الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مضى وقت التفاهم!

21 أكتوبر 2013 23:50
مضت أيام عيد الأضحى المبارك حزينة على مئات الأسر السودانية التي فقدت أعزاء لها بسبب الرصاص الحي (الذي لا تزال السلطة تبحث عمَّن أطلقه على المتظاهرين السلميين)! وآلاف المعتقلين مجهولي الأماكن التي اعتقلوا فيها. إنه عيد حزين مدناً وقرى في السودان، ولكن ما خفف من وطأة الحزن على تلك الأسر أن السودانيين الذين جبلوا على التضامن ومواساة الجار القريب والبعيد، قد سارعوا أفراداً وجماعات إلى منازل ذوي الضحايا وحوَّلوا أحياءهم ومنازلهم إلى مظاهرات شغلت الأمهات والأخوات والآباء والإخوة قليلاً عن أحزانهم.. وما أروع تلك العبارة التي نطقت بها فتاة سودانية وهي تحتضن إحدى الأمهات الثكالى عندما قالت: «يا والدة اعتبرينا جميعاً أولادك وبناتك وثقي أن دم ابنك لن يذهب هدراً وستأتي ساعة الحساب». وقد أطلقت السلطة سراح عدد من معتقلي المعارضة (القياديين) قبل أول أيام العيد، وسبق ذلك صدور دعوة من النظام وجهها للمعارضة للتفاكر، معتبراً بذلك أن المعنيين بالأمر فاقدو الذاكرة، فكم من دعوة للتفاكر والتشاور، وكم من اجتماعات دعا إليها معارضيه وكلها ذهبت هباءً منثوراً. وفي رأيي الشخصي أن المعارضة الموحدة عندما دعت قبل أكثر من عامين النظام لأن يتقي الله في شعبنا ووطننا وأن يجلس للتفاوض والتفاكر والتفاهم لإيجاد مخرج من حالة التدهور التي يقف الوطن على حافتها، كانت جادة في برنامجها.. وبديلها الديمقراطي.. وكانت حريصة على مصلحة الوطن المنكوب. ولكن النظام ظل يمارس المطاولة (والتكتيك) وفي ظنه أن الشعب السوداني ومعارضته الديمقراطية لن يدركا مقاصده من الدعوة لـ«التفاكر»، وقد غرهم أن بعض دعواته للتفاكر وجدت استجابة من بعض أطراف المعارضة الذين وهنت عظامهم من السعي والجري إلى مشاركته «المغانم». إن الهبّة الجماهيرية التي مهرتها دماء مائتين وثمانين إنساناً قد حددت وبيّنت الطريق والهدف.. فإذا كانت المعارضة الديمقراطية بكل فصائلها قد دعت النظام «الإخواني» بالأمس لتسليم السلطة، عبر الطريق السلمي (المؤتمر القومي الدستوري وملحقاته)، فقد كانت تريد تفادي إراقة مزيد من دماء أهلنا، ومحاولة إيقاف التدهور الواضح والتمزق الذي يواجه الوطن بالأمس واليوم. ولكن الهبة الشعبية التي تفجرت في سبتمبر، أكتوبر، والعنف الذي مارسته السلطة، قد أكدت أن هذا النظام لن يحجم التحديات، وما تفرضه المسؤولية الوطنية، وهو مستعد لأن يستمر في السلطة على جثث الأطفال والشباب، وسيخوض في دمائهم ليبقى في سلطة لم تعد لها قيمة. إن مواكب وتظاهرات الخرطوم ومدني ونيالا وبورتسودان وعطبرة... إلخ، قد خلخلت ما تبقى من سلطة جماعة «الإخوان»، وعلمت الشعب أن مطلبه الأساسي بالتغيير قد آن أوانه، وأن الطريق إلى ذلك هو النضال السلمي بوسائله المختلفة.. ذلك النضال الذي شاهده العالم، والذي دفعه لكي يقف مسانداً بشدة لشعبنا ومديناً النظام. إن النظام الذي بدأ التراجع عبر التنظيم بإرسال رسائل لـ«التفاكر» قد أحس وبشدة بآثار الضغط الداخلي والخارجي. قد يكون بعض من خرجوا علناً بإدانـة النظـام مـع أنهم كانـوا سدنتـه وأدواته الباطشة، قد يكونون جميعهم «أذكياء»، وقد يكونون أيضاً قد راجعوا أنفسهم وحساباتهم وقرروا الالتحاق بركب الثورة الشعبيـة. ولكن في تقديري أنهم ما زالوا يلعبون في نفس الملعب (ملعب الصراع الداخلي) وما زالوا يتصورون أن النظام يمكن أن ينصرهم على خصومهم وأن يستجيب لنداءاتهم التي يقصدون بها مصلحة الحزب! وكما سبق القول فإن من يريد أن يسلك الطريق القويم فإن الطريق القويم واضح وقد حدده الشعب بالتغيير السياسي وليس غيره.. ومن يريد أن يلحق بركب الثورة فعليه أولاً أن «يتطهر» ويطلب من الشعب السماح عن ممارسات كان هو أحد مرتكبيها وهو أحد قادة منفذيها ومنظريها. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©