الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمهيد لاقتصاد عالمي جديد

24 أكتوبر 2011 09:17
لابد أن تكون لشركات التكنولوجيا والإعلام الجديد علاقة بما يجري في العالم من أزمات مالية واضطرابات في الأسواق وارتفاع معدلات البطالة وغيرها، مع هذه الطفرة في استخدام واستهلاك الأجهزة الجديدة من التقنيات الدقيقة، وما أنتجته من ثروات طائلة على يد قلة من شركات كبرى تأسست بدون رأس مال أو حاجة لمواد أولية نادرة وغالية، كان رأسمالها برامج ومعادلات رياضية لم يسبق أن كان لها في التاريخ مثل هذه القيمة الصافية الأقل ارتباطا بعناصر الصناعات والثورات السابقة. اليوم ينوء العالم بهواجس تلف الكرة الأرضية من كل صوب، الدول الغنية والكبرى مثلما الدول الفقيرة أو الضعيفة، بدء من أزمات الديون والعجز التريليوني والاحتجاجات التي وصلت إلى وول ستريت، والصرخات المنددة بجشع الرأسمالية والبنوك، وصولا إلى أزمات المجاعة والغلاء الفاحش في أسعار الغذاء والنزاعات المحلية والإقليمية والدولية. في هذه الأجواء، من المنطقي أن تشتد وطأة القلق الشامل، وأن يجنح بعض “العلماء” وسط رواج إعلامي غير مسبوق إلى “تنبؤات بنهاية العالم”، تارة بسبب قراءات فلكية في حركة المذنبات والكواكب، وتارة بسبب أزمة المناخ والاحتباس الحراري، وتارات بتفسيرات ميتافيزقية تنتعش كلما هبّت على البشرية موجات كآبة متوازية. لكن بغض النظر عن صحة التنبؤات أو عدمها، ثمة دائما تفسيرات أكثر عمقا والتصاقا بتاريخ البشرية، فمن يراجع قصص الاكتشافات العلمية السابقة التي غيرت أنماط الإنتاج والاستهلاك لا بد أن يلحظ المشترك فيها بسهولة ويخرج تاليا بملامح رؤى تساعد على استيعاب ما يجري إن لم يكن أكثر. إن اختراعات مثل الكهرباء، والتليكس والهاتف والكمبيوتر لم تكن فقط أدوات جديدة تغذي نظم الإنتاج والاستهلاك، بل حملت في طياتها تغييرا عميقا في طرق التفكير وبنى الاقتصاد والعلاقات المالية والاجتماعية. ثمة شيء في العمق كان دائما يتغير. وحتى يخرج العالم من الدوران في أزماته المتتالية، ربما يجب عليه أن يحدد هذا الشيء الجديد الذي يحتاج لشدة التغيير. يجب استرجاع المحطات الفاصلة في مسار البشرية، ومعرفة أن في كل منها كانت هناك قطاعات قائدة جديدة للإنتاج وقوى سوق جديدة التي تتحول في كل مرحلة جديدة إلى شريك في رسم السياسات الشاملة للجماعات دولا كانت أم أمم. حصل هذا مع عصر الاكتشافات “المادية الآلية”، ولكنه لم يحصل بعد في عصر التكنولوجيا الرقمية حيث يعيش العالم تحت رحمة عصر البيانات الرقمية (غير المرئية) وشركاتها الضخمة الانقلابية، القائدة حاليا في العديد من الأسواق، والمتطورة بسرعة الميجابايت. يحدث الخلل هنا لأن هذه القوى ما زالت مغيبة عن رسم السياسات الوطنية والعالمية. وسيبقى هذا الخلل بمعناه التاريخي، إلى أن تدمج هذه القوى في مسؤولياتها العامة وتشرك في رسم السياسات لإدارة الاقتصاد العالمي الجديد- القادم. مثل هذه الدعوات بدأت تطلق على لسان منظرين اقتصاديين كبار، وبدأت تلقى صدى الآن وسط عالم التكنولوجيا . barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©