السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنجولا.. أعباء حرب بلا سبب!

16 أكتوبر 2015 23:29
خلال الفترة بين عامي 1975 و2002، كانت أنجولا تكابد واحدة من أعنف الحروب في العالم. وقد فقد نصف مليون شخص أرواحهم خلال ذلك الصراع المرير. وفي عام 1993، وصفت الأمم المتحدة الصراع الذي بدا وكأنه لا نهاية له في الأفق بأنه «أسوأ حرب في العالم». وبعد عشر سنوات منذ نهاية الحرب، صدرت دراسة جديدة تحاول أن تجد لها معنى. وهذه الدراسة التي تحمل عنوان «الهوية السياسية والصراع في وسط أنجولا، 1975- 2002»، وقد أعدها «جوستين بيرس»، الباحث في جامعة كامبريدج، خلصت إلى استنتاج رائع: بالنسبة لكثير ممن عايشوا الصراع، لم يكن هناك معنى وراءه. ولكن هذا لا يعني أيضاً القـــول إن «بيرس» وجد أن الحرب لم يكن لها تأثير على الناس في الواقع، فقد كان لهـا تأثير عميق ومدمر على أنجولا وشعبها. وعلى رغم ذلك، ومن خلال مجموعة واسعة من المقابلات مع شهود عيان عايشـوا الحرب، اكتشف «بيرس» أنه بالنسـبة لكثيرين، لم تكن هناك قوة قاهرة تجبرهم على المشاركة في الصراع أكثر من تعقــــيدات الصراع نفسه. وفي هذا السياق قال «بيرس»: «نحن نعتقد أن معظم الحروب تبدأ بمجموعتين لهما مصالح متضادة. وربما كان الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة هو أن هذا الصراع لم ينشأ من انقسام واسع للهوية في جميع أنحاء المجتمع الأنجولي. وقد مثلت ذروته تتويجاً لعملية تم بواسطتها توظيف القوة المسلحة وسفك الدماء والمجاعة لفرض الإرادة». وقد وقعت الحرب الأهلية في أنجولا على خلفية التنافس بين جماعتين، الحركة الشعبية لتحرير أنجولا «مبلا»، والاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا «يونيتا». وعندما سيطرت «مبلا» على الحكومة المركزية بعد أن حصلت أنجولا على الاستقلال عن البرتغال عام 1975، شنت «يونيتا» حرب تمرد طاحنة. وقد حصلت هاتان المنظمتان على تأييد من أطراف مختلفة من المجتمع الأنجولي. وكانت لهما، على الأقل اسمياً، أيديولوجيات مختلفة إلى حد كبير، حيث كانت «مبلا» حركة ماركسية، بينما كانت «يونيتا» مضادة للشيوعية. وكلا الجانبين كانا مدعومين من قبل قوى الحرب الباردة المتصارعة -فقد حاربت كوبا، التي كان يدعمها الاتحاد السوفييتي، إلى جانب «مبلا»، بينما دعمت الولايات المتحدة حركة «يونيتا»، كما حصلت على مســــاعدات من جنـوب أفريقيا. وعلى رغم ذلك، فقد وجد «بيرس»، كما جاء في دراسته، أن هذه الخلافات لم تنعكس في حياة الناس العاديين في أنجولا عام 1975. وفي مقدمة كتابه، يتذكر مقابلة أجراها مع شابة عام 2002، حيث قالت له: «كنت عضوة في يونيتا. ولكنني الآن عضوة في الحكومة». وعندما سألها «بيرس» عن السبب قالت «لأنني هنا فأنا مع الحكومة». وخلال كتابه، ذكر آخرين أجرى معهم مقابلات أيضاً وأدلوا بآراء مماثلة مما يشير إلى أن ولاءهم للجماعات يستند على الجماعة الأقرب لهم جغرافياً، لا أكثر. وقد قال له أحد أتباع «يونيتا» الذي انضم فيما بعد لحكومة «مبلا»: «في الظروف التي كنا فيها، للضرورة، كان على المرء أن يعرّف نفسه باعتباره مناصراً لحركة يونيتا. وإذا ما عرّفت نفسك غير ذلك، فإنك ستُقتل. طالما أننا باقون مع يونيتا، فنحن يونيتا. ولكن عندما عدنا إلى هنا مع مبلا، أصبحنا من أنصار مبلا». كما قال متحدث آخر مجهول: «خلال هذه الفترة التي اقتربت من 30 عاماً، فقد الناس فكرة أن يكونوا أشخاصاً مستقلين. فهم يقولون: أنا يونيتا، أو أنا مبلا... كنت إما مبلا أو يونيتا، وليس هناك طريق وسط. لقد أصبح الناس مثل الممتلكات». وكان العالم يعتبر الحرب الأهلية الأنجولية كتجلٍ من تجليات الحرب الباردة بالوكالة، ولكن دراسة «بيرس» تكشف أيضاً أن بعض الأنجوليين العاديين كانوا يهتمون بانقسامهم الأيديولوجي، مما يعني أن ثمة استقطاباً سياسياً وايديولوجياً داخلياً في البلاد. وقد أشار العديد ممن أجريت معهم لقاءات إلى أنهم كانوا ببساطة يقبلون سلطة أي قوة عسكرية تسيطر على الأرض التي يعيشون عليها في تلك اللحظة. وبينما استمرت الحرب، بدأت الجماعات المتنافسة في توفير فرص عمل وتقديم خدمات للمدنيين الذين يعيشون في الأرض الواقعة تحت سيطرتهم، وقد أصبحوا يدينون بالولاء للجماعة بسبب تأثيرها الإيجابي على حياتهم. وفي النهاية كانت الحرب عبارة عن «مباراة بمحصلة صفرية»، حيث كان كل طرف يعمل على تدمير قدرة الطرف الآخر. وأضاف أن «مبلا فازت في الحرب من خلال قدرتها العسكرية». إنها نهاية قد يكون لها تأثير سلبي اليوم. ويقول «بيرس»: «إنه في عام 2015، فإن أنجولا (تمر خلال تجربة ديمقراطية متعددة الأحزاب) ولكنها (دولة ما زالت تكابد أعباء الذاكرة والتاريخ ومخلفات الصراع الداخلي السابق، مما قد يؤثر على الأداء السياسي بشكل سلبي، في النهاية)». آدم تايلور* *كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©