الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مكي والريّس.. منجزان لافتان في بابل «لغات» الفن

مكي والريّس.. منجزان لافتان في بابل «لغات» الفن
6 نوفمبر 2014 01:50
جهاد هديب (أبوظبي) يبدو أن الأزرق، بتدرجاته المختلفة ولجهة شدة إضاءته، هو اللون الناظم لتجربة الفنانة الإماراتية الدكتورة نجاة مكي، وذلك عندما يؤخذ هذا اللون على مَحْمَل التأويل. الأزرق، في تجربة نجاة مكي عموما، هو لون «تأمل» مثلما أنه لون «ذاكرة» أيضاً. هي بضعة أعمال قليلة توحي للمرء بذلك، يقدمها للفنانة نجاة مكي جاليري هنر وجاليري أجياد، في «فن أبوظبي»، تنضاف إليها بضعة أعمال أخرى للفنان الإماراتي عبد القادر الريّس في المكان نفسه لتشير إلى تجربة أخرى شديدة الخصوصية أيضا في الحركة التشكيلية الإماراتية بالمجمل. غير أن نجاة مكي هنا، فضلاً عن تلك التعبيرية في بعض الأعمال التي تتميز بها شخوصها على السطح التصوري بإيحاءاتها المختلفة والمتنوعة، إلا أنها ها هنا في أعمالها القليلة هذه تذهب إلى التجريد الخالص في البعض منها، غير أنها لا تزال مأخوذة بتلك الألوان، على نحو ما يُؤخذ المتصوفة بالكلام، كالأزرق والأخضر والأحمر والأصفر، أي مجمل ألوان ما يعرف بالدائرة الأساسية للون، مع حضور طفيف للونين المتعادلين: الأسود والأبيض. في هذه الأعمال التي نفّذتها بالزيت والإكريلليك، يتبدى الملمس الخشن على السطح التصويري في تلك الضربات المنفعلة، والخشنة بدورها، وليس على السطح بمجمله، إذ كما لو أن هذه الضربات هي التي تحدد اتجاهاً ما لمشاعر الفنانة في لحظة إبداع ما، وهل تشير هذه الضربات إلى حال من عدم الرضا أو التصالح مع العالم أم لا؟ فهذا شأن الفنانة، مثلما أنه شأن الناظر إلى هذه الأعمال التجريدية إنْ أوحت له بشيء ما يخصه؛ أي بتجربة حسية، أو تأملية تتقاطع مع تجربته الفردية. بينما في الأعمال التجريدية لعبد القادر الريّس، ثمة خطاب تجريدي آخر على مستوى الشكل والمضمون، إنما يحسب المرء أن هذا الفنان، سواء أكانت أعماله واقعية أم تجريدية، فهو ملوّن بالدرجة الأولى، وبإحساس عال لجهة التعبير عن الانفعالات والمشاعر في لحظة تشكّل عمله الابداعي، بحيث يشعر الناظر إلى هذه الأعمال بأن هناك هاجساً ما يسيطر على مخيلة الرجل ويده، إذ تضع اللون على السطح التصويري، في لحظة عمله الابداعي. ولعل أول ما تمنحه هذه الأعمال لدى النظر إليها أنها توحي بـ«عاصفة» من «التشكّل» الأول لهذا الكون أو شيء ما يشبه ما يُعرف بـ«الهيولى» في الأساطير والأدبيات المقدسة، يشعر المرء بأن خلف هذا التشكل الهادئ للإيقاع اللوني على السطح التصويري أن هناك صخباً ما في العمق؛ صخب خطته سكين الفنان في هذا التكوين وليس أصابعه أو فرشاته. يبقى القول إن أعمال الدكتورة نجاة مكي وعبد القادر الريّس، في «فن أبوظبي» تشير إلى منجزين لافتين للانتباه في هذا الـ«بابل» من الأسلوبيات الفنية الحديثة والمعاصرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©