الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الإمارات من الدول الأكثر شفافية في العالم العربي

18 فبراير 2007 01:57
غادة سليم: الشفافية·· غاية المصلحين ونهاية الفاسدين، والأمانة التي ينوء بثقلها كاهل الحكومات النزيهة، والكلمة التي تتفكه بها الحكومات الفاسدة، ومعجزة الشفاء من الخلايا السرطانية الخبيثة للفساد التي تنهك قوى الدول وتفتك بمقدرات الشعوب· ولكن من يقدر على أن يحلم بشيء من الشفافية في ظل عالم ضبابي يسوده الظلم والمحسوبية؟· وأين هي الشفافية من بحور السياسة الغارقة في الأنانية والمكاسب الشخصية؟· تقارير منظمة الشفافية العالمية تؤكد تراجع مستوى الشفافية في دول كانت توصف بمعاقل الديمقراطية والحريات السياسية في العالم ، فما ظنك بحال الشفافية في أوكار القرارات الفردية والممارسات السلطوية؟· ووسط هذه الصورة المعتمة لا زال هناك بصيص أمل في جهود منظمة الشفافية الدولية التي تتخذ من مبدأ مراقبة الفساد شعارا لها في محاولة لفضح الحكومات الفاسدة ودفعها لإصلاح الخلل المتنامي بين الأغنياء والفقراء· وهي منظمة عالمية غير حكومية لها أكثر من مئة فرع حول العالم · ولديها مؤشرها الخاص لقياس مستويات الفساد في 159 دولة من دول العالم· وتصدر المنظمة تقريرا سنويا مبني على معلومات تم جمعها من قبل رجال أعمال وأكاديميين وموظفين بالقطاع العام في كل دولة من خلال تجربتهم في التعاملات اليومية· لذا كان اللقاء بمؤسس منظمة الشفافية العالمية الألماني بيتر آيجن فرصة طيبة للرد على كم كبير من علامات التعجب والاستفهام حول وضع الشفافية في منطقتنا العربية بصفة خاصة والعالم بصفة عامة· وفي المنتدى الاستراتيجي العالمي بدبي كان لنا معه هذا الحوار: ü ما الذي جعلك تحمل هم مكافحة الفساد في العالم كله على عاتقك ؟ üü لقد كان لعملي بالبنك الدولي فترة تجاوزت 25 عاما ، ولإقامتي سنوات طويلة في دول أفريقيا الأثر الكبير في أن ألمس عن قرب مدى التأثير السلبي للفساد· وكيف أن الساسة ورجالات الدولة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية كانوا يرفضون نصائح الخبراء ويقبلوا تنفيذ مشروعات سيئة تلحق الأذى ببلادهم وتسبب أضرارا للبيئة والاقتصاد مقابل حصولهم على رشاوى من الجهات المنفذة للمشروعات· فظل همي الأول متابعة حالات الرشاوى في تلك الدول ثم قررت الاستقالة من منصبي في البنك الدولي لتأسيس منظمة عالمية ترعى المصالح العامة للشعوب، ويكون لها فروع في مختلف أنحاء العالم تعمل كعيون وأذرع لفضح الفساد· وهدف المنظمة ليس كما يظن البعض أنه التشهير بالأشخاص وملاحقتهم قضائيا بقدر ما هو كشف حالات الفساد الرسمي التي يقوم بها رجال السياسة والهيئات الحكومية أمام شعوبهم واقتراح منافذ للخروج من المآزق المترتبة على الفساد· ü كيف تراهن على إمكانية إصلاح الكون من خلال القضاء على الفساد؟ üü لو نجحنا في القضاء على الفساد ستنتهي كل مشاكل الكون· فالفساد هو الأب الشرعي للفقر وهو الحاجز الذي يحول دون محاربته· والفقر هو مصدر الخلل الرئيسي في حياة الشعوب· فكثير من الحكومات والشركات الكبرى ترعى الفساد وتحميه لأنه يحقق مصالحها الخاصة· فالفساد ليس كارثة طبيعية تحل ببلد ما بل عملية منظمة تهدف إلى سلب الفرص من الضعفاء العاجزين عن حماية أنفسهم وحصر المكاسب في شريحة معينة من المجتمع· وهو أمر يضر بعملية النمو الاقتصادي ويقلل من فرص الازدهار والتقدم· فطبقا لمنظمة البنك الدولي فإن الاستثمارات الأجنبية والمشاريع الإنمائية تظل محدودة في البلدان المبتلية بالفساد ، أما البلدان التي تعتمد سياسات الحكم الصالح فإنها تحصد أرباحا إنمائية ضخمة ويقل فيها معدل وفيات الأطفال وترتفع فيها معدلات التعليم وتزيد فيها حصة الفرد من الدخل القومي· أي أن كل المعضلات التي يبحث لها العالم عن حلول يمكن لها أن تختفي بالقضاء على الفساد· فهي دائرة مغلقة تبدأ من حيث تنتهي· ü كيف يمكن لحركة عالمية أن تنجح في محاربة الفساد؟ üü لقد نجحنا بالفعل في إقامة ائتلاف عالمي ضخم لملاحقة بؤر الفساد· وأوضح أثر لذلك هي الحملات التي يتم شنها ضد الشركات الكبرى من أجل الكشف عن حجم الأموال التي تدفع للحكومات من أجل الحصول على مناقصات وعقود· وتهدف هذه الحملات إلى التصدي لنهب الحكومات وكبار الشركات والمؤسسات لأموال الدول· إضافة إلى ذلك فإن التقرير السنوي الذي تنشره المنظمة نجح على مدى السنوات العشر الماضية في توعية الشعوب بحجم المشكلة وإطلاعهم على حجم الفساد وحجم الضرر الذي يسببه· ü هل تتحمل الدول الغنية مسؤولية محاربة الفساد في الدول الفقيرة ؟ üü محاربة الفساد شأن عالمي متكامل تشترك فيه الدول الغنية والفقيرة على حد سواء· ولا ينحصر في الدول محدودة الدخل فقط· فالدول الغنية لابد أن تساهم في علاج القضايا المتعلقة بالفساد التي تقع داخل حدودها ، وأن تعاقب الشركات والهيئات التي يثبت تورطها في أي أداء فاسد خارج حدودها· ولا يجب للدول الغنية أن تتصور أنها في مأمن من تفشي الفساد في الدول الفقيرة · فأول من سيتداعى هو أمنها واستقرارها · لذا فإن من مصلحة الأغنياء رفع وطأة الفقر عن الدول الفقيرة والقضاء على الفساد فيها· وإذا كانت الحكومات الغنية تنوي معالجة مشكلة الفقر العالمية فعليها أن توقف ظاهرة الفساد في العقود العامة· كما أن من واجب منظمة التجارة العالمية الترويج لمفاهيم الشفافية في التجارة العالمية· ü ما هو تقييمك لما تم تحقيقه حتى الآن من أهداف الألفية ؟ üü ليس بالشيء الكثيـــــر· فمـــن المفترض أن قـــادة العالــــم قـــد التزمـــوا في بدايـــة القرن الحالــــي بخفــــض أعـــداد الفقراء إلى النصــــف بحلول عام ·2015 ونحن في منظمة الشفافيــــة نرى أن محاربة الفساد قضية محوريـــة لتحقيق أهـــداف الألفيـــة· من خـــلال تقديم المساعــدات من قبــل البلاد المانحــــة إلى الدول التي تتبنى خطوات ملموســـة لتحسين مستــــوى الإدارة والحفــــاظ على المال العــام· فالتخلص من الفساد وتطبيق الإصلاحات سيفعل دور المساعدات ويساهم في تحقيـــق أهداف التنميـــة الإنسانيـــة والاقتصاديــة التي حددهــا المجتمـــع الدولي· لـــذا فعلى زعمـــاء العالم الكف عن المهاترات وتنفيـــذ وعودهــم التي أطلقوها لتحقيق الحكــم الصالــح والشفافيـــة والمساءلـــة وجعــــل المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر يشعرون بالاطمئنان للمستقبل· فالدول العظمى التي ترفع شعــار محاربــة الإرهــاب أولى بها أن تتبنى محاربة الفساد لأنه أحد العوامل الرئيسيــة المولدة للإرهاب· ü كيف تقيم المنظمة مستوى الشفافية في المنطقة العربية، وهل ساهمت الإصلاحات في تحسين الصورة؟ üü للأسف لا يزال مستوى الشفافية في الدول العربية متراجعا بصفة عامة· ولا تزال التقارير تؤكد أن ملايين الدولارات تهدر سنويا على الرشاوى والإتاوات وشراء الذمم · ولا تزال المحسوبية تلعب دورا كبيرا في تسيير المعاملات في المؤسسات الحكومية العربية · ولقد بلغت نسب الفساد في العراق والسودان واليمن والصومال وليبيا وفلسطين معدلات مرتفعة· وهناك دول عربية أخرى كانت أفضل حالا إلا أنها تراجعت إلى الوراء وازداد فيها الفساد· لكن هناك دول عربية حققت تقدما على صعيد الشفافية أذكر منها دولة الإمارات وقطر ومصر ولبنان وإن كان التقدم بدرجات متفاوتة· ü هل توافق على أن الحرب على العراق ساهمت في خلق أكبر ملف فساد في الشرق الأوسط؟ üü لا يمكن أن نقول بأن الحرب على العراق خلقت أكبر ملف فساد في الشرق الأوسط· فالفساد موجود من قبل الحرب· ولكن لا جدال في أن هناك توليفة خطيرة الآن تساهم في انتعاش الفساد في العراق منها الفوضى العارمة وضعف الحكومة العراقية ووجود السوق السوداء · ولقد تنبهت منظمة الشفافية العالمية لذلك وقامت بحث قوات التحالف على أن تكون أكثر حزما في التعامل مع العقود العامة· وطالبت المنظمة المقاولين الدوليين العاملين في العراق بالالتزام بقوانين منع انتشار الفساد وأن تخضع ريع النفط العراقي للمحاسبة· وبصفة عامة فإن القطاع النفطي في كثير من الدول موبوء بالفساد · فالرشاوى تدفع أثناء عقد الصفقات التجارية وأن هناك شركات تحصل على عقود بدون إجراء مناقصة · فالأمر ليس قاصرا على العراق فقط وإنما بحكم الوضع السياسي يبقى العراق هو الحالة الأبرز· ü ما هو شعورك بتراجع مستوى الشفافية في دول ديمقراطية مثل الولايات المتحدة ؟ üü أشعر بالأسى وخيبة الأمل· فالتقرير السنوي الأخير لمنظمة الشفافية أفاد بأن 70 بالمئة من دول العالم حصلت على أقل من خمس درجات من عشرة· صحيح أن 90 بالمئة منهـا دول نامية وغير ديمقراطيـــة إلا أنه من المؤســـف أن 10% منها دول كانـــت تتعامل بشفافيــة أكثر مع مواطنيها وتحرص على مكافحة الفساد إلا أنها تراجعت وانزلقت في الفساد الحكومي· فعلى مدى السنوات العشر الأخيرة تضاعفت نسب الفساد في دول يتمتع فيها الفرد بدخل عال مثل كندا وأيرلندا· وهو أمر يدفعنا إلى تحذير الدول الغنية إلى أن تعمل جاهدة للحفاظ على مناخ الشفافية· فالدول الغنية ليست بمنأى عن مخاطر الفساد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©