السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

58 فناناً تشكيلياً جزائرياً يعرضون لوحات ومنحوتات تمزج الواقع بالخيال

58 فناناً تشكيلياً جزائرياً يعرضون لوحات ومنحوتات تمزج الواقع بالخيال
27 يناير 2013 20:08
حسين محمد (الجزائر) - استضاف «قصر الثقافة» بالجزائر العاصمة مؤخراً الدورة الخامسة لصالون الفنون التشكيلية والرسم بمشاركة 58 فناناً تشكيلياً، محترفاً وهاوياً، ينتمون إلى 24 ولاية جزائرية، وسُمح لكل فنان بتقديم عملين اثنين، ما جعل عدد اللوحات والمنحوتات المعروضة يصل إلى 116 عملاً، وقد جاءت الدورة الخامسة بعد نجاح الدورات الأربع الماضية التي عقدت منذ عام 2008 وحتى العام الماضي، حيث شارك فيها مجتمعة 260 فناناً، قدَّموا أجود أعمالهم التشكيلية لمحبِّي هذا الفن. تميزت دورة هذا العام بحضور مكثف لأعمال النحت مقارنة بالسنوات الماضية، وبلغ عدد المنحوتات المعروضة 12، وتنوعت بين النحت على الخشب والحجر والنحاس، ولعل أبرزها كان قطعة نحت على الحجر الأبيض بعنوان «القصر» لفاطمة الزهراء أوزغلّة، وهي تختلف عن باقي المنحوتات بأن الجسم المنحوت اتخذ شكل لوحة تشكيلية معلقة على جدار، وحرصت أوزغلة على العناية بتفاصيل زخرفة «القصر» الذي بدا عثمانياً، ما يعني أن هذا العمل استغرق منها وقتاً طويلاً. «رماد» كما شهدت هذه الدورة أيضاً بمشاركة الجزائري المغترب في ألمانيا عبد القادر عقاد بمنحوتتين أجملهما بعنوان «تكافل»، لتمثال رمادي من النحاس الأملس يمثل الجزء العلوي لشخص يرفع يديه، بينما قدم صالح بوشباح منحوتة على الخشب بعنوان «الظهر الممتلئ» ويبدو فيه فنانٌ موسيقي وهو يصارع أعباء الحياة التي أثقلت ظهره، وبخاصة تكاليف المعيشة التي عبّر عنها بقِدر الطبخ وقفة الخضراوات، بينما جاءت منحوتته الثانية «الكأس 2009» للتعاطف مــع أهل غـزة بعد عدوان يناير 2009. أما سيف الدين شربال فأبرز في منحوتته «رماد» ذراعي شخص خارجتين من موقد لتحملا الكرة الأرضية وهي محاطة بسياج شائك من كل جوانبها، في إشارة إلى كثرة الحروب والنزاعات والملفات الشائكة في عالم اليوم. لوحاتٌ مركَّبة أما اللوحات التشكيلية التي تنتمي إلى مختلف المدارس، فجاءت متنوعة بدورها، ثرية في موضوعاتها، مختلفة الأشكال والأنواع، ولعلّ أكثر ما يلفت الانتباه هذه المرة هو بروز لوحات مركَّبة تعتمد على العديد من اللوحات الصغيرة المتجاورة التي تشكل كلها لوحة واحدة تبرز موضوعاً محدداً. إلى ذلك، قدمت نور الهدى عيسات لوحة من 8 قطع بعنوان «معبر الحرية» ويطغى البني القاتم والرمادي والأسود على معظم أجزاء اللوحة العملاقة، وهي إشارة واضحة إلى قتامة الأوضاع الراهنة وعدم استكمال الشعوب لحريتها وعدم تفاؤل الفنانة بغدٍ أفضل. وعلى النقيض من ذلك، بدت لوحة «الضوء» لصليحة بن طيّب، أكثر تفاؤلاً بعد أن غلب الأبيض والأزرق الفاتح على معظم مساحة أجزائها الخمسة. وتناولت العديدُ من اللوحات التجريدية قضايا متنوعة ومنها الحب والأمل والصراعات الإنسانية والانكسارات والخيبات، وغيرها من المواضيع في قوالب رمزية تحتاج أحياناً إلى الكثير من التأمل لاستقراء دلالاتها ومعانيها وفكّ شيفراتها. وكعادة الفنانين التشكيليين الجزائريين المنتمين إلى مختلف المدارس، فقد حظي التراث والهوية باهتمامهم، وجسدوهما في العديد من اللوحات التي ملأت أرجاء قاعة العرض في «قصر الثقافة» ومنها لوحة «غرداية» للفنان أحمد سرادوني، الذي يبدو أنه انبهر بالنمط العمراني لهذه المدينة مع أنه يقطن بالجزائر العاصمة، فجسدها في لوحة جميلة تُبرز بوضوح بيوت أهالي مدينة «غرداية»، جنوب غرب الجزائر، وتقاليدهم المحافظة، وهي البيوت المتميزة بجدرانها العالية ونوافذها الصغيرة المرتفعة التي تسمح بدخول الضوء والهواء دون أن يتمكن الغريب من رؤية ما بالداخل، ما يعكس التقاليد المحافظة لأهل هذه المدينة؛ الأمازيغ المشهورين بانتمائهم إلى المذهب «الإباضي». وفي لوحة أخرى تحمل عنوان «تامزغا»، حاول سردوني تصوير الحضارات المتعاقبة على الجزائر على مرّ التاريخ ومنها الحضارات الفينيقية والرومانية والوندالية والبيزنطية، وصولاً إلى العهد العثماني ثم الاحتلال الفرنسي، وهنا أبرز الفنان أهم الملاحم البطولية الفذة للجزائريين وهم يقاومون الغزاة على مدى التاريخ، في صورة ملوك الأمازيج ماسينيسا ويوغرطة، وصولاً إلى الأمير عبد القادر الذي قاوم الفرنسيين لمدة 17 سنة كاملة، وأبرز سردوني أيضاً جانباً من حضارة «الطوارق» في «التاسيلي» بجنوب الجزائر وكتابة حروف «التيفيناغ» وهي الأبجدية الأمازيغية منذ نحو 6 آلاف سنة، كما تدلّ على ذلك رسومٌ منحوتة على صخور عملاقة بالمنطقة إلى الآن. «نساء متحجبات» وحظي لباسُ المرأة الجزائرية التقليدي أيضاً باهتمام التشكيليين، حيث عبّرت حورية مانع في لوحتها «نساء متحجبات» عن إعجابها بـ»الحايك» وهو لباس تقليدي كانت ترتديه الجزائريات منذ العهد العثماني، قبل أن يترك مكانه للحجاب الحالي منذ نحو ثلاثة عقود فقط ويصبح «مهدداً بالانقراض»، وكأن الفنانة تريد بذلك دعوة الجزائريات إلى العودة لارتدائه كنوع من التمسك بتقاليد الحياء والاحتشام. وفي نفس الإطار، قدمت فتيحة نايت الحسين لوحة «عيشة» وتبرز سيدة تلبس «الحايك» وتضع نقاباً أبيضَ لامعاً على وجهها، كما تقدّم لوحة أخرى للقصبة العثمانية بالجزائر بعنوان «حنين». اللباس التقليدي للرجل اهتم الفنان التشكيلي عبد الغني طاجن، باللباس التقليدي للرجل الجزائري من خلال لوحة «الشيخ» ويظهر فيها جزائريٌ مسنّ وهو يرتدي برنساً أبيضَ وشاشاً ويحمل عصا، وهي العادة التي كانت بدورها سائدة في العقود الماضية، لكن العثور عليها الآن في الواقع أصبح بدوره نادراً ويقتصر على الأرياف أو ما يُسمى بـ»الجزائر العميقة»، حيث لا يزال كبار السن هناك يحتفظون إلى الآن بالملابس التقليدية القديمة ويقاومون كل أشكال اللباس العصري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©