الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مشكلة القرن في ألمانيا··السقوط في فخ الديون

مشكلة القرن في ألمانيا··السقوط في فخ الديون
16 فبراير 2007 23:40
كارلسروه (ألمانيا)-د ب أ: كان بوسع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تتولى بنفسها الرد على الدعوى التي رفعتها هي شخصياً عندما كانت في المعارضة ضد الموازنة التي أراد الائتلاف الحكومي بزعامة المستشار السابق جيرهارد شرودر اعتمادها عام 2004 ذلك الطلب الذي نادى بالنظر في مدى تماشي الميزانية مع الدستور· كانت ميركل آنذاك تتزعم المعارضة الالمانية ضد الائتلاف الحاكم المكون من الاشتراكيين والخضر بزعامة شرودر· ومع ذلك فقد كلفت الحكومة الحالية وكيل وزارة المالية كارل ديلر (الاشتراكي الديمقراطي) بتولي هذه المهمة ضد كل من الحزب المسيحي الديمقراطي، الحليف الحكومي الحالي، والحزب الديمقراطي الحر· لم تستطع هذه التركيبة الغريبة أن تحجب حقيقة أن المحكمة الدستورية العليا تواجه مشكلة القرن عند النظر في قضية انسجام حجم الاستدانة مع الدستور الألماني فهل تجد المحكمة إجابة على التساؤل عما إذا كان الدستور الألماني يمتلك وسيلة فعالة ''لكبح'' السقوط في هاوية الديون اللانهائية· من ناحية المبدأ فإن المحكمة الدستورية العليا تمتلك وسيلة لمنع ذلك ولكن هذه الوسيلة لم تفلح حتى الان· ويرى نائب رئيس المحكمة الدستورية القاضي فينفريد هاسمر أن حجم الديون بلغ مستوى يقتضي التفكير في التداعيات الدستورية لهذه الديون· وتشير القاضية ليركه اوسترلو عضو المحكمة إلى أن الأداة التي تسمح للمحكمة بالنظر في مدى انسجام الموازنة العامة مع الدستور ترجع إلى عامي 1967 و1969 عندما كان الدستور يقضي بأن تكون الموازنة ''منضبطة'' بشكل لا تورث ديوناً للأجيال القادمة قبل إدخال إصلاحات على الميزانية والنظام المالي بدت معها ''الميزانية المنضبطة'' مسألة عفا عليها الزمن· وقالت: إن أعضاء البرلمان الالماني الذين أرادوا إدخال تعديلات على الدستور آنذاك اتبعوا نظرية العالم الاقتصادي الشهير جون ماينارد كينيس القائلة إن ''النمو الاقتصادي المصاب بالمرض'' يقتضي اتخاذ إجراءات قد تبدو غير منطقية مثل الاستمرار في الاقتراض وقت الأزمات المالية· وأدى ذلك إلى اعتماد المادة 115 في الدستور والتي تقضي بألا يزيد حجم الديون على قيمة الاستثمارات الحكومية ولكنها تسمح باتخاذ إجراءات استثنائية لمنع ''حدوث خلل في التوازن الاقتصادي العام''· ويرى هاسمر نائب رئيس المحكمة الدستورية أن هذه ''التعبيرات الفضفاضة'' أعطت الفرصة للحكومات الألمانية المتعاقبة للاقتراض لتمويل ''الهدايا التي كانت هذه الحكومات تقدمها للشعب عقب نجاحها في الانتخابات''· وترى قاضية المحكمة الدستورية اوسترلو أن نظرية كينيس تقادمت ''حيث يتمنى الكثيرون العودة إلى زمن الميزانية المنضبطة''· ويقول الخبراء: إن البنود الحالية في الدستور تسمح بهذه العودة ولكن إذا عدلت التعبيرات الخاصة بذلك لتصبح أدق حيث يرى رئيس الهيئة الاتحادية للمحاسبات ديتر انجلز أن لفظة ''استثمارات'' الواردة في الدستور لا علاقة لها بالتوصل إلى ''قيم ثابتة للأجيال القادمة''· ويرى انجلز أن الفهم الصحيح لهذه اللفظة كان كفيلاً بضغط الحد الأقصى المسموح به للاستدانة في الميزانية خلال السنوات الثلاث الماضية بمقدار خمسة مليارات يورو سنوياً· ويضيف أن ''الاستثناء المزعوم'' الذي يسمح بتخطي الحد الأقصى للاستدانة لمنع حدوث خلل في التوازن الاقتصادي العام أصبح منذ زمن بعيد ''قاعدة ثابتة'' حيث استخدم سبع مرات منذ عام 1996 فقد تم على سبيل المثال اعتماد قروض جديدة بقيمة 5ر43 مليار يورو عام 2004 في حين لم يتجاوز حجم الاستثمارات 6ر24 مليار يورو في العام نفسه· وقد لا تكون المحكمة الدستورية العليا بريئة تماماً من هذا التطور· فرغم أنها حثت الساسة الالمان عام 1989 على التزام الأمانة في التعامل مع الحد الأقصى للاستدانة إلا أنها أعطت المشرعين مجالاً لتقدير هذا الحد بأنفسهم مما حدا بحكماء الاقتصاد في ألمانيا من أمثال برت روروب إلى الدعوة لإيجاد وسائل فعالة لكبح الاستدانة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©