصف كوريا الشمالية بأنها دولة شيوعية أو اشتراكية، حتى عندما توقفت منذ فترة طويلة عن أن تكون أي منهما، لأنها في الواقع ديكتاتورية عسكرية تديرها أسرة واحدة وأعوانها. إن كوريا الشمالية، بكل المقاييس، على حافة تغيير هائل، إنها دولة فاشلة، ومعزولة وتعتمد في الغالب على المساعدات الخارجية، إنها توجد في واقع أيديولوجي قديم ومتناقض. إن السخط يتزايد، مع وجود الأسواق السوداء «غير القانونية» في كل بلدة تقريباً، إلى جانب الفساد المستشري. ويكرر المواطنون الدعاية التي يحفظونها بالقوة، حيث يعلنون أنفسهم أكثر الشعوب حظاً، وهم يعلمون جيداً أنهم ليسوا كذلك. إنهم يكافحون من أجل التوفيق بين «الحقائق» التي يصدقونها والحقائق التي يرونها بأعينهم. فالفقراء الجائعون والمقهورون قد ضاقوا ذرعاً، كما أن النخبة، التي تدرك أن الحياة أكثر رفاهية في اليابان والصين وكوريا الجنوبية أو في الغرب، قد ضاقوا ذرعاً كذلك. إن الصورة التي نراها عن الكوريين الشماليين هي صورة غير مكتملة، وعندما يأتي التغيير، سيمثل خطراً وفرصة للغرب، كما سيكون للصين وكوريا الجنوبية وروسيا واليابان مصلحة كذلك. بول فيشر محلل سياسي أميركي مؤلف كتاب «إنتاج كيم جونج إيل». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©