الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خفض التصنيف الائتماني يهدد الاقتصاد المصري

خفض التصنيف الائتماني يهدد الاقتصاد المصري
23 أكتوبر 2011 23:15
أكد خبراء ومراقبون اقتصاديون أن الخطوة المباغتة من جانب مؤسسة التصنيف العالمية ستاندرد اندبورز بخفض التصنيف الائتماني لمصر للمرة الثانية خلال شهور قليلة بمثابة ضربة جديدة لجهود دعم الاقتصاد التي تسعى الحكومة المصرية لبذلها بهدف عودة النمو والانتعاش الى البلاد. وتوقع الخبراء تعرض القطاع الخاص المصري، لاسيما شركاته الكبرى العاملة في قطاع الإنشاءات لصعوبات سواء في الحصول على أعمال جديدة على الصعيد الإقليمي أو الحصول على تمويل لمشروعاته الإقليمية التي كان قد حصل عليها في مرحلة سابقة من بنوك إقليمية. وطالبوا بضرورة التعامل مع الخفض الجديد للتصنيف الائتماني لمصر بالجدية اللازمة نظراً للآثار السلبية البعيدة المدى التي سوف تلحق بحركة الاقتصاد الكلي جراء هذه الخطوة المباغتة من جانب ستاندر أند بورز. وقال حازم مدني الخبير الاقتصادي إن النتائج السريعة المترتبة على خفض التصنيف سوف تظهر في تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة للبلاد في الفترة القادمة مما يؤثر على معدلات النمو المحققة لاسيما في ظل الفجوة الكبيرة بين متطلبات هذا النمو ومعدل الادخار المحلي المتواضع للغاية الذي لا يتجاوز 17% من إجمالي الناتج القومي وبالتالي تصبح الحاجة الى الاستثمار الأجنبي ملحة. وأشار مدنى إلى خطورة ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي استنادا لارتفاع درجة المخاطر بالسوق، مؤكداً أن التكلفة سوف تزيد الأعباء على العملية الاستثمارية في مصر. وقال “على سبيل المثال فإن شركات التأمين العالمية سوف تضطر لرفع درجة مخاطر عقود إعادة التأمين التي توقعها مع شركات التأمين المحلية مما سيعرض هذه الشركات للخسائر أو تضطر لزيادة الأعباء على عملائها وكذلك ارتفاع تكلفة نقل البضائع إلى مصر من الخارج وتكلفة نقل البضائع داخليا بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي”. وتابع “كل ذلك تترجمه العملية الاقتصادية الى أرقام فورية سالبة، وبالتالي لا يجب التعامل مع هذا التصنيف الجديد بنوع من اللامبالاة مثلما حدث عند صدور التصنيف الأول، صحيح أن دولا كبيرة مثل إيطاليا وأسبانيا والولايات المتحدة تم خفض تصنيفها الائتماني خلال الفترة الأخيرة إلا أن الوضع بالنسبة لمصر يختلف كثيرا لأنها تمر بثورة استثنائية في تاريخها وتدهور أوضاع الاقتصاد سوف يؤثر على مستقبل هذه الثورة”. من جهتها، أكدت بسنت فهمي مستشار بنك البركة والخبيرة المصرفية أهمية العمل سريعا على إعادة الأوضاع الطبيعية للاقتصاد بما فيها خلق بيئة عمل مواتية عبر الوصول سريعا الى نـوع من الاسـتقرار الأمنـي والسـياسي لإتاحة الفرصة لتعزيز أوضاع العملية الإنتاجية وبالتالي العودة مجددا الى أسواق التصدير وجلب سياحة خارجية بمعدلات جيدة قادرة على توفير قدر معقول من العملات الأجنبية. وقالت “الاستمرار في استنزاف الاحتياطي النقدي سوف يقود البلاد إلى حافة خطر حقيقي، علما بأن قرار ستاندر أند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر يستند في أحد جوانبه الى التآكل السريع لاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي في فترة زمنية وجيزة”. وجاء خفض التصنيف الائتماني الطويل الأجل لديون مصر بالعملة الصعبة من “B.B” الى “B.B سالب”، وخفض التصنيف طويل الأجل للديون بالعملة المحلية درجتين مرة واحدة ليتراجع الى “B.B سالب”، بسبب رؤية الوكالة الدولية لتنامي المخاطر التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلي في ظل المرحلة الانتقالية الحالية مما يوجب اتخاذ سياسات اقتصادية اكثر ديناميكية لتجنيب البلاد مخاطر خفض ثالث للتصنيف في مرحلة لاحقة. وجاء الخفض كذلك بسبب بطء إجراءات التحول الديمقراطي واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية وصراع القوى السياسية على العملية الانتخابية وإعداد دستور جديد وشيوع حالة من عدم الاستقرار السياسي العام التي نتج عنها حالة من الغموض والضبابية إلى جانب أحداث ماسبيرو التي لعبت دورا مهما في صنع حالة من الانزعاج الخارجي لما يدور في مصر، بحسب الوكالة. وأشارت الوكالة إلى أسباب اقتصادية، وتشمل صدور العديد من الأحكام القضائية التي قضت بفسخ عقود بيع العديد من الشركات العامة الى مستثمرين محليين وأجانب بعد سنوات طويلة من توقيع عقود بيع هذه الشركات وتغيير واقعها الاقتصادي والعمالي، الأمر الذي أثار موجة من القلق لدى دوائر الاستثمار الإقليمية والعالمية في ظل اعتزام العديد من المستثمرين ممن تضرروا من صدور هذه الأحكام اللجوء الى التحكيم الدولي لحسم هذه المنازعات. ونوهت الوكالة إلى تدهور أوضاع الاقتصاد الكلي على ضوء المؤشرات الأخيرة الصادرة عن جهات مصرية سواء التي تتعلق بارتفاع المديونية الداخلية وتنامي عجز الموازنة العامة وتحقيق نمو بالسالب للمرة الأولى منذ العام 2001، أو تتعلق بالآثار المترتبة على اتساع نطاق الإضرابات والاعتصامات الفئوية وانعكاساتها على أداء الشركات والمؤسسات الإنتاجية المختلفة. ولفتت الوكالة إلى مرحلة الخطر التي يكاد يقترب منها حجم الاحتياطي النقدي للبلاد من العملات الأجنبية، حيث تشير المؤشرات الى اقتراب وصول حجم هذا الاحتياطي الى نحو 20 مليار دولار، وهو ما لا يغطي سوى أربعة أشهر واردات مقابل 36 مليار دولار كانت تغطي 9 شهور واردات قبل الثورة وقبل أن يتآكل هذا الاحتياطي لأسباب متنوعة. ويرى الخبراء أن الخفض الجديد للتصنيف الائتماني لمصر من جانب مؤسسة ستاندرد اندبورز العالمية جاء في توقيت سيء للغاية بالنسبة لمصر حيث تجري حاليا الحكومة المصرية مفاوضات مع صندوق النقد والبنك الدوليين للحصول على قروض تساعدها على التغلب على أزمة نقص السيولة في الاقتصاد المصري، وهذه الخطوة في هذا التوقيت تصعب الموقف التفاوضي للحكومة المصرية مع البنك والصندوق إلى جانب إضعاف قدرة المؤسسات المالية المصرية على التعامل مع العالم الخارجي. ويتوقع الخبراء أن يترتب على هذه الخطوة سلسلة من النتائج السلبية التي تؤدي إلى مزيد من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري منها ارتفاع تكلفة الاقتراض من الخارج نظرا لارتفاع المخاطر المترتبة على هذه القروض بالنسبة للجهات المقرضة وازدياد معدل القلق لدى المستثمرين الأجانب العاملين في السوق وقد يقرر بعضهم الخروج في المرحلة المقبلة بسبب هذا التصنيف الجديد مما سوف تكشفه حركة تعاملات بورصة القاهرة للأوراق المالية في الفترة القادمة، وكذلك عزوف مستثمرين جدد عن دخول السوق في هذه المرحلة وانتظار ضوء اخضر بإمكانية العودة إلى التصنيف القديم حتى يستطيعوا اتخاذ قرار بدخول السوق المصرية. كما تتمثل النتائج السلبية في تراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي مما يؤثر على معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع سعر صرف الدولار وهو ما ظهر سريعا في سوق الصرف المصرية خـلال اليومين الماضيين حيث قفز سعر صرف الـدولار من 595 قرشا الى 6 جنيهات فور صدور التصنيف الائتماني الجديد لمصر.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©