الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إيران وأميركا ·· الحرب القادمة

19 فبراير 2007 02:09
خالد عمر بن ققه: الخلاف الراهن بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، ليس مقصورا في نطاق ضيق بين دولتين الأولى تقود العالم نحو الهاوية والأخرى تزيد في اشتعاله أو تعطي الفرصة بما تتيحه الآن وبما وفّرته من دعم في السابق للشراكة في الكوارث التي ستصيب البشرية مستقبل، كما أنه لا يخص دول تابعة لأمريكا أو لإيران، وإنما هو في حقيقته خلاف عالمي قد يتحول إلى نزاع، بل إلى حرب دامية، قد تحدث خللا في ميزان القوة، إذ أن التجربة الأمريكية لجهة احتلال العراق لن تتكرر أبدا تحت أي ظرف من الظروف، والتملل الروسي جاء واضحا في تصريحات الرئيس ''فلادمير بوتين'' الأخيرة، وعلينا النظر إليها بواقعية سياسية، إذ لا يمكن أن تستولي أمريكا على معظم جغرافيا الطاقة وتظّل الدول المجاورة تتفرّج على المشهد، وأقصد هنا الدول ذات المصلحة المباشرة، خاصة الصين وروسيا· عمليا فإن الخطاب السياسي ببين الدولتين، والذي تغلب عليه طابع البيانات العسكرية، يوحي بأن دائرة الخلاف محددة بقطبين هما إيران وتحكمها في الوضع العراقي وفي جبهات الصراع في لبنان اليوم وسوريا غدا، وأمريكا التي تقود حربا واسعة النطاق ، كل المعطيات تشير إلى فشلها فيها، وربها لهذا السبب تطالب إيران برحيلها من العراق، وللعلم فهذا مطلب الكثير من العراقيين أيضا ، وإذا نظرنا إلى الأمر من ناحية ربط الماضي بأيام غزو العراق بواقع اليوم ، فإيران كانت رافضة للحرب على العراق، على الأقل على مستوى الخطاب السياسي، لكن بالنسبة لصراعها الأزلي مع العراق كانت على مستوى النظام أكبر الأطراف المستفيدة من احتلاله، الأمر الذي يطرح اليوم مدى جديّة مطالبتها برحيل قوات التحالف من العراق وتركه لأهله· الاتهام والصناعة وعلى الطرف الآخر من الخلاف الدائر بين أمريكا وإيران، والذي يرى المراقبون أنه سيتحول في القريب العاجل، أقصاه نهاية الربيع، إلى حرب دامية تأتي في شكل ضربة محددة الأهداف ، بحيث تقضي على المفاعلات النووية الإيرانية، تطرح مسألة الوعي بالخطر من الطرفين، حيث ما تمّ الاتفاق عليه في الخفاء، حدث تراجع عنه بعد ذلك ، والذي قد يكون -اعتمادا على التحليل وليس على المعلومات- إيجاد صيغة مناسبة لحل مسألة الملف النووي الإيراني نظير أن تساهم طهران في نجاح العملية السياسية في العراق، بدليل أن كل عمليات المقاومة كانت تنسب للقاعدة وخصوصا بعد التحاق بعض عناصرها بميدان الحرب ومنهم بالطبع الزرقاوي، والأمر كان ولا يزال وسيبقى في يد العراقيين وحدهم·· أمريكا تعرف أن إيران ليس من مصلحتها المشاركة في أعمال العنف في العراق، على الأقل لتحافظ على المجموعات السياسية الموالية لها·· هنا يطرح السؤال التالي: هل إيران بعيدة عن الاتهامات الأمريكية؟ ليست هناك معلومات متوفرة إلى الآن إلا ما اعتبرته الإدارة الأمريكية إدانة لجهة نوع السلاح المستعمل ونفته إيران على لسان رئيسها'' محمّد أحمدي نجاد''، كما نفاه بعض المحللين والباحثين الإيرانيين بقوله: '' إن إيران تضع على صناعتها بما في ذلك العسكرية تاريخا خاصا بها لا علاقة له بالتاريخ الميلادي الذي اعتبرته أمريكا أحد الأدلة القاطعة على الصناعة الراهنة، ما يعني أن أمريكا مصرّة على ضرب إيران بغض النظر عن الأسباب والدوافع ، ليس لكونهـــا مشاركـــة في أحداث العنف في العراق، وإنما لأن المصلحـــة العليـــا لأمريكا تقتضي هـــذا، وما يروج الآن من اتهامــــات هدفهــــا تحضير المنطـــقة والعالم على المستـــوى النفسي وأيضا على مستوى نتائــــج الضربـــات المتتاليـــة، مثــــل حدوث أزمة نفطيــــة لفترة محـــدودة، وربمـــا لهذا السبب بدأت روسيـــا -كما ذكرت سابقـــا- تعبّر عن رفضهــــا للسيطرة الأمريكيـــــة على العال، وبالطبــــع هـــذا ليس جديدا، إنمــا هو نابـــع من شعورها بالاختـــناق، الذي سيبلـــغ الذروة لكونـهـــا ذات مصالــــح أساسيــــة فــــي إيران· كواليس أوروبية من ناحية أخرى يدور الحديث الآن في الكواليس السياسية لبعض الدول الأوروبية -منها فرنسا وإلى حد ما بريطانيا-يراهن أصحابه على الإصلاحيين أمثال لاريجاني ورفسنجاني وخاتمي لجهة الضغط على الإمام الخامينائي، باعتبار أن ذلك مدخلا لتفادي الحرب، غير أن هذا لا تؤيده كل الدول الأوروبية، كما أنه رهان فاشل بالنسبة لأمريكا بناء على تجاربها السابقة مع القيادات السياسية الإيرانية ومنها الرئيس السابق ''محمدّ خاتمي''، ثم أن بعض رجال الإعلام والاستخبارات الأمريكيين، يرون أن نسبية كبيرة من الشعب الإيراني معادية للسلطة ، لكنها لن تكون في صف الولايات المتحدة في حال قيامها بهجوم على المنشآت النووية الإيرانية· وبخصوص الملف النووي الإيراني دائما فإن الموقف الحازم الذي أبدته ألمانيا وجاء على لسان مستشارتها أنجيلا ميركل لجهة منع طهران من امتلاك السلاح النووي، بل ودفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف متشدّد ضدها ،يكشف عن الوجه الآخر للدول الأوروبية حين تتناقض مصالحها مع بعضها البعض، وأولوية الخيار الوطني على حساب الموقف الجماعي المشترك· كما أن التسريبات المتواصلة سواء من الصحافة الأمريكية أو من بعض الجهــــات الفاعلـــة على مستوى الاتحاد الأوروبي من ذلك مثلا القول: أن إيران ستتمكن خلال شهرين من امتـــلاك القنبلـــة النوويـــــة، وإن كانت جهات أخرى قد نفت تلك التصريحـــات واعتبرتها مجرد لغو اعلامي يترتبط بطبيعــــة المرحلة، ومهما كان فإن الإشارات والتصريحات المتواصلة نفيا أو إثباتــــا تشير كلهــــا إلى التحضير لتبعــــات الضربة الأمريكيــــة المرتقبـــة رغــــم نفي الرئيس بوش لذلــك· خلاصة القول أن المواقف المختلفة للدول بخصوص مستقبـــل العلاقـــة بين طهران وواشنطن إن كانت ستؤول إلى السلم أو الحرب مرتبطـــة بتغليب المصالح، والبدائل التي يمكن أن تقدم من الطرفين، أما ضرب المنشـــآت النوويـــة الإيرانية فقد بـــات وشيكـــا ليس لخطورتهـــا فقط، ولكـــن لما هو أهم من ذلك ·· إنـــه تضــــارب المصالح حـــول تعهــــدات سابقة من طرفي الصراع الراهنة في العراق، كما أن أي تقدم في العلاقات بينهما لجهة السلم أو الحرب مرهون بحسم العلاقة بينهما على أرض العراق·· إنه صراع المواقف على أرض العراق، وفي القديم أغرقت العراق العالم الإسلامي في أزماتها أما اليوم فإنها تغرق العالم كلّه، ومن يدري قد يكون تضارب وتناقض المصالح بين طهران وواشنطن البداية إلى إغراق العالم كلــــه بسبـــب دمــــاء العراقيين التي تراق كل يوم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©