علي الهنوري:
''ليت الثواني والدقائق توقفت قبل أن يفتح القدر أبوابه ليأخذ أعز ما يملكه الانسان، ليت عجلة الزمن تجمدت وتسمرت مكانها قبل أن يطفئ الحادث نور البصر، ليتني أستطيع أن أشاهد ابتسامة أمي أو أن أكفكف دمعها الغالي، لقد اشتقت لألوان الحياة، وأخيراً ليتني اقتنعت بتحذيرات وزارة الداخلية حول مهالك السرعة والحوادث·''
بتلك الكلمات والعبارات لخص الشاب سعيد قراعه النعيمي واقع حاله بعد تعرضه لحادث مشؤوم أثناء مرافقة أحد أصدقائه عندما قام بقيادة سيارة الجيب بتهور عند ممارسة هواية التصعيد على التلال الصحراوية في الدولة·
وقال قراعه إنني اعتبر نفسي مثالاً حياً وواقعيا بالنسبة للشباب المستهترين في قيادة سياراتهم سواء في الطريق أو بين الأحياء السكنية أوفي الشوارع العامة، من دون التقيد بنظم السلامة، مؤكداً أن الحياة الجميلة تستحق العناية بها والتمتع بجميع مفرداتها· وكل مستهتر بتلك القواعد والنظم القانونية مصيره محتوم وطريقه إما للهلاك أو قضاء بقية العمر على أسرة المستشفيات أو على مقعد متحرك!
ثواني العمر
وقال قراعه: ''كنت سكرتير تحقيق في النيابة العامة في عجمان، واليوم أجلس خلف مقعد البدالة بعد أن فقدت نعمة البصر، وذلك قبل خمس سنوات، وبالتحديد في الرابع عشر من يناير عام ··2002 حيث ركبت مع أحد أصدقائي المخلصين في سيارة من نوع جيب لانجلر وذلك قبل غروب الشمس ذلك الذي انطفأ فيه نور عيني، وانطلقنا إلى منطقة الفايه في البر لممارسة هواية السباقات الصحراوية والصعود بها إلى أعالي التلال أو العراقيب·''
وأضاف قراعه: ''أثناء صعودنا بالسيارة إلى أعلى التل بسرعة كبيرة وبمحركات خاصة ذات عزم إضافي بواسطة (غاز النايترس)·· وبسبب غروب الشمس لم نتمكن من تحديد نهاية التل العالي والذي يسمى بالعامية ''بالقص الهيالي''، حيث وصلنا لتلك النهاية بسرعة فائقة لم نستطع حينها التحكم بالسيارة التي طارت في الهواء، وانقلبت حينها على جسمي ورأسي بعد أن قذفتني منها وحطمت أضلاعي وقطعت أوتار الأعصاب الخاصة بالبصر والرؤية·''
واستطرد قراعه سرد قصته الأليمة قائلا: ''دخلت إثر الحادث في غيبوبة ولم أستفق إلا بعد شهر في لندن، حيث اخبرني الأهل أنني كنت في أعداد الأموات بسبب كسور في جمجمتي وأضلاعي، والأعظم كان تفجرا في العينين·''
زايد الخير
وقال قراعه: استطاع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه'' أن ينقذ حياتي عندما علم بحالتي وأرسلني إلى لندن للعلاج حيث عجزت مستشفيات الدولة عن إجراء العمليات الدقيقة الخاصة بالأعصاب وأجزاء الرأس، مؤكدا أنه لولا تدخله رحمه الله لكانت حالته غير طبيعية ،خاصة وأن نسبة نجاح العمليات لا تزيد عن 10 بالمئة، إلا أن عناية الله كانت فوق كل شيء·
وأضاف: ''استطعت أن أعود للحياة مرة ثانية ولكن بصورة أخرى كان من الصعب على أفراد أسرتي تقبلها، إلا أنني تقبلت وضعي الجديد مؤمنا بقضاء ربي وحكمته·· فنعمة البصر ثمينة جدا ولكنني لم أقدرها، لقد تبدلت حياتي وانقلبت إلى 360 درجة ،وأصبحت أقدر دعوة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية حول ضرورة التقيد بقواعد السير والقيادة وعدم التهور والسرعة، كما ان توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ودعوة سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان حول مخالفة كل من يستهتر بالقواعد المرورية بأن تحجز مركبته ويخالف بدفع رسوم عالية سوف تكون رادعة لعدد كبير من الشباب، لا سيما وأن الشيخ مروان بن راشد المعلا رئيس دائرة الاراضي والأملاك بأم القيوين أقام حلبة سباق خاصة للشباب لممارسة رياضة سباقات السيارات بعيدة عن الأحياء السكنية وفق معايير السلامة
دموع الأمهات
وقال قراعه: ''يجب على الشباب المستهترين في قيادة المركبات بأن يراعوا أمهاتهم وأبناءهم وإخوانهم الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر·· ومن أجل دموع أسرتك فلا تسرع، فقد شربت أنا من الكأس نفسه، فكم حزنت أسرتي خلال فترة علاجي وأنا اليوم فاقد بصري، والآن أشعر بدموع أمي بينما كنت أشاهد تقاسيم وملامح أمي· إنه لأمر صعب ولكن من أجل مواصلة الحياة صبرت وتسلحت بنور البصيرة، حيث رجعت إلى عملي ولكن بوظيفة مأمور بدالة والحمد لله أنا راض ومقتنع بهذه الوظيفة، حيث مازلت أكمل مشوار الدراسة كطالب بكلية الحقوق سنة ثالثة في جامعة بيروت العربية، وأتمنى أن أكمل الدراسة في جامعة عجمان فقد تعبت من السفر ونفقات الدراسة بالخارج·''
عدد اليوم
