السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الميزانية العائلية تعاني الأمرّين !

الميزانية العائلية تعاني الأمرّين !
16 فبراير 2007 23:20
شارك في الاستطلاع: أمل المهيري- خولة السويدي حسين الحمادي- صبحي بحيري ريم البريكي- حليمة حسن قدر مواطنون ومسؤولون زيادة بند الإنفاق في ''الميزانية الأسرية'' خلال السنوات الثلاث الماضية بـ40% في ظل ثبات الدخل، الأمر الذي يفاقم من العجز الموجود، ويؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة لا تقف حدودها على مستوى الأفراد· وقال مشاركون في استطلاع ''الاتحاد'' عن ارتفاع تكاليف المعيشة: إن توجه وزارة الاقتصاد للقيام بأول مسح شامل لدخل وإنفاق الأسرة يأتي في وقته المناسب ليشكل أرضية صلبة يمكن من خلالها معرفة الفروق بين الدخل والإنفاق بشكل سنوي، وأشاروا إلى أن المسح لا بد أن تتبعه إجراءات لوضع حد لهذا العجز، الأمر الذي يرهق كثيراً من العائلات المواطنة والمقيمة في الدولة خاصة محدودي الدخول·وحذر مشاركون من التأثيرات السلبية لتفاقم عجز الميزانية الأسرية، وتراجع قدرة كثير من الأسر على تلبية احتياجاتها واحتياجات أفرادها المتزايدة بسبب ارتفاع الأسعار في مختلف السلع والمواد بالرغم من تطبيق البعض لسياسة ''شد الحزام''، وأشاروا إلى زيادة حالات ''المضربين عن الزواج'' من الشباب مع تضاعف الالتزامات المترتبة على تكوين عائلة خاصة أن المؤشرات كلها تنبئ باستمرار زيادة الأسعار في ظل محدودية الدخول· وقال مشاركون في الاستطلاع: إن متغيرات الحياة العصرية أصبحت عاملاً ضاغطاً على كثير من الأسر، حيث تحولت كثير من الأشياء التي كانت تعد من الكماليات إلى ضروريات لا يمكن الاستغناء عنها، مشيرين إلى أن كل فرد في الأسرة أصبح بحاجة إلى غرفة خاصة وجهاز هاتف محمول ''موبايل'' وتليفزيون وكمبيوتر، وكلما كبر الأبناء ازدادت احتياجاتهم في ظل محدودية دخول الأسر وارتفاع الأسعار· وطالبوا بضرورة تعزيز الوعي الاستهلاكي بحيث يُصبح سلوكاً اجتماعياً مرغوباً عوضاً عن سيادة ''النهم الاستهلاكي''، الذي يفاقم من المشكلة، مؤكدين أن الثقافة السائدة الحالية تحض على الإغراق في الاستهلاك·· وأشارت دراسة صدرت عن مركز المعلومات في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي قبل فترة إلى أن دخول الأفراد ما زالت متدنية مقارنة بحجم الأعباء وارتفاع أسعار السلع والخدمات، فـ''الارتفاع المستمر في الأسعار، وزيادة الإيجارات، والانفلات السعري تظل مشكلة للأسرة في الإمارة التي أصابها النصيب الأكبر من انعكاسات ارتفاع الأسعار إلى حد بلغ ببعض الأسر إلى اللجوء للقروض من البنوك والسلفيات، واللجوء إلى الصناديق والجمعيات الخيرية'' حسب الدراسة· وأرجعت الدراسة زيادة حجم الإنفاق على السلع والخدمات بسبب الزيادة في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والخدمات، حيث إن 87% من واردات الدولة تتم بالعملات الأوربية خاصة اليورو و92% من صادرات الدولة تتم بالدولار في الوقت الذي انخفض فيه سعر الدولار عالمياً ما أحدث خللاً في السوق، وانعكس سلباً على العادات الاستهلاكية ونشاط القطاع الاقتصادي، وكذلك على الأسعار والمستهلكين مع ثبات دخول الأفراد· وأكدت الدراسة أن متوسط إنفاق الأسرة ''المواطنة وغير المواطنة'' في الإمارة يشكل حوالي 16,943 درهماً مقارنة بدخل الأسرة الذي يبلغ نحو 15,575 درهماً، حيث نجد أن الإنفاق يفوق الدخل بنسبة 9% ''1368 درهما''· وأوضحت الدراسة أن 70% من الأسر في إمارة أبوظبي تعتمد اعتماداً كلياً على الرواتب والأجور كمصدر للدخل· قال علي ابراهيم، نائب المدير العام للشؤون التنفيذية في دائرة التنمية الاقتصادية: من الصعب إجراء مقارنة بين دخل وإنفاق الأسر حالياً في غياب مسح شامل، وهو ما تقوم به حالياً وزارة الاقتصاد ليتسنى فيما بعد معرفة متوسط دخل الأسرة وقياس نسبة التضخم والزيادة في الأسعار بصورة دقيقة· ويشير علي ابراهيم إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة يرجع لعدة أسباب منها ارتفاع اسعار المواد والسلع المستوردة من الخارج خاصة من الدول الاوروبية نتيجة لارتفاع اليورو مقابل الدولار وارتباط الدرهم بالدولار· كما سبب ارتفاع الإيجارات نتيجة لقلة العرض وارتفاع اسعار الوقود وكذلك ارتفاع الطلب على بعض السلع والمنتجات خاصة في قطاع البناء والتشييد· وبادرت الحكومة على مستوى الحكومة الاتحادية وكذلك الحكومات المحلية باتخاذ الإجراءات للحد من هذا الارتفاع منها وضع سقف وحددت الزيادة في بدل إيجار العقارات في دبي وأبوظبي بما لا يتجاوز 7%· كما بادرت الحكومات وبعض مؤسسي القطاع الخاص بزيادة رواتب الموظفين تلبياً للزيادة في مستوى المعيشة وبهدف تحسين الوضع المادي لموظفي الحكومة وتوفير متطلبات الحياة المادية لهم· وأضاف: أود أن أوضح أن قواعد الاقتصاد الحر تعطي دوراً كبيراً للقطاع الخاص في المساهمة في بناء الاقتصاد الوطني من خلال ممارسته للأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية بحرية تامة ودون عوائق متمتعاً بحرية انتقال رأس المال والسلع والخدمات وتشجع الاستثمارات المحلية والأجنبية، الأمر الذي أدى إلى تحقيق معدلات عالية في النمو الاقتصادي· ولا تتدخل الحكومة في تحديد اسعار الخدمات مع العلم بان الحكومة عند الضرورة تتدخل لاتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها الحد من ارتفاع الأسعار· علاوة على ذلك، فإننا نؤمن أن رجال الأعمال بالدولة واقعيّون في تقديرهم للأمور والأحداث في الدولة ولن يقوموا برفع الأسعار بطريقة عشوائية· وفيما يتعلق بمراقبة الأسعار فان وزارة الاقتصاد تقوم بمراقبة الأسعار· وعن ارتفاع رسوم تصاريح العمل، قال علي إبراهيم: '' تقوم الشركات والمؤسسات بدفع رسوم تصاريح العمل إلى الوزارة ولا يتحملها العمال وبالتالي فان الأعباء المالية للتصاريح تتحملها الشركات والمؤسسات''· قدر خميس عبدالله، الزيادة في تكاليف الإنفاق الأسرية بما يتراوح بين 25 و40% خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرا إلى أن هناك احتياجات وسلعا تحتاجها الأسر تضاعفت أسعارها أكثر من مرة· وحذر خميس من أن استمرار هذا الوضع سيفرز تأثيرات سلبية على الاستقرار الأسري في دولة الإمارات خلال السنوات القليلة المقبلة إذا استمرت حالة الغلاء، خصوصا مع تراجع قدرة الكثير من الأسر على تلبية احتياجاتها واحتياجات أفرادها المتزايدة بسبب ارتفاع الأسعار في مختلف السلع والمواد· وقال إن وجود دخل دائم ومستقر للاسرة بحيث يكون كافيا لتلبية احتياجاتها ومتطلباتها يمثل أولوية مهمة بالنسبة لكافة الأسر إلا أن هذه الأولوية أصبحت تزداد أهمية وصعوبة يوما بعد يوم خاصة في ظل الارتفاع المستمر للأسعار والذي أدى إلى زيادة حجم الإنفاق عن الدخل الشهري للأسر، مشيرا إلى أن آثار هذه المشكلة بدأت تتضح خصوصا بالنسبة للمتزوجين الذين لديهم ما يتراوح بين 4 و5 أبناء، فهؤلاء اصبحت لهم متطلبات معيشية اضافية مثل الموبايل واجهزة الكمبيوتر إلى جانب عوامل الاستقلال الداخلي في الاسرة نفسها حيث اصبح كل ابن بحاجة الى غرفة خاصة ومستلزمات خاصة، وكلما كبر الأبناء ازدادت احتياجاتهم في ظل محدودية دخل الأسر مع ارتفاع الأسعار· واضاف خميس عبدالله ان متطلبات الحياة الحديثة تغيرت بصورة جذرية واصبحت الاحتياجات اكبر من السابق حيث كان بناء منزل من طابقين امرا كماليا للكثير من الاسر، اما الآن فأصبح حاجة مع تزايد حجم الاسر في الوقت الذي تسجل فيه اسعار وتكاليف مواد البناء ارتفاعا كبيرا، مشيرا الى ان هذه المشكلة تجاوزت الاسر القائمة الى فئة الشباب المقبلين على الزواج حيث اصبح الكثير منهم يأخرون الزواج بسبب ارتفاع التكاليف، وكل ذلك يؤدي الى اهتزاز الاستقرار الأسري على مستوى الدولة بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار· وشدد خميس على ان المطلوب لحل هذه المشكلة توفير عدة عوامل من ابرزها تسعير المواد والسلع بصورة تضمن عدم قيام التجار بفرض زيادات سعرية اضافية، الى جانب قيام كل اسرة بالعمل على زيادة مصادر دخلها وعدم الاكتفاء بالراتب الشهري، وهو ما يعطي فرصة اكبر للتوفير الذي اصبح امرا صعبا في ظل الظروف المعيشية الحالية· واشار الى القوانين والتشريعات ودور الجهات الحكومية المختصة في كبح جماح ارتفاع الاسعار، الا انه شدد على ان القوانين والتشريعات تمثل جزءا من الحل وليس الحل الشامل· وأوضح أن هناك دورا مهما على الأسرة القيام به وهو توعية نفسها بأساليب وكيفية الاستهلاك، وقال: في ظل الوضع الحالي اصبحت اغلب الاسر تصرف وتستهلك بما يفوق دخلها، وبالتالي فلا بد من ثقافة جديدة تراعي إدارة الميزانية الأسرية بشكل صحيح، واضاف: في ظل الوضع الحالي لم يعد ينفع العمل بالمثل الشعبي الذي يقول ''اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب''، مشددا على ضرورة وجود جهود من مختلف الجهات الرسمية والشعبية لإيجاد ثقافة استهلاكية جديدة لدى الافراد والاسر وهو الحل المناسب لمواجهة مشكلة الغلاء وتأثيره على استقرار الاسر· سياسة شد الحزام قال حسين علي البزي ان ارتفاع تكاليف المعيشة أثر بشكل سلبي على الاسر في دولة الامارات وأدى الى ارتفاع مصاريف هذه الاسر بنسب يمكن تقديرها بين 35% و40% خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرا الى ان عملية التوازن في الانفاق التي كانت متبعة في السابق لدى اغلب الاسر اصبحت امرا صعبا، وحلت بدلا منها سياسة جديدة تعرف بسياسة ''شد الحزام'' والتي تضطر الى تطبيقها الكثير من الاسر· واضاف ان المشكلة الاساسية هي ضبابية الرؤية لمستقبل الاسعار في ظل الاوضاع الحالية، فلم نعد نعرف اين ستتوقف موجة ارتفاع الاسعار المتواصلة والتي تكثر حججها واسبابها وتبريراتها، ولم نعد نستطيع ان نتنبأ بماذا سيحدث في المستقبل بهذا الشأن· وقال البزي ان هذا الوضع سيفرز مشكلات اجتماعية كبيرة خلال المرحلة المقبلة تتمثل في تغير تركيبة المجتمع واقتصاره على شريحتين احداهما فاحشة الغناء وتمثل التجار والبائعين، والفئة الثانية ستكون فئة فقيرة ومستهلكة، ومهما زادت دخولها سترتفع الاسعار في المقابل وبالتالي ستذهب الزيادة في دخولهم الى هؤلاء التجار الذين سيكونون هم المستفيدين من هذا الوضع· واشار البزي الى ان المسؤول الرئيسي امام هذا الموجة من الغلاء هو الجهة الرسمية المعنية بمراقبة الاسعار وهي وزارة الاقتصاد، مشيرا الى انها لم تفعل حتى الآن شيئا ملموسا يحقق مصلحة المستهلكين في هذا الجانب، ونجد بشكل مستمر ان التجار هم الاكثر استفادة في السوق والمستهلك هو المتضرر بالرغم من التشريعات والمحاولات التي تبذلها الوزارة في هذا الجانب، وبالتالي اعتقد انها تتحمل جزءا مهما في المسؤولية عن موجة الغلاء وارتفاع اسعار المواد والسلع· وشدد على ان التجار لا يكتفون برفع الاسعار بل اصبحوا يستقبلون أي زيادة في دخول المستهلكين او زيادة في الرواتب بزيادة مقابلة في الاسعار، وبالتالي لم تعد عملية زيادة الرواتب تجدي نفعا في ظل هذا الوضع واصبح من الضروري وضع حد لممارسات التجار واستفادتهم المتزايدة من سياسة السوق المفتوح· تبخر المدخرات قال أحمد علي الحمادي: انه في السنوات الماضية لم يعد بالامكان الادخار خصوصا مع الاستثمارات الصغيرة التي تبخرت مع هبوط أسواق المال، وإذا كان المواطن لا يستطيع الادخار نظرا لطبيعته الاستهلاكية فإن الأمر بدأ ينسحب على الوافدين أيضا فدخل الفرد بالكاد صار يكفي لقضاء الاحتياجات الأساسية·· أضف إلى ذلك أن الجميع يلجأون الآن للاقتراض من اجل تمويل شراء الاحتياجات من سيارات أو أثاث أو حتى تمويل رسوم دراسية للأبناء أو تمويل القيمة الايجارية للسكن التي لم يعد الموظف العادي يستطيع دفعها من مرتبه الشهري لذلك يلجأ لتمويلها عن طريق البنوك، لدرجة أن تجد بعد ذلك انه ليس هناك مجال لأي ادخار أو توفير فما بالك بالاستثمار· وأضاف: كل هذه العوامل تؤثر بطريقة أو بأخرى على مستوى معيشة الفرد لدرجة أن هذه الظروف الاقتصادية التي أصبح يعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين والوافدين جعلت الكثير من الوافدين يفكرون بشكل جدي للعودة إلى بلدانهم· وقال: لدي صديق عربي يتقاضى راتبا يتجاوز العشرين ألف درهم لم يتمكن من الإيفاء بمصاريف أبنائه في المدارس الخاصة فقرر إرسالهم إلى بلاده لمواصلة تعليمهم ووجد نفسه بعد فترة يعيش وحيدا فقرر العودة إلى بلاده للبقاء بجانب أولاده لمتابعة تحصيلهم العلمي ولم شمل العائلة، وهي قصة تتكرر كثيراً مع اختلاف التفاصيل· وأشار فيصل العلي إلى أن غلاء المعيشة أفرز مشاكل اجتماعية أخرى فبرزت مشكلة كثرة العزاب في الأحياء السكنية نظرا لاضطرار كثير من العائلات إلى العودة إلى موطنهم الأصلي حتى يتمكن رب الأسرة من الاستمرار في الوفاء بالتزاماته المالية تجاه أسرته· كذلك تجد أكثر من عائلة تعيش في شقة واحدة وكثرت مسألة التأجير من الباطن للشقق وأحيانا تجد عائلة تعيش في غرفة واحدة ضمن شقة تسكنها عائلة أو عائلتان·· وهذا الوضع يكشف لنا عن مأساة حقيقية يعيشها المجتمع، فالناس تأتي إلى الإمارات لتعمل وتحصل على المال من اجل تحسين مستوى المعيشة بشكل عام لكن ما يحدث على ارض الواقع ليس كذلك، فعلى الرغم من ارتفاع مستوى الدخل بشكل عام غير أن ثلاثة أرباع الدخل تذهب بسبب ارتفاع الأسعار·· ومسألة ارتفاع نسبة العزاب في الأحياء السكنية لم تعد مقصورة على الوافدين فبسبب ارتفاع قيمة الإيجارات في ابوظبي، فإن المواطنين من الإمارات الشمالية العاملين في أبوظبي ولا يتم تخصيص سكن حكومي لهم يضطرون إلى ترك عائلاتهم هناك، مؤكداً أن هذا الوضع العائلي يخلق نوعا من التفكك الأسري خصوصا لدى الأبناء وينجم عنه مشكلات عائلية· ويرى خليفة عبيد المزروعي أن مسألة زيادة الرسوم الحكومية التي تفرض على الأعمال أصبحت تشكل مع الغلاء عبئا ثقيلا على أصحاب الأعمال البسيطة أو الصغيرة والمتوسطة، ما يؤشر بدنو نهاية هذه الأعمال· وأضاف: للأسف إن تحركات الحكومة نحو زيادة الرواتب ليست الحل الأمثل فكلما زادت الحكومة رواتب الموظفين ارتفعت الأسعار لدرجة أن الموظف لا يشعر بهذه الزيادة وفي نفس الوقت، فإن هذه الزيادات تضر بالآخرين من الموظفين والمتقاعدين الذين لم يحصلوا على الزيادات لان الأسعار تتزايد بشكل جنوني· أما الرقابة الحكومية على الأسعار فقد أثبتت فشلها الذريع فليس هناك شيء اسمه الرقابة على الأسعار وليس هناك قوانين تردع المخالفين، وإذا وجدت القوانين ليس هناك تطبيق وإذا طبقت هذه القوانين ليس هناك من تنفيذ وإذا نفذت تكون العقوبة غير كافية لردع الآخرين! وأكد المزروعي أن مشكلة ارتفاع الأسعار تظل قائمة فالحكومة تبقى عاجزة عن وقف الارتفاع أو الحد منه مهما فعلت لأن التجار يتحكمون في السوق وهذا أمر يجب أن نعتاد عليه إذا كنا نؤمن بسياسة الأسواق المفتوحة، والواقع مع أننا ننتهج مثل هذه السياسات لكن عندما يتعلق الأمر بالوكالات التجارية أو الاحتكار فإننا لا نتحرك، إذن فالحل الامثل للحد من ارتفاع الأسعار هو تحرير السلع من الاحتكار وإدخال بضائع جديدة إلى السوق· ضغوط متعددة قال محمد بن علي موظف: إن ارتفاع معدل الإنفاق لا يمكن أن يقتصر على سبب واحد لكن ارتفاع الأسعار لم يجعل المرء قادراً على التوفيق بين الدخل والمصاريف ولم يعد للادخار وجود في قاموس الأسر لأنها تريد أن توفر احتياجاتها مع القليل من الترفيه الذي يخفف من أعباء الروتين اليومي· وأضاف: أن هذا الوضع يخلق ضغوطا نفسية على الأسر، مشيراً إلى أن زيادة الرواتب ليست حلاً لأن طفرة الأسعار قضت على رواتب الموظفين بزياداتها وأنعشت أرصدة التجار بثروات غير متوقعة· وعن الاقتراحات للسيطرة على ارتفاع تكاليف المعيشة، قال: إن الأفراد قد يفكرون في حلول آنية للتخلص من عبء الأسعار المرتفعة دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الدولة، ونطالب الحكومة بحلول تقلل من ارتفاع الأسعار حتى تتحسن أوضاع الأسر، وفي رأيي أن خفض الأسعار يبدأ بالمواد الاستهلاكية لأن نصف دخل الفرد يصرف على توفير حاجياته اليومية التي تؤثر في الميزانية الأسرية بشكل كبير· وأشار إلى تأثيرات الزيادة خاصة ما يتعلق بارتفاع نسب ''المضربين عن الزواج'' خوفاً من الغرق في الديون· وقال أسامة زهران: إن ارتفاع تكاليف المعيشة في دولة الإمارات أرهق الأسر ما اضطر الكثيرين من الوافدين إلى إرسال عائلاتهم إلى دولهم كما قام بعض المقبلين على الزواج بتأجيل المشروع حتى تستقر الأمور، وأعتقد أن أساس ارتفاع تكاليف المعيشة تبدأ من ارتفاع أسعار الوقود الذي يؤثر بطريقة أو بأخرى على بقية السلع والخدمات· وبين زهران أن البقاء في الدولة في ظل استمرار ارتفاع المعيشة على الرغم من زيادة الرواتب في الدولة بصفة عامة أمر يعود لقرارات الأفراد إلا أن وضعي لا يضطرني إلى ترك البلد لأن لدي الدخل الخاص ولا أعتمد على وظيفة باعتبار أنني صاحب عمل خاص ولدي طموح للتوسع في المستقبل· وقال حمود بن عبيد إن ارتفاع التكاليف يؤثر على مختلف الشرائح وعلى المواطن والمقيم، وإن تحركات الحكومة في مراقبة الأسعار لم يحدث أي فرق بل زاد الأمر سوءاً فمع زيادة التغطية الإعلامية انتبه الجميع إلى زيادة الأسعار، أما زيادة الرواتب فقد خففت من الأعباء قليلاً لكنها لم تعد الوضع إلى ما كان عليه في السابق· واقترح عبيد إلغاء زيادة أسعار الوقود التي أرهقت الناس وأثرت على أسعار السلع بشكل مباشر لأن جميع السلع تحتاج إلى نقل وتخزين وتوزيع وغيرها· وطالب لجنة مراقبة الأسعار من وزارة الاقتصاد بدورها بالتوجه إلى الجمعيات التعاونية ومحال البضائع الاستهلاكية وإجبارهم على تخفيض الأسعار إلى مستوياتها السابقة قبل زيادة أسعار الوقود لأن بعض المواد الأساسية زاد سعرها بنسبة 100 بالمئة· غياب الرقابة أشار مبارك الخيلي موظف إلى أن أهم عامل وراء تفشي ظاهرة ارتفاع الأسعار والغلاء هو قلة الرقابة على الأسعار والتجار، فالحرية متاحة للتجار لرفع أسعار سلعهم متى أرادوا ذلك، فلا توجد آلية معينة لمعاقبتهم وإيقاف جشع هؤلاء التجار· وأضاف الخيلي أن هذا الارتفاع زاد في الفترة الأخيرة بمعدل من 15 إلى 70 % وهذه النسبة ضخمة، ومن المفترض تتبع الأسباب التي تساهم في تحفيز هؤلاء التجار لرفع سلعهم · ولا يجد الخيلي سببا واحدا لرفع الأسعار خاصة في البضائع المستوردة مثل المواد الغذائية فالأسعار العالمية لم تتغير كثيراً ولو أردنا حساب التكاليف المترتبة على استيراد تلك السلع فأننا نجد أن التكلفة لا تفرض هذا الارتفاع في سعر السلعة فلم تفرض تكاليف ومبالغ إضافية من قبل تلك الدول التي يتم استيراد السلع منها· ويضيف الخيلي أن مسلسل الغلاء يتزايد بشكل كبير ولا حد لهذا التزايد، كما أن القوانين لا تفرض غرامة مالية على التجار تكون رادعا لمن تسول له نفسه التلاعب بالأسعار ورفعها بشكل يضر مصالح الناس· ويرى الخيلي أن المواطن مضطر للتعايش مع هذا الوضع بينما الوافد الذي جاء للدولة للبحث عن مصدر للرزق غير مضطر لذلك، فمثل هذا الغلاء يجعل الكفاءات الوافدة تفكر جيداً في البقاء في الدولة، فالراتب المغري لم يعد كذلك في ظل ارتفاع الأسعار كما لا يسمح بالادخار حيث سينفق الراتب على الاحتياجات الضرورية من سكن وتعليم ومواصلات وبنهاية الشهر لن يتبقى للموظف أي مبلغ لادخاره· وبالإضافة إلى هجرة العديد من العمالة الوافدة والتي تحتاجها الدولة في عملية التنمية، قال الخيلي إن هناك جوانب سلبية سيخلفها الغلاء مثل إعادة أسرهم إلى دولهم وبذلك تكثر العزوبية في صفوف الوافدين ما يخلق مشاكل اجتماعية· احتيال قالت هدى العلي، موظفة بإحدى الشركات الخاصة: إن المشكلة تكمن في تحكم البعض في أسعار السلع والاحتياجات الضرورية والكمالية، فالمعروف أن كل شيء من حولنا يرتفع ويزداد لكن الشيء الوحيد الثابت هو الراتب الذي ما إن يزيد حتى تزداد أسعار البضائع · وتؤكد هدى أن بعض التجار يحتالون على القوانين بطريقة ذكية فهم ما إن يعلموا بطريقة مسبقة بزيادة في الرواتب حتى يقوموا قبلها بفترة برفع أسعار بضائعهم، حتى لا يقال إنهم رفعوا مع زيادة الرواتب· ومن واقع حياتها اليومية، تقول:'' الحقيقة حمى الأسعار أكلت الأخضر واليابس ولم تبق شيئا فابسط احتياجات المرأة تشهد ارتفاعا كبيرا فأسعار الشيل والعباءات ارتفعت بشكل كبير وعلينا أن نتساءل: ما هي المبالغ المالية التي ستدفعها أسرة فيها أربع نساء بحاجة لشراء عباءات·وتؤكد هدى أن لهذا الارتفاع مخاطر كبيرة على معيشة الشخص وتوجهه حيث تفرض نمطاً معيشياً معينا يضيق الخناق أمام حرية الشخص ورغبته في العيش وفق مستوى يكفل له الحياة الكريمة· وتشير إلى أن تأثيرات زيادة الأسعار ستنعكس سلباً على أداء الموظفين، فقد ينعدم لديه الحافز للعمل بجد وإخلاص· وتضيف هدى أن الرواتب التي يتقاضاها موظفو الدولة تعد الأفضل على مستوى العالم وليس على مستوى الخليج لكنها تفقد هذه الميزة بمجرد ارتفاع الأسعار، وتطالب بوضع حد لوقف استهتار بعض التجار· قال سامر شناوي، موظف بإحدى الشركات:'' أعمل في القطاع الخاص وأتقاضى 3000 درهم راتباً شهرياً وكان يكفيني قبل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة· أما الآن فمن الصعوبة القول بذلك حيث أسكن في غرفة مع ثلاثة أشخاص آخرين لزيادة الإيجارات علاوة على بقية السلع والخدمات· وأضاف: ''مثل غيري من الوافدين الذين يعيشون على رواتب قليلة، نضطر للبقاء في الدولة رغم عدم قدرتنا على ادخار أي مبلغ بسبب ارتباطنا بالتزامات هناك في دولنا''· وقال: نأمل أن تشهد رواتب العاملين في القطاع الخاص زيادة مع تضاعف الأعباء علينا خاصة أن ارتفاع الرواتب شمل حتى الخادمات اللواتي تضاعفت دخولهن على الرغم من توفر السكن والمأكل والملبس لهن·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©