تجارب في البناء والهدم السردي

عصام أبوالقاسم (الشارقة) حول علاقة الإبداع بالإلهام والصنعة تمحورت مداخلات المشاركين في ندوة «سيمياء النص.. تحولات النص الروائي»، التي نظمت ضمن فعاليات ملتقى الأدب في أول أيام الدورة 33 من معرض الشارقة للكتاب. وعلى رغم اتفاق ثلاثة من المتكلمين في المنصة على أن حركة الإبداع الحديث تجاوزت السؤال الذي استغرقته مباحث عدة في أزمنة غابرة. اُستهلت الندوة بمداخلة الروائي السوري خالد خليفة، الذي بدأ بالقول أنه جاء إلى الندوة من دون إعداد مسبق، في إشارة إلى استغلاق العنوان عليه، وهو استند إلى جملة وصفية أنهت بها مديرة الندوة الإماراتية ريم البريكي تقديمها للمشاركين نوّهت عبرها إلى «سحريّة الكتابة»، ليتكلم من بعدها خليفة عن «السيمياء» في تعريفها الذي شاع في التراث العربي، أي بوصفها «علم تسخير الجن/ أو السحر». وقال في هذا السياق إنه ينظر إلى الكتابة كمهنة تستلزم خبرة محددة لا توهب، ولكنها تُكتسب بالمران وبالتدريب المستمر والدائم. وبيّن صاحب رواية «مديح الكراهية» إن خبرته تقتصر على كتابة الرواية وأنه أمضى خمسة عشر عاما يكتب بواقع ست ساعات في اليوم، يهدم ويبني في هيكلية النص، يرسم ويشكل ويصف إلى أن يخلص للصيغة التي يراها مناسبة فيدفع بنصه إلى النشر، ملمحاً إلى أنه لا يعرف الكلام حول الطرائق والأسلوبيات الكتابية لكنه يجيد الحكي ولمس هذه الخبرة لديه منذ وقت مبكر وعرف ان ليس في مقدوره عمل أي شيء سواها ليكسب قوت يومه وألا شيء يعادل سحر الكتابة ليجذبه على نحو ما تفعل الكتابة. من جانبه، تحدث القاص المصري أشرف الخمايسي من منظور يؤكد البعد التخييلي في العملية الإبداعية، فهي عنده تصدر عن إلهام وعن استعداد فطري لا بد من توافره لدى المبدع وتترسخ بالتمرس والمتابعة الجادة. وذكر خمايسي أن القول بسحرية الكتابة يعني الإقرار بالبعد الالهامي فيها، موضحاً أن الكتّاب كثر ولكن من يتميز بينهم هو المبدع وليس الكاتب الذي تعلم طرائق الكتابة. وأضاف «الفارق والمؤثر دائما هو روح الإبداع». وهو ما قاله بطريقته، المتحدث الثالث، الإعلامي والشاعر الفلسطيني سامح كعوش، عن ان الكتابة «تعتبر صنعة بجزئية الدال وهي تعتبر وحياً وموهبة بجزئية المدلول»، وأشار إلى ان الجانب المتعلق بالأسلوب والمنظور وهندسة الفضاء يحتاج إلى خبرة تصنيعية. أما الناشر وكاتب السيناريو لأكثر من أربعة عقود الأمريكي ريك سايمنسون فخصص مداخلته للحديث عن توجهات الكتابة الروائية الحديثة في الولايات المتحدة وحركة النشر ونسب الإصدارات وطرائق توزيعها واستبيانات اختيارات القراء، كما تحدث عن العلائق الادبية بين الولايات المتحدة والعالم العربي، مشيراً إلى أنهم ترجموا العديد من العناوين السردية العربية في السنوات الأخيرة بخاصة في مجال الرواية وأن تفضيلات القراء في أمريكا تركز على الكتابة الحديثة، التي تنفتح على الراهن وتختبر موضوعات جديدة ومثيرة وأن قطاع النشر لديهم محكوم بهذه الاعتبارات دائما.