الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللهيب الغامض للذاكرة..

اللهيب الغامض للذاكرة..
6 نوفمبر 2014 15:22
يامبو، رجل ستيني يقطن مدينة البندقية، ويعمل في تجارة الكتب النادرة. تعرض لفقدان تام للذاكرة، ورغم قدرته على تذكر حبكة كل كتاب قرأه، وكل بيت شعر، إلا أنه عاجز عن تذكر اسمه، أو تمييز زوجه أو أي من بناته. ولا يذكر شيئاً عن والديه أو طفولته. وفي محاولة لاسترداد ماضيه، يعود إلى منزل عائلته على تخوم الهضاب الممتدة بين ميلانو وتورين. وهناك، في العلية المترامية الأطراف، يبدأ بحثه بين صناديق الصحف الغابرة، مجلات الكرتون القديمة، الأسطوانات البالية، ألبومات الصور، ويوميات مراهقته. هكذا يستعيد يامبو حكاية جيله: موسوليني، التعليم الكاثوليكي، الشعور بالذنب، جوزفين بيكر، فلاش غوردن، وفريد أستير. تستفحل ذكرياته، والحياة الماضية سريعاً أمام ناظريه تتحول إلى رواية مصورة. يسعى بين أطرها للقبض على صورة واحدة بسيطة، تلك التي تعود لحبه الأول. رواية غنية، طريفة ومثيرة للحنين في الوقت ذاته، رواية من القلب للكاتب الذي لا يضاهى: أمبرتو إيكو. ترجمة ــ عائشة الكعبي * الشخصية الرئيسية «يامبو» يفقد ذاكرته، وفي محاولة لإعادة اكتشاف ماضيه، ينسحب من عالمه إلى منزل طفولته، ينقب في صحف ومجلات مضت عليها عقود من الزمن، ويعيد قراءة قصص ومجلات شغف بها في شبابه. كما يستمع إلى الأسطوانات القديمة ويتلو كلماتها في ذهنه. أي جوانب هذه الرواية هو انعكاس لحياتك؟ ** بما أنني أحكي عن فترة ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، فأنا أستذكر طفولتي وصباي. من الواضح أن أغلب ذكريات تلك الفترة هي ذكرياتي الشخصية. وأن جميع صور المجلات والكتب المصورة هي صور مستقاة من نبع ذاكرتي الخاصة. لكني لم أرغب في كتابة سيرتي الذاتية، بل سيرة جيل ما، لذا منحت يامبو ذكريات لم تكن تخصني، وحاولت تصميم «يامبو» الرجل الراشد كشخصية مختلفة عني. كما كان للطفل «يامبو» تجارب لم أعشها لحسن حظي. عاشق الضباب * طوال الرواية، اعتمدت على عناصر عدة لتوضيح معاناة يامبو مع فقدان ذاكرته، على سبيل المثال، استخدمت اقتباسات ومراجع حول الضباب، كيف تحكي هذه الصورة المستعارة قصة يامبو؟ ** بصرف النظر عن كوني ولدت في يوم ضبابي، فإن ذاكرتي مكتظة بالرؤى الضبابية. وأنا أعشق الضباب إلى الحد الذي دفعني إلى جمع مقتطفات أدبية مما كتب حول الضباب منذ زمن هوميروس إلى عصرنا هذا. الضباب هو رمز لا يمكن إغفاله لفقدان الذاكرة. و تكمن المفارقة في أن يامبو فقد ذاكرته الشخصية لكنه احتفظ بذاكرته الثقافية. لذا فقد كان مهووساً بالنصوص التي تتحدث عن الضباب. ويتذكر كلمات الأدباء عنه ، لأنه (الضباب) يمثل ذلك الشيء الذي لم يعد يملك أي ذاكرة بصرية له.. يمثل حياته الخاصة!. * واجه «يامبو» تصاعداً لذلك اللهيب الغامض، وفي الحقيقة فإن «اللهيب الغامض للملكة لوانا» كان عنوان قصة عثر عليها يامبو في كنيسة متواضعة. كيف حددت تلك الحكاية الملهمة ملامح محنة يامبو؟ ** فيما يتعلق باللهيب الغامض، يجب علي الاعتراف أنني حين فكرت في هذه الرواية، وحتى قبل البدء بكتابتها، قررت أن أجعل عنوانها «اللهيب الغامض للملكة لوانا».. لماذا؟ لأنني تذكرت عنوان هذه القصة المصورة التي قرأتها في صغري، تذكرت عنوانها فحسب وليس القصة نفسها. لكن ذلك العنوان حتماً سحرني حين كنت صبياً. أما وقد اعتمدت هذا العنوان لروايتي فقد ترتب عليه أن أجعل يامبو كلما تذكر شيئاً من ماضيه يشعر بذلك الإحساس الغريب الذي يلسعه كنوع من اللهيب الغامض. قصة اللهيب الغامض المصورة كانت مستوحاة في الواقع من رواية لرايدر هاغرد، الأسوأ من ذلك، قد تكون نقلت عن قصة لبيير بينويت الكاتب الفرنسي الذي اتهم بسرقة قصة هاغرد. وبما أنها نسخة عن نسخة، فإن قصة «اللهيب الغامض للملكة لوانا» المصورة لم تكن تحفة أدبية عظيمة. لكنني كما ذكرت افتتنت بعنوانها، وكذلك فعل يامبو. غير أن احتفاظه بذاكرته الثقافية والعامة جعله مفتوناً بالكلمات، فقد فقد الكثير من الأشياء (يما فيها قصة لوانا) ولم يعد يملك سوى الكلمات. ذكريات مستعادة * هذه الرواية ملأى بالتفاصيل الدقيقة لملخصات كتب عدة، وباقات لأشعار بعض الأغاني، وسير أبطال الكتب المصورة، إلى وصف لبعض الطوابع البريدية المتنوعة. ما الذي تطلبه القيام بهذا البحث؟ ** خلال سنين نضجي. تمكنت من استعادة العديد من أشياء طفولتي. لم أحتفظ بكتبي المدرسية في طفولتي لكني تمكنت من العثور عليها مجدداً بالبحث في أسواق الخردة والمكتبات القديمة. لذا فإن أغلب صوري تنتمي إلى مجموعتي الشخصية. وأما بالنسبة للبقية فقد أنفقت عامين من حياتي أنقب وأفتش بين أكشاك الكتب المستعملة. لم يكن علي اختراع أشياء.. فقط استرجاعها. لقد احتفظت في ذاكرتي بصور حية عن كل متعلقات طفولتي. وما كان علي سوى استردادها. * كتبت هذه الرواية حول أكداس من الرسائل الخطية، منشورات مغبرة، وكتب ذات أغلفة جميلة، كيف تشعر حيال انبثاق عصر إلكتروني لا ورقي بالأحرى؟ ** تم إنقاذ العديد من أوراقي القديمة من خلال شبكة الإنترنت، على سبيل المثال فقد تمكنت بمساعدة الإنترنت من تقصي الطوابع التي جمعتها في سن الثانية عشرة. لقد كان من المستحيل استرداد كل تلك الطوابع القديمة إلا عبر تصفح الإنترنت. فقد كانت كل هذه الأخيلة التي تعيش في ذاكرتي (الطوابع) معلن عنها كسلع حقيقية للبيع. وهكذا ترى أن الإنترنت ليست دائماً وسيلة للحلول محل الورق، بل إنها أحياناً يمكن أن تكون وسيلة لإنقاذ الورق من الغرق. * الأخ ويليام من «اسم الوردة» أم «باودولينو» من رواية باودولينو أم يامبو من «اللهيب الغامض للملكة لوانا»، أي شخصية منها تريد أن تلتقي؟ ** ألتقي!!.. إنهم جميعاً حولي.. يحيطون بي ونحن (ندردش) سوية كل يوم.. * لقد نشرت مع دار هاركورت ثلاثة عشر كتاباً تراوحت بين الخيال التاريخي، أدب اليافعين، الغموض والقصص البوليسية، النقد الأدبي، السيميائية، واللغويات. كيف تصنف نفسك كمؤلف؟ ** أنا عالم يكتب الروايات في عطلة نهاية الأسبوع بدلاً من لعب الغولف. * تعيش في ميلانو بايطاليا، وأنت أيضاً أستاذ في جامعة بولونيا، حيث ترأس برنامج علوم الاتصال، كما تكتب عمود الرأي لمجلة (لي اسبريسو) الأسبوعية. وفي مجال الأدب لك مجموعة من المقالات والعناوين التي صدرت في العام الماضي. والآن اللهيب الغامض للملكة لوانا، فهل تعكف حالياً على كتابة رواية أخرى؟ ** لا. لسبب بسيط جداً. كل كتاب، عند نشره، يستهلك عامين – على الأقل – من عمرك. مثل الأطفال، يجب أن تعتني بهم إلى حين اللحظة التي يستطيعون فيها المشي بمفردهم. بما أن الكتاب ينشر بلغة معينة، فإن ذلك يتطلب الكثير من العمل للتعاون مع المترجمين، وقراءة الكثير من الرسائل والرد عليها. بالإضافة لعمل الكثير من اللقاءات الصحفية كما أفعل الآن، فترة العامين لم تنصرم بعد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©