الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

القاسم بن محمد.. حفيد الصديق وإمام المدينة

6 نوفمبر 2014 23:10
أحمد مراد (القاهرة) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، حفيد خليفة رسول الله، أمه بنت كسرى يزدجرد آخر ملوك الفرس، وعمته السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، كان تقياً عالماً، وأحد فقهاء المدينة السبعة، وأفضل أهل زمانه علماً، وأشدهم ورعاً. ولد القاسم في أواخر خلافة عثمان بن عفان، وكان والده والياً على مصر، ولما قتل أبوه انتقل إلى المدينة، ويحكي القاسم عن ذلك، فيقول: لما قُتل أبي بمصر، جاء عمي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأخذني أنا وأختي الصغيرة، ومضى بنا إلى المدينة، فما أن بلغناها، حتى بعثت إلينا عمتي عائشة، فحملتنا من منزل عمنا إلى بيتها، وربتنا في حجرها، فما رأيت والدةً قط، ولا والدا أكثر منها براً، ولا أوفر منها شفقة، كانت تطعمني بيديها، ولا تأكل معنا، فإذا بقي من طعامنا شيء أكلته، وكانت تحنو علينا، وتغسل أجسادنا، وتمشط شعورنا، وتلبسنا الأبيض الناصع من الثياب، وقد دأبت على تلقيننا ما نطيقه من كتاب الله تعالى، وتروي لنا ما نعقله من حديث رسول الله، وكانت تزيدنا براً وإتحافاً في العيدين، فإذا كانت عشيةُ عرفة، حلقت لي شعري، وغسلتني أنا وأختي، فإذا أصبحنا ألبستنا الجديد، وبعثت بنا إلى المسجد النبوي، لنؤدي صلاة العيد، فإذا عدنا منه، جمعتني أنا وأختي، وضحت بين أيدينا. حلقات العلم وحفظ القاسم كتاب الله تعالى، وأخذ عن عمته عائشة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على الحرم النبوي الشريف، وانقطع إلى حلقات العلم التي كانت تنتشر في كل ركن من أركانه، فروى عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعن عبد الله بن عمر، وعن عبد الله بن عباس، وعن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن خباب، ورافع بن خديج، وأسلم مولى عمر بن الخطاب، وغيرهم، حتى أصبح إماماً مجتهداً، ومن أعلم أهل زمانه بالسنة، ولم يمض وقت طويل، حتى أصبح القاسم وابن خالته سالم، إمامي المدينة الموثوقين، وقد بلغ من مكانتهما في النفوس، أن خلفاء بني أمية وولاتهم، كانوا لا يقطعون أمراً في شأن من شؤون المدينة إلا برأيهما. توسعة الحرم النبوي وُيروى أن الخليفة الوليد بن عبد الملك عزم على توسعة الحرم النبوي الشريف، ولم يكن في وسعه تحقيق هذه الأمنية، إلا إذا هدم المسجد القديم من جهاته الأربع، وأزال بيوت زوجات النبي، وضمها إلى المسجد، وهي أمور تشقُّ على الناس، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز واليه على المدينة، يقول: لقد رأيت أن أوسع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يصبح مئتي ذراع في مئتي ذراع، فأهدم جدرانه الأربعة، وأدخل فيه حجر زوجات النبي، واشترى ما في نواحيه من البيوت، وإنك تستطيع ذلك لمكان أخوالك آل الخطاب، فإن أبى عليك أهل المدينة ذلك، فاستعن بالقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر، وأشركهما معك في الأمر، وادفع إلى الناس أثمان بيوتهم بسخاء، فدعا عمر بن عبد العزيز، القاسم بن محمد، وسالم بن عبدالله، وقرأ عليهما كتاب أمير المؤمنين، فسرا بما عزم عليه، وهبا لإنفاذه، فلما رأى أهل المدينة عالمي المدينة وإماميهما الكبيرين، يباشران في هدم المسجد بأيديهما، أقبل الناس على هذا العمل العظيم في توسعة المسجد. وذات مرة كان القاسم في منى، والناس حوله متحلقون يسألونه، فيقول في بعض السؤال: لا أدري، فأخذهم العجب فقال لهم: والله ما نعلم كل ما تسألون عنه، ولو علمناه ما كتمناه، ولا يحل لنا أن نكتمه، ولأن يعيش الرجل جاهلاً بعد أن يعرف حق الله عليه خير له من أن يقول لشيء لا يعلم، أعلمه. ومن أقوال العلماء عن القاسم، قال ابن المديني، له مئتا حديث، وروى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: ما رأيت أحدا أعلم بالسنة من القاسم بن محمد، وروى خالد بن نزار، عن ابن عيينة قال: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم وعروة وعمرة، قال ابن وهب: ذكر مالك القاسم بن محمد فقال: كان من فقهاء هذه الأمة، ثم حدثني مالك أن ابن سيرين كان قد ثقل وتخلف عن الحج، فكان يأمر من يحج أن ينظر إلى هدي القاسم ولبوسه وناحيته، فيبلغونه ذلك، فيقتدي بالقاسم. وفاته توفي القاسم سنة 108 هـ، وهو ابن سبعين عاماً، وكان قد ذهب بصره، وقال رجاء بن أبي سلمة، مات القاسم بن محمد بين مكة والمدينة حاجا أو معتمراً، فقال لابنه: سن على التراب سنا وسو على قبري والحق بأهلك وإياك أن تقول: كان وكان ثم قال، كفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها، قميصي وردائي، هكذا كفن أبو بكر، وأوصى ألا يبنى على قبره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©