الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون».. موقف «تجاري» متناقض

17 أكتوبر 2015 22:42
قالت المرشحة المنتظرة لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء الماضي، في إطار جلسة المناقشة الأولى التي افتتحها الحزب الديمقراطي، إنها تعارض الاتفاقية التجارية بين دول المحيط الهادي، والتي ستنتهي إلى تأسيس أضخم كتلة تجارية عالمية، وهي التي سبق لها أن أعلنت عن تأييدها عندما كانت وزيرة للخارجية، وها أنا أنصحك بألا تصدق ما تقوله هذه المرة أيضاً!. وتماماً، مثلما حدث عند انتخاب باراك أوباما وسلفه بيل كلينتون، فلقد أصبح من الطقوس السياسية المعتادة للديمقراطيين معارضة اتفاقيات التجارة الحرة في حملاتهم الانتخابية من أجل الفوز بأصوات الاتحادات العمالية، ثم مباركتها بعد أن يصبحوا رؤساء، ولقد كانت اتفاقيات التجارة الحرة الميدان الذي تفوق فيه الجمهوريون خلال العقود الأخيرة، والذي تعامل معه الديمقراطيون بشيء من التردد. وعندما كان أوباما في خضمّ حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2008، قال لي في مقابلة صحفية إنه «لا يشعر بالارتياح» للتصويت لمصلحة اتفاقية للتجارة الحرة مع كولومبيا، وكان قبل ذلك قد قال إنه مهتم بالبحث مع المكسيك وكندا حول اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا اللاتينية لعام 1993، ولكنه ما لبث أن أشار إلى أنها تمثل «صفقة رديئة» لأنها لا تنطوي على ما يكفي من الضمانات الحمائية لحقوق العمال في الولايات المتحدة، ولا لحماية البيئة. إلا أن أوباما صادق بعد ذلك على اتفاقيات التجارة الحرة المنفصلة مع كل من كولومبيا وبنما وكوريا الجنوبية عام 2011، قبل انطلاق مفاوضات الدول الاثنتي عشرة المشاركة في «الشراكة عبر الهادي»، والتي تحولت إلى الاتفاقية الأكثر انطواء على الطموح على الإطلاق في مجال تنشيط التجارة العالمية. وحالما تمت المصادقة على اتفاقية «الشراكة عبر الهادي» من طرف الهيئات التشريعية المتخصصة للدول المشاركة، أصبحت هذه الاتفاقية التجارية الجديدة تضم كلاً من الولايات المتحدة واليابان وسنغافورة وأستراليا وفيتنام وكندا والمكسيك والبيرو والتشيلي وثلاث دول أخرى، وهي تمثل الكتلة التجارية الأضخم في العالم، وتستأثر بنحو 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وتشكل سوقاً مزدهرة لأكثر من 800 مليون نسمة. ولم يقدم الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلا دعماً مشروطاً «لاتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية-نافتا» خلال جولات الحوار التمهيدية لحملته الانتخابية الرئاسية لعام 1992. وقال إنه سيدعم الاتفاقية التي عقدها الرئيس الأسبق جورج بوش بشرط أن تشتمل على الضمانات الكافية للعمل على حماية البيئة، وأن تضمن كذلك حقوق العمال في الولايات المتحدة والمكسيك، وعندما تم انتخابه، سارع إلى تغيير مساره وطالب الكونجرس بالموافقة عليها. وإن لمن الأرجح أن تلتزم هيلاري كلينتون بهذا التقليد، الذي يتميز بانفصام الشخصية، والذي تمسك به أسلافها «الديمقراطيون»، فيما يتعلق بالموقف من اتفاقيات التجارة الحرة، لو فازت بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وعندما يتمعّن المرء بالانتقادات التي وجهتها هيلاري لاتفاقية التجارة الحرة بين دول المحيط الهادي أثناء جلسة الحوار الانتخابية الأولى التي نظمها الحزب «الديمقراطي» الثلاثاء الماضي، فسوف يتراءى له أنها لا تفعل شيئاً أكثر من مجرد تكرار المواقف المتناقضة التي سبقها إليها كل من باراك أوباما وبيل كلينتون عندما كانا مرشحين للرئاسة، ثم عندما وصلا إلى البيت الأبيض. وقالت كلينتون في معرض تعليقها على الاتفاقية الجديدة الأسبوع الماضي: «لقد تم الانتهاء من التفاوض بشأنها الأسبوع الماضي فقط، وأريد الآن أن أتأكد من أن في وسعي أن أنظر إليها بعيني أي أميركي ينتمي إلى شريحة الطبقة الوسطى لأقول له إنها الاتفاقية التي ستساعد على رفع أجورك، ولكنني استنتجت أنه ليس بوسعي فعل ذلك». وعندما كانت تمارس عملها كوزيرة للخارجـية، وكانــت الإدارة الأميركية مشغولة بالتفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة، أعلنت كلينتون عن موافقتها عليها، ولو أعلن نائب الرئيس جو بايدن عن ترشحه للتسمية الانتخابية الرئاسية عن الحزب «الديمقراطي»، فإنه بالتأكيد كان سيتبنى نفس المواقف المتناقضة المتعلقة بالتجارة الحرة. وعندما كان نائباً في الكونجرس، اتخذ موقفاً رافضاً لاتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الوسطى عام 2005، كما رفض اتفاقيتين مماثلتين مع كل من التشيلي وسنغافورة عام 2003. إلا أنه الآن، وباعتباره نائباً لأوباما، فلقد أعلن عن دعمه القوي لاتفاقية التجارة الحرة عبر الهادي. ورأيي الشـــخصي هو أن هـيلاري ستسـتعيد سيرة أسلافها لو فازت في الانتخابات الرئاسية، وسوف تسارع إلى الإعلان عن تأييدها لاتفاقية التجارة الحرة لدول المحيط الهادي لأن هذه الاتفاقية تضمـن علـى أقـل تقـــدير لكل الدول الأعضاء فيها زيـادة صـادراتها والتخفيف من الضغـوط الواقعة على موازينها التجارية. أندريس أوبنهايمر* *محلل سياسي أرجنتيني مقيم في نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©