الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة تحرس القيم.. الرجل يحتكر الحقيقة

المرأة تحرس القيم.. الرجل يحتكر الحقيقة
23 أكتوبر 2013 21:13
في أمسية ثقافية نظمها منتدى الرواد الكبار بالعاصمة الأردنية، خضعت رواية “وسمية تخرج من البحر” للكويتية ليلى العثمان لمبضع الناقد الأكاديمي الدكتور سامح الرواشده الذي رأى أن الرواية تخفي صوت الأنثى وتحجبها عن المشاركة في تقديم وجهات النظر وتتلقى أوامر المنظومة القيمية المسيطرة وتنفذها من دون نقاش. وقال في مداخلته “المرأة.. الحرية.. الموت” إن العثمان وضعت أمامنا تجربة قاسية تؤشر على قسوة القيم الاجتماعية وسطوتها ومن تتمرد على مؤسسة الرجال سيكون مصيرها الموت، معتبرا أن المرأة تواجه التهميش في السرد إذ توكل الروائية مهمة السرد لصوتين ذكوريين فيلتقي التهميش الاجتماعي السائد في الحياة مع التهميش الفني. والرواية الصادرة عن دار الآداب في بيروت حكاية رومانسية وحالمة عبر تقديم حكاية الجار الفقير “عبد الله” الذي يحب ابنة جاره الثري “وسمية” حبا بريئا وصادقا وحقيقيا وترصد نزعة فتاة مراهقة للتحرر من القيود الاجتماعية الصارمة في فترة الخمسينيات وعليها أن تتقيد بقائمة من الممنوعات التي صنعها المجتمع وقدّسها. وتكشف العثمان الزيف الاجتماعي في المجتمع الكويتي وترصد برؤية واضحة ومباشرة الحدود الفاصلة بين طبقات المجتمع في رواية مشبعة برائحة البحر تدور احداثها في أزقة الكويت القديمة بعاداتها وتقاليدها وتتحدث عن مجتمع بطريكي يصادر حرية المرأة ويمنعها من الظهور خلال الخمسينيات. وتستوقف القارئ ملاحظتان، الأولى التوظيف الجميل للمفردة الشعبية الكويتية وبخاصة المفردات المتعلقة بالبحر مثل “العوعو” نجم البحر و”الكرب الأحمر” وهي كرات إسفنجية تدل على موقع الشبكة والمهارة العالية في تأكيد العلاقة الحميمة بين فقراء الكويت والبحر. أما الثانية فمن الطبيعي أن تموت “وسمية” غرقا في البحر لأن تقاليد وعادات المجتمع الكويتي تمنعها من تعلم السباحة فإذا اكتشفها الحارس قرب البحر يكون أشد حتى من الموت ولكي تكتمل المؤامرة فإن والدتي العاشقين تحكمان خيوطهما ليصبح هو الغادر الذي سرق “وسمية “ من يدي أمها الدلالة وأم “عبدالله” الثرية حيث أخذتاها في العتمة لمنع الاقتراب من البحر نهارا وبالتالي إخفاء قصة خروجها ليلا مع عشيقها في نزهة رومانسية شاطئية. ووصف الرواشدة في مداخلته الرواية بأنها تمثل منحى مهما يسعى لعدالة الدور وديمقراطية السرد ويكرّس أدوارا متوازية لعدد من شخصياتها نفورا من مرحلة تاريخية طغت على مستوى الواقع استحوذ فيها أشخاص على احتكار الحقيقة. وقال: إنه بالرغم من أن تعدد الأصوات الروائية يعبر عن نزعة ديمقراطية إلا أنها منحازة لصالح الرجل فهو الجدير أن يسرد ويمتلك الحقيقة لافتا إلى أننا أمام عدالة سردية تصدق على الرجل وتنحاز ضد الأنثى. وحسب الرواشدة فالرواية أقرب إلى رواية النوفيلا التي تراوح بين مستوى الرواية والقصة ويمكن تقسيم شخصياتها لنمطين انطلاقا من دورهما في تشكيل منظومة القيم الاجتماعية التي حكمت على “وسمية” بأن تلقي نفسها في الماء هربا من حكم السلطة الاجتماعية الطاغية. فالأول هو صانعة القيم ويتناول الرجل الذي يفرض قناعاته أو رؤيته على المرأة وعليها أن تنفذ من دون نقاش في حين تقوم المرأة وفق النمط الثاني بحراسة القيم وكان حضورها معززا للدور الذكوري وسلطته. ورأى الرواشدة أن المرأة تواطأت مع الرجل ومنحته تفويضا كاملا ليكون صاحب السيادة الاجتماعية بموازاة دورها التابع الذي تؤدي من خلاله رسالة الرجل وتحرسها لكي تنال تقديرا وحظوة ومكاسب مالية واجتماعية، وبذلك تصبح مخلصة للقانون الذكوري أكثر وتتحول أحيانا لسلطة قمعية على الإناث أكثر من الآباء أنفسهم خوفا من أن يوصم دورها بالتقصير أو الضعف. وكان المدير العام للمنتدى عبدالله رضوان وصف الرواشدة بأنه من الشخصيات المعروفة في الحركة النقدية التي تقدم نقدا جادا وعقلانيا من دون مجاملة مركزا على ما يقوله النص وقال: لعل أفضل تجاربه تتمثل في نقد الشعر وبخاصة دراسته حول القناع في الشعر العربي. وعقب الأمسية قالت القاصة سحر ملص إن الرواية تمزج بين الحب العذري بكل براءته وطقوسه وجمالياته وبين البحر وصخبه وجماله، بطلها “عبدالله” الذي عمل صيادا يعيش بجسمه في الزمن الحاضر على اليابسة وبعقله وخياله مع الماضي ويطوف البحر على أطلال حكاية حب انتهت بمأساة. ووصفت ملص الرواية بأنها تفضح التقاليد السائدة بالكويت في الخمسينيات حول المرأة وتظهر أن الموت أفضل من الحياة لصبية مع قصة حب انكشفت وتبين مدى قهر المرأة “الأم” وتنصيبها حارسة للتقاليد في الوقت الذي يكون الرجل صانعا لها. وحسب ملص فإن ليلى العثمان امرأة متمردة أرادت أن تعطي صورة صارخة لما كان يجري في المجتمع الكويتي فخروج “وسمية” من البحر في نهاية الرواية حتى على شكل طيف يشير لتمرد المرأة وخروجها من قمقم القيود. ومن الجدير ذكره أن الرواية تحولت لسهرة تليفزيونية بطولة الفنانة سعاد العبدالله والفنان خالد امين وحصدت جائزة في مهرجان القاهرة للاذاعة والتليفزيون كما حازت المركز الـ”55” من بين 150 رواية عربية وفق قائمة أصدرها اتحاد الكتاب العرب في دمشق عام 1996 والمرتبة الثالثة خليجيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©