السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات المحلية... وأهمية المصالحة الفلسطينية

الانتخابات المحلية... وأهمية المصالحة الفلسطينية
13 أكتوبر 2012
انطلقت مؤخراً الحملة الدعائية للانتخابات البلدية في الضفة الغربية والمزمع إجراؤها في 20 أكتوبر الجاري. وربما كان من المحتمل أن يكون لـ"حماس" نصيب كبير في مدن مثل نابلس، إلا أن مقاطعتها لهذه الانتخابات تعني أن منافستها حركة "فتح" هي الفائز لا محالة. ومن منطلق هذا المناخ أخذ مرشح "فتح" غسان الشكعة يتحدث وكأنه ضمنَ الفوز. وربما يكون "الشكعة" معذوراً لهذه الثقة المفرطة في ظل مقاطعة "حماس" للانتخابات، مما حدا به مخاطبة مناصريه متحدثاً عن طرح برنامج تعليمي للشباب من الذين لم يجدوا فرصاً للتعليم كواحدة من خططه الرئيسية قائلاً :"دخلنا بالفعل في حوار مع شباب نابلس أنفسهم وطلبنا منهم تقديم احتياجاتهم وما يمكن أن نقوم به حيال ذلك". شغل "الشكعة" منصب عضو في منظمة التحرير الفلسطينية، كما كان قريباً ومشاركاً في سياسة مدينة نابلس منذ خمسينيات القرن الماضي. ويحدوه الأمل بما يملك من علاقات وخبرة طويلة، في أن يدعم ذلك حزبه "قائمة نابلس الوطنية المستقلة" في الفوز بالانتخابات. وقررت "حماس" التي تعتبر المنافس القوي لـ"فتح"، والتي تحكم قطاع غزة، مقاطعة هذه الانتخابات، بصرف النظر عن فرصها القوية في كسب أصوات الناخبين في نابلس والفوز بنسب معقولة في مناطق أخرى. ويُذكر أنها كسبت النتائج في آخر انتخابات بلدية جرت عام 2005 في مدن مثل نابلس وطولكرم وقلقيلية ومدن أخرى. لكن "فتح" لن تسمح لـ"حماس" بحكم الضفة حتى في حالة فوزها بالانتخابات، مما قد يعيد سيناريو 2007 عندما لجأت "حماس" إلى حكمها بالقوة وانقسام الأراضي الفلسطينية إلى حكومتين متنافستين. وفشلت الجهود التي بُذلت لرأب الصدع تحت عدم رغبة كل من الطرفين مشاركة الحكم في المنطقة التي يهيمن عليها. وخلق قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التابع لـ"فتح" والقاضي باستمرار جدول الانتخابات وإصرار "حماس" على مطالبة ناخبيها بمقاطعتها، المزيد من المشاكل. وذكر عبد الله عبد الله، وهو برلماني ينتمي لحركة "فتح"، أنه ليس بمقدور السلطة الفلسطينية انتظار أن تمضي عملية المصالحة إلى جانب الانتخابات، وذلك نسبة إلى أنه ليس من الممكن السماح للخدمات والمقدرات البلدية بالتوقف لأجل غير مسمى. ويقول عبد الله :"ليس ممكناً إيقاف هذه المرافق عن العمل. ورغم أهمية المصالحة، إلا أنه ينبغي الاهتمام بمرافق أخرى، مثل المياه وجمع النفايات والكهرباء والطرق. وعلينا تجديد تفويضنا لمسؤولي البلديات وهذا من صميم ما تنادي به الديمقراطية". وبمواجهة عدم الاكتفاء الاقتصادي على الصعيد المحلي ووصول المفاوضات مع إسرائيل إلى طريق مسدود، تطمح السلطة الفلسطينية في أن تزودها الانتخابات المحلية بشيء من الدعم. ويقول مهدي عبد الهادي، مدير "الجمعية الأكاديمية الفلسطينية لدراسة الشؤون الخارجية" :"ما نشهده يدل على تأكيد حقيقة عدم وجود عملية مصالحة تلوح في الأفق القريب". وبعد المضي لفترة طويلة من الوقت دون تحقيق المصالحة، يبدو أن المناطق ذات الحكم الذاتي في الطريق إلى أن تصبح كيانات منقسمة. ويقول هاني المصري، مدير مؤسسة "بديل" الفكرية في رام الله:"في حقيقة الأمر يبدو التوجه نحو الانقسام واقعاً حتمياً، على الرغم من أنه لم يحدث رسمياً وليس معلناً". وذكر محمود الرمحي، من الضفة الغربية التابع لـ"حماس" والعضو في البرلمان ومن الذين يؤيدون مقاطعة الانتخابات، أن الانتخابات البلدية من شأنها أن تعمق من جراح هذا الانقسام، وأن المصالحة يجب أن تأتي أولاً قبل إجراء أي انتخابات سواء كانت بلدية أو تشريعية أو رئاسية. وتبدو مشاركة "حماس" في الانتخابات غير منطقية في ظل مواجهة ناشطيها لعمليات احتجاز من قبل السلطة الفلسطينية والحكومة في الضفة الغربية. وتم حجز نحو 150 من مناصري "حماس" في الأسبوع الماضي دون اتهامات موجهة لهم، ليتم بعد ذلك إطلاق سراح 40 فقط منهم. ويقول الرمحي:"تكمن المشكلة في قيام السلطات بعد هذه النجاحات بحجز المزيد من أتباعنا. ومن دون الوصول إلى المصالحة ليس هناك ضمانات باحترام النتائج". لكن رفض عبد الله، فكرة تدخل السلطة الفلسطينية في النتائج في حالة خوض "حماس" الانتخابات. ويؤكد "الرمحي"، أنه من الممكن أن تكسب "حماس" الانتخابات المقبلة إذا تراجعت عن قرار مقاطعتها خاصة في مدن مثل الخليل ونابلس ورام الله، على الرغم من أن بعض المحللين يرون أنه ليس بإمكان "حماس" تكرار نتائجها في انتخابات 2005. ووفقاً للاستطلاع الذي أجراه "المركز الفلسطيني للسياسة والبحوث المسحية" من مقره في رام الله، أن 35 في المئة من الفلسطينيين في الضفة الغربية سيصوتون لفتح في حالة إجراء الانتخابات التشريعية في الوقت الحالي، بينما 25 في المئة فقط لـ"حماس". وما ساعد "فتح"، تراجع مفهوم الشعب عن الفساد وقلة حالات الانقسام التي تدور داخل أروقة الحزب، في حين انحسر تقييم أداء "حماس" عند العامة قياساً بالمستوى الذي كانت عليه في 2005. وتسبب غياب "حماس" عن مسرح الانتخابات في نابلس في نشوب نزاع بين مرشحي "فتح" "الشكعة" الأكثر شعبية، و"أمين مقبول" أحد قادة "فتح" السابقين الذي يتضمن حزبه "قائمة الاستقلال والتنمية " ممثلين لمعظم أحزاب منظمة التحرير الفلسطينية. كما تخوض الانتخابات قائمة ثالثة مكونة من فئة ضعيفة من المستقلين تحمل اسم "نابلس للجميع". ولم يبد الناخبون "حماساً" حتى الآن تجاه أي من المرشحين اللذين يمثلان نفس الحزب ويختلفان فقط في شخصيتيهما، ذلك الاختلاف الذي لن يكن فعلياً إلا بمشاركة "حماس". ويرى بعض أفراد الشعب أن "حماس" لن تحصل على مؤيدين لأن فوزها يعني عدم الحصول على إعانات خارجية ما ينتج عنه زيادة سوء الوضع الاقتصادي. ويقول "الشكعة" بأسلوبه اللين مخاطباً مناصريه :"كل ما ترونه في نابلس من انجازاتنا، هذا المركز التجاري الضخم ونظام التصريف في المدينة نحن الذين وقعنا اتفاقيته مع ألمانيا". ومن وعوده الرئيسية بالإضافة إلى برنامج تعليم الشباب، تحسين الاقتصاد المحلي من خلال حث التمويل الأجنبي لتنفيذ مشاريع المدينة، كما فعل إبان فترة الحكم الذاتي الفلسطيني في تسعينيات القرن الماضي. وكانت نابلس واحدة من أكثر المدن الفلسطينية المزدهرة التي اشتهرت بمصانع الأثاث والأحذية والصابون، لكنها تعثرت بفضل السياسات الإسرائيلية وسنوات النزاع والواردات الرخيصة وقلة ثقة المستثمر. ولم تهز الرجل المرشح لحكم مدينة نابلس مقاطعة "حماس" للانتخابات أو حجم التحديات التي تنتظره. ويقول مخاطباً حماس:"إذا أرادوا نيل حظهم من الكعكة يجب عليهم خوض هذه الانتخابات، وإذا لم يرغبوا فذلك قرارهم". بن لينفيلد الضفة الغربية ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©