الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف مدرسي «دائم» يعيد زواره إلى الحياة في الماضي

متحف مدرسي «دائم» يعيد زواره إلى الحياة في الماضي
25 أكتوبر 2011 11:48
إقامة متحف تراثي دائم حتى تنهل منه الأجيال خلال نشأتها في البيئة التربوية والتعليمية، داخل جدران مدرسة، تعد أحد الأفكار البناءة التي استطاعت مدرسة «المستقبل» تحقيقها، لتأدية أغراض توجيهية وتعليمية عديدة، حيث أصبح الطالب قريباً من متحف تراثي تم تنفيذه بأحدث الأساليب والتقنيات، ويضم نماذج كثيرة من القطع التراثية والمجسمات التاريخية التي تعبر عن بيئة الإمارات وحياة شعبها في الماضي، يقصده الطلبة وفق زيارات مجدولة للتعرف على المعروضات والنماذج التراثية المختلفة، مع شرح واف ومفصل عن النماذج المعروضة يتم من خلالها تكريس وعي الطلبة بقيمة الهوية والذات والحفاظ على إرث الأجداد. المتحف التراثي، الذي أسسته مدرسة «المستقبل» يمثل انعكاساً لكل ما يتعلق بتراث دولة الإمارات العربية المتحدة الذي ينهل من محورين أساسيين من تاريخ هذا الشعب العريق، وهما أسلوب الحياة في البرّ (الصحراء والجبال) وفي البحر، كما احتل الصيد جانباً مهماً من الحياة في الماضي، حيث استخدم البدو الصقور المدربة تدريباً عالياً في الصيد، لتظل رياضة الصيد بالصقور الرياضة المفضلة لدى مواطن الإماراتي حتى اليوم. تنوع بيئي حول المتحف التراثي والأقسام التي يضمها، يقول الأستاذ حمد المزروعي مدير مدرسة المستقبل، والمشرف العام على إنشاء المتحف التراثي الثابت في المدرسة «بالرغم من قسوة الطبيعية، كان هناك دائماً بعض النشاط الزراعي في واحات الصحراء وعلى سفوح الجبال، ?كما أن رياضة سباق الخيل تحظى بمكانة بارزة، حيث الإمارات اليوم من أكبر المراكز العالمية في تربية الخيول العربية الأصلية التي تعتبر من مقتنيـات مواطن الإمارات منذ أكثر من ألفي عام. أما التراث البحري، فله أهمية موازية لتراث البر، حيث لا تزال تقاليد بناء السفن الخشبية مستمرة في ترسانات المدن الكبرى، إذ يقوم البحارة المهرة ببناء السفن بالطريقة نفسها التي اتبعها أسلافهم منذ قرون دون الحاجة إلى استخدام المعدات الحديثة. كما يجري تنظيم سباقات القوارب الشراعية والكبيرة، فيما تتولى مؤسسات تراثية مختلفة المحافظة على تقاليد حرفة صيد اللؤلؤ أو الغوص»، مؤكداً أن المؤسسات التربوية والتعليمية في الدولة تهتم بالتراث، وتحرص على تعليم أبنائها تراثهم القديم، وتنمي فيهم روح الانتماء والهوية الوطنية، حيث أقامت مدرسة المستقبل بأبوظبي متحفاً تراثياً يعتبر معلماً سياحياً وتراثياً للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور وزوار المدرسة.?ويتابع «دولة الإمارات العربية المتحدة، كغيرها من الِشعوب، حريصة على إحياء تراثها والحفاظ عليه عبر الأجيال، من منطلق إيمانها بأنه حلقة الوصل النابضة بين الماضي والحاضر، التي تحمل في طياتها حياة الأجداد والآباء بكل ما فيها من تجارب ومعاناة وأصالة ليبقى التواصل مستمراً بين القديم والحديث. فالتطور الذي يعيشه الشعب الإماراتي الآن يعكس تطور حضارة الدولة ورقيها، وما تميزت به الدولة من عادات وتقاليد وموروث شعبي انعكس بشكل واضح وجلي على ثقافتها وحداثتها في العصر الحديث». دعم مادي ومعنوي يوضح المزروعي «كان هدفنا الأساسي من إنشاء المتحف التراثي الثابت هو تنمية الهوية الوطنية للأجيال، وزيادة وبث روح الانتماء لدي الطلاب تجاه دولتنا الفتية، وذلك يتم من خلال معرفة الطلاب بالتراث القديم وإدراكهم ما وصلت إليه الدولة الآن من رقي وحضارة». ويضيف «هذا المتحف تم إنشاؤه وتنفيذه بدعم مادي ومعنوي كبير من مجلس أبوظبي للتعليم، الذي يولي كل الرعاية والاهتمام للطلاب، ويحرص على تنشئة الطلاب في ظل من التطور الإبداعي والتواصل مع العالم الحديث، مع الحرص على الاعتزاز والافتخار بالتراث والهوية الوطنية، كما أن اهتمام أولياء الأمور ودعمهم المتواصل من خلال إمدادنا بالنماذج التراثية الوطنية كان لهما الأثر الكبير في إنجاح مشروع المتحف التراثي بالمدرسة». عن فكرة المشروع، يقول طارق يونس، مدرس التربية الفنية، ومصمم ومنفذ مشروع المتحف التراثي، إن «فكرة المشروع بدأت عندما كنا نقوم في السابق بعمل معارض تراثية في الساحات المدرسية خلال احتفالات الدولة باليوم الوطني، وكان المعرض يستمر لأيام قليلة فقط، وكنا نلاحظ اهتمام الطلاب وأولياء الأمور وزوار المدرسة بهذه المعارض، ومن هنا نبعت فكرة تنفيذ متحف تراثي ثابت بالمدرسة، يظل مستمراً ويؤدي الغرض الحقيقي من إنشائه ويحقق الأهداف الموضوعة من أجله». ويوضح يونس «المتحف التراثي هو مركز ثقافي تراثي تربوي يحتوي على نماذج من التراث الوطني القديم الذي يعبر عن الحياة في مجتمع الإمارات قديماً، ويعتبر متحف «المستقبل التراثي» من أول المتاحف التراثية الثابتة في البيئات التعليمية داخل المدارس على مستوى إمارة أبوظبي، وبعد الدراسة والتخطيط لإنجاز المتحف ووضع الأهداف والمقترحات بدأ التنفيذ عام 2007 وتم افتتاح المتحف في الثاني من ديسمبر من عام 2008». جيل مبدع يقول يونس «كان هدفنا من إنشاء المتحف بناء جيل مبدع واع منتمي لوطنه وتراثه يدرك أهمية الهوية الوطنية، وتراثه الوطني ودورهما في حاضره ومستقبله، ورسالتنا أن نصل بالطلاب إلى مرحلة إدراك التراث الوطني والهوية الوطنية لبناء مجتمع يقدر قيمة التراث الوطني والشعبي ويرتبط به ويحافظ عليه ويعتز بماضيه ويتطلع لمستقبله». وعن أقسام المتحف، يقول يونس «يحتوي المتحف التراثي على أقسام مختلفة تعبر عن الحياة الطبيعية التي كان يعيشها الأجداد في البيئات المختلفة مثل الحياة البرية والصحراوية، والبيئة البحرية، وركن الأزياء الشعبية، والدلال المختلفة، وتم تقسيم المتحف إلى أركان تفصيلية تعبر عن البيئات والنماذج والمجسمات التراثية، وهي على النحو التالي: ? مكتبة تحتوي على مجموعة من الكتب التراثية والفنية والثقافية، أسست بدعم من المجمع الثقافي بأبوظبي، ويقوم الطلاب بقراءتها أثناء زيارة المتحف أو عن طريق الاستعارة. ? ركن الأزياء الشعبية ويتضمن بعض الأزياء التي كانت تستخدم قديما في بيئة الإمارات. ? ركن التراث البحري ويحتوي على بعض النماذج من أدوات الصيد اليدوية القديمة، وبعض النماذج الصغيرة من سفن الصيد والنقل البحري التي كانت تستخدم قديماً. ? ركن الفخاريات المستخدمة، وتضم بعض أدوات الطعام والشراب المصنوعة من الفخار. ? ركن الأواني المعدنية المستخدمة في التراث الشعبي مثل أنواع الدلال المختلفة. ? ركن البيئة الصحراوية وعناصر مختلفة من البيئة الصحراوية مثل نماذج للجمال. ? ركن الجلسة العربية الشعبية القديمة. مركز سمعي بصري لعرض الأفلام التراثية والوثائقية. إلى جانب عناصر مختلفة ومتنوعة من التراث الشعبي قديماً موزعة بالمتحف حسب فئاتها وتصنيفاتها المختلفة، ويكتب على كل نموذج من النماذج الاسم المستخدم باللهجة المحلية حتى يتعرف الطلاب عليها. ويقول يونس، إنه تم وضع مخطط برنامج زمني تثقيفي تربوي لتوافد الطلاب على المتحف، خلال العام الدراسي لتنمية إدراكهم لهويتهم وتراثهم الوطني، ويتم التوافد على المركز الثقافي التربوي لأي طالب وفي أي وقت فراغ خلال اليوم الدراسي للاستفادة من المصادر الثقافية والتراثية والتربوية. وكذلك تفتح الأبواب أمام أولياء الأمور لزيارة المتحف. قيمة اجتماعية عن القيمة الاجتماعية للمتحف التراثي، يقول العربي رضوان، مدرس الدراسات الاجتماعية بمدرسة «المستقبل»، إن المتحف يعمل على ربط المادة بالبيئة المحلية، حيث قامت المدرسة بإنشاء المتحف التراثي لتفعيل الدروس المتعلقة بالتراث، والاطلاع على أنواع التراث الملموس من خلال النماذج والمجسمات والوسائل والأدوات المختلفة، وزيادة عامل التشويق والإثارة عند الطلاب، واسترجاع الماضي في صورة حسية ظاهرة والتعرف على حياة الآباء والأجداد وطرق معيشتهم، وعرض نماذج من التراث القديم في مختلف الجوانب فهو بمثابة حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وإظهار المعالم التراثية والحضارية الإماراتية بطرق مختلفة، ومنها تنظيم الأنشطة والفعاليات والمعارض المتعلقة بالتراث للحفاظ على تراث الآباء والأجداد، حيث إن للتطورات الحديثة أثر كبير على تغيير بعض مظاهر التراث السائدة في مجتمعنا مثل التواصل الاجتماعي، وطرق المأكل وأماكن المسكن. ويضيف «تأتي أهمية إدراج التراث ضمن المناهج الدراسية والحفاظ على العادات والتقاليد والقيم مثل الأزياء الشعبية والحكايات الشعبية والشعر وكرم الضيافة والتعاون وإغاثة الملهوف. كما نسعى إلى الحفاظ على التراث المعماري من مساكن وقلاع وحصون بالإضافة إلى الصناعات التقليدية مثل صناعة السفن والغزل والنسج والفخار»، مشيراً إلى أن ذلك يغرس روح العزة والانتماء إلى الماضي العريق ذي الأصول التاريخية القديمة التي أثرت كثيراً في شخصية الإنسان الإماراتي. من جهته، يذكر مهند الوردات، معلم الدراسات الاجتماعية بمدرسة المستقبل، والذي شارك مع فريق الاختصاصيين الاجتماعيين بالمدرسة في إعداد وتجهيز المتحف، إن للتراث أهمية كبيرة في إبراز هوية المجتمع ووحدته وتماسكه، حيث يقدم التراث خبرات سابقة وتجارب حاضرة يمكن الاستفادة منها، مشيراً إلى أن التراث هو كل ما تركه الأجداد للأبناء والأحفاد من عادات وتقاليد وقيم وحرف ومهن وألعاب شعبية وغيرها. ويوضح أن التراث التراث إلى تراث مادي ويشمل الصناعات التقليدية، والتراث المعماري. وتراث معنوي ويشمل العادات والتقاليد، والأدب الشعبي، والقيم والأعراف.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©