السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ياسر النيادي: أنا فخور بالسينما الإماراتية ومتفائل بقفزاتها النوعية

ياسر النيادي: أنا فخور بالسينما الإماراتية ومتفائل بقفزاتها النوعية
24 أكتوبر 2011 09:18
حاز الفيلم الإماراتي “أحلام الأرز” للمخرجين ياسر النيادي وهناء الشاطري، جائزتين وتنويهاً في مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس، حيث أحرز الجائزة الثانية في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، وجائزة أفضل سيناريو، إضافة إلى تنويه خاص بالممثلة هدى الغانم لقيامها بدور الأم في الفيلم. منذ اللحظات الأولى التي تناهى فيها اسمه إلى آذان المهتمين بالسينما كثرت التساؤلات عن فحوى الفيلم، حيث بدا هذا الدمج المباغت بين الحلم، كخاصية بشرية غيبية الطابع، وبين الأرز، كمادة غذائية تحظى برواج مكثف على موائد الناس، مثيراً للدهشة، ومنذ البداية كان بالوسع افتراض وجود مساحة إبداعية واسعة يلعب عليها العمل السينمائي ليكون بوسعه التوفيق بين مفهومين لا يبدوان على قدر كاف من التواصل، ولا يتمتعان بقدر ملحوظ من الانسجام. عن هذا الدمج المتجاوز للحدود المألوفة يقول المخرج ياسر النيادي إن فيلمه عبارة عن قصة إماراتية، تدور أحداثها فوق أرض الإمارات، وتلعب أدواره شخصيات إماراتية أيضاً، إضافة إلى بعض من يشاركون في العيش فوق هذه الأرض المضيافة. يضيف النيادي: هو يلخص حكاية عائلة مواطنة في إحدى العزب، ومعها عامل باكستاني، وتدور تفاصيلها في يوم واحد. حيث سيرى المشاهد أن لكل فرد من أفراد العائلة خصوصيته واهتماماته الفردية، إضافة إلى هواجسه وتطلعاته، لكن الجميع سيتقاطعون عند عنصر مشترك هو الأرز، بوصفه مادة للعيش، وسيكون لهذه المادة الغذائية دورها في صياغة القصة الفردية لكل شخصية من شخصيات الفيلم على حدة، بل هي ستتحول إلى ما يشبه الرمز أو المفتاح الذي ندخل عبره إلى قضايا العائلة، وإلى الحيز المستقل الذي يحتله كل عنصر من عناصرها في سياقه. زوايا متعددة بالتطرق إلى الرمزية التي يستبطنها عمله السينمائي، وإلى الهدف الذي جعله يختار الأرز بوصفه شيفرة إبداعية تفتح أمامه أبواب البوح بالهواجس المضمرة، يقول النيادي: بعض ما أردت قوله إنه بوسعنا أن نعيش في بيت واحد، وأن نتقاسم الكثير من الهموم والأحلام، وأن نتفرد في بعض التطلعات كذلك، لكن سيكون هناك دوماً عنصر مشترك ننطلق منه نحو الاختلاف أو التلاقي، أردت أن يكون الأرز هذا العنصر، ولا أجد نفسي معنياً بتبرير ذلك أو تعليله. ولكن الأمر لا يسعه أن يكون مجرد اختيار عشوائي إذ لا بد من خصوصية ما جعلت الأرز يترافق مع الأحلام البشرية، عن هذه الحيثية يقول النيادي: هناك أكثر من زاوية يمكن النظر إلى الأرز من خلالها، وهو أكثر من مادة غذائية تصلح للأكل، وبالإمكان ربطه بالطموحات البشرية، كما بالوسع رد الكثير من الإحباطات إلى القصور عن إدراكه، وهو كذلك إحدى السمات الروتينية لحياتنا، نراه في أيامنا العادية، ونتفنن به في المناسبات المختلفة، نقاربه من نواح شتى، ويبقى هو نفسه. منصة رسائل يضيف محدثنا متوسعاً في شرح الصلة الغرائبية التي يقوم عليها معماره السينمائي: ثمة معبر نحو الهوية من ناحية الأرز، وعليه بالوسع بناء بعض الحقائق التي قد تكون ضاعت منا في زحام الاهتمامات اليومية، هذه الحقائق يمكن الوصول إليها من مدخل العيش اليومي، كذلك يحتمل الموقف أن يكون منصة لتوجيه بعض الرسائل، التي بوسع الأرز أن يكون حبرها وغلافها. وعما إذا كان الأمر يتعلق بخصوصية حياتية ما، بمعنى أن يكون الفيلم مستوحى من تجارب شخصية رغب المخرج في منحها سمات عامة اعتماداً على رؤيته الفنية، يؤكد النيادي: أزعم أنني تعاملت مع الفيلم وفق نظرة حيادية مطلقة، ثمة الكثير من العناصر الإيجابية التي تحيل إليها المقاربة، وهناك أيضاً أبعاد سلبية، لم أكن معنياً بترجيح كفة على أخرى، لم أعمل على الترويج لما أراه خيراً، أو تحذيرا مما أحسبه شراً، فقط أردت أن أعيد صياغة الموقف وفق معادلة الثنائيات الكامنة في مختلف المشاهد التي تحيط بنا، والتي نعيد انتاجها في سلوكياتنا الحياتية، أيضاً رصدت المشترك والمختلف، المتفرد والمتنوع، وكان هدفي تعميق المعرفة بالقضايا المنظورة أكثر مما كنت معنياً بإجراء محاكمة وفق خلفيات ومسبقات اجتماعية أو أخلاقية، لم أروج لأمر ولم أنه عن آخر، فقط أقمت الروابط الضرورية بين تفاصيل هي في صلب الواقع، وتركت للمشاهد أن يستنتج ما يراه ملائماً من المقدمات التي اقترحتها عليه. قفزات نوعية وحول الرؤية الإخراجية التي يعمل من خلالها يقول النيادي: أرى أن على المخرج أن يكون خلف الكاميرا، وليس أمامها، أن يطرح نصه المرئي بأسلوب موضوعي، وأن يبتعد عن الإملاءات على المشاهد، من المهم أن يصوغ خطابه بلغة ناضجة مرنة تملك انسيابية الوصول إلى المتلقين على اختلاف مواقعهم، ومستويات وعيهم، وأن تكون لغة محرضة تتيح الاستدلال والاستنتاج، وتحتمل قابلية اختلاف الرؤى، وتفرد مساحة للتفاعل بين الاتجاهات المتغايرة. في ما يخص قراءته لواقع السينما الإماراتية ومستقبلها يقول النيادي: أرى أنها سينما ناهضة تنمو بما يفوق التقديرات الطبيعية، وتمارس قفزات نوعية مميزة، وهي تراعي المتغيرات المتسارعة في عالم اليوم، وتتآلف مع التطورات المستجدة، وليس ذلك بالأمر السهل، السينما الإماراتية توافقت بدون إرباك مع الثورة المعلوماتية التي يشهدها عالمنا المعاصر، واستوعبت طموحات الأجيال الجديدة التي يمثل الانترنت بالنسبة لها متكئاً معرفياً طاغياً، كما أدركت معنى أن يكون لدى مشاهدها مصدر غني بالمعلومات بوسعه العودة إليه في أي لحظة للتدقيق بما تطرحه أمامه من تفاصيل وأحداث. ويضيف بنبرة متحمسة: أنا فخور بالسينما في الإمارات، ومتفائل بخطواتها النوعية التي تنجزها يوماً بعد يوم، كذلك أنا أثق بالعاملين في هذه الصناعة من مخرجين ومنتجين وتقنيين وممثلين، ناهيك عن الكتاب، لكنني أشدد على ضرورة ايلاء البنية التحتية الضامنة لها ما تستحقه من عناية، فيكون هناك اهتمام بتخريج العناصر الكفؤة التي تتيح للسينما أن تتقدم، وذلك يتم عبر تيسير السبل أمام القدرات التي يستحيل الوصول إلى سينما مميزة من دونها، أعني بذلك كل العاملين في الحقل السينمائي من مصورين وتقنيين، وفنيي مونتاج، وسواهم، هؤلاء هم ضمانة لازدهار السينما عندنا، إذ ليس بالوسع الاعتماد على الكتاب والمخرجين والممثلين وحدهم. يوم الحصاد عن المهرجانات السينمائية التي تشهدها الدولة بصورة متتالية يقول المخرج النيادي: المهرجان هو يوم الحصاد، ويماثل فرحة العرس بالنسبة للفيلم بعد أن يكون قد انتظر طويلاً، هي ظواهر جميلة مشجعة تسمح للأعمال السينمائية بالتجوال بين أماكن متعددة، والخضوع لتقييمات متفاوتة. كذلك فإن القيمين على المهرجانات عندنا معنيون بتشجيع العاملين في الحقل السينمائي، ومنفتحون على تقبل الإقتراحات وإدخال التعديلات الملائمة التي تساهم في رفع سوية المشاركة، وتذليل العقبات التي تعترض سبل السير حثيثاً نحو نتاجات متمايزة. وفي الختام يؤكد محدثنا أن جوائز المهرجانات مسؤولية، وإن كانت تعكس بعض الزهو في بداياتها، وهي تلزم الحائزين عليها بتوخي الحذر والخشية من التنكر لها، لكنه يشدد على أن الأساس في السينما أن تكون لذاتها فقط، أي أن يصنع الفيلم لأجل الفيلم وليس طمعاً في أي مقابل مهما كان، وإن يكن من الممتع الحصول على الجائرة فإنه ليس هناك ما يبرر الإصرار عليها، المهم أن يكون السينمائي وفياً للسينما في الأساس والنهاية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©