الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشكيلي أكاديمي يقيم معرضاً عن الفئة الكادحة من العمال

تشكيلي أكاديمي يقيم معرضاً عن الفئة الكادحة من العمال
26 أكتوبر 2011 21:42
يمتلك الفنان التشكيلي المصري محمود عبد الرزاق أفكاراً ومهارات خاصة ظهرت في أعماله الفنية التي كان آخرها عمل مجسمات من الحديد تعبر عن الطبقة الكادحة من العمال وبالتحديد عمال البنية التحتية الذين يتصف عملهم بالشاق جداً، وقد عرض تلك الأعمال مؤخراً في معرض فردي أطلق عليه «الفوعلية» في ملتقى أسرة جامعة الإمارات العربية المتحدة. يد المجتمع عن هذه الأعمال الفنية المبتكرة، يقول عبدالرزاق، الحاصل على دكتوراه في التربية الفنية، ويعمل مدرساً في كلية التقنية العليا للطالبات في مدينة العين «يبحث الفنان والنحات خصوصاً عن كل ما هو جديد، وهذا ما سعيت إليه من خلال أعمالي التي عرضتها بعنوان «الفواعلية» وهي حول مجموعة من الناس يعملون بجد وقوة يحفرون ويبنون ويشقون الطرق، ويمارسون الأعمال اليدوية التي لا يمكن لآلة عملها، وهم بذلك يد المجتمع التي تبني وهم يرضون بالقليل من المال رغم كل ما يبذلونه من جهد». ويضيف «أبرزت تلك الشخصيات وكأنها هياكل عظمية، وكأننا نرى عمق كل شخصية إنسانية، وقمت باختصار الملامح في الوجه والجسم والأرجل، وقد استخدمت خامة الحديد والأسلاك في صقل هذه الأعمال حيث تظهر الأسلاك وكأنها أقواس متقاطعة ومنحنيات، كما استعملت شرائح الحديد ذات السمك المختلف، وللوجه رأيت حلولا مختلفة عن طريق حركات الجسم والدوائر الموضوعة في الصور والتي تعمل على قوة وصلبة العمل النحتي وليس ضعفه وهزله، فقد تقاطعت هذه الدوائر وتماسكت مع الأسلاك التي في الصدر وأيضاً شريحة الحديد وأسلاك الأيدي التي تضع القوة حيث تبدو النسب التي وضعت باتقان شديد رغم اختصار الملامح، والأمر كذلك مع الأرجل أما الظهر والأرداف فجسدتها بالأسلاك الحلزونية الشكل، ليظهر كل شكل أو مجسم بحركة وإيقاع مختلف». ويوضح عبدالرزاق سبب اختياره لخامة الحديد لصنع مجسماته، فيقول «استخدام خامة الحديد والتشكيل بها ليس جديدا فقد استخدمته مدارس فنية عدة على مر الحضارات ومزجته بخامات بيئية أخرى، أما الجديد فهو طريقة استخدام هذا الحديد وتشكيله، وقد استخدمته دون مزجه بأي خامة أخرى لأنه من أقوى الخامات وأردت أن أعبر باستخدامه عن قوة هؤلاء العمال الجسدية وقوة الإرادة والصبر على طلب الرزق، ولم أجد أنسب من الحديد لينسجم مع ذاك الهدف، وقد قمت بطرقه وتقطيعه بآلة القطع باللهب، واستخدمت حديد التسليح وأسلاكا مختلفة مثل سلك الألمنيوم والشبك». ويضيف «طغى اللون الأسود على هذه المجسمات النحتية فوحّدها ومنحها الصلابة والعنفوان والثبات على الأرض، وجسدت الديناميكية من خلال الحركة في الخطوط وسمكها وتنوعها وإيقاعات خطية مبتكرة، وأظهرت العضلات بمساحات مفرغة متوازية متناغمة فبدت المجسمات وكأنها تنطلق في الفضاء معبرة عن نفسها». وقدم عبد الرزاق من خلال معرضه 22 شخصية تجريدية كل منها تختلف عن الأخرى، سرد من خلالها قصة البناء من بدايتها إلى نهايتها، حيث حملت بعض تلك الشخصيات شكل العمال الذين يحفر كل منهم بآلة مختلفة عن الأخرى، وبعضهم الآخر يأكل أو يشرب الشيشة في إيماءة لما يفعلونه بعد يوم شاق ونهاية عملية بناء، وقد استغرقت منه المجموعة 4 أشهر من العمل المتواصل. ويلفت إلى أنه يمكن استخدام فن التشكيل بالحديد في دورة سيقدمها لطالبات كلية التقنية العليا في العين. مشوار فني بعيداً عن معرض «الفواعلية»، يقول عبدالرزاق عن مشواره الفني الذي بدأ منذ سنوات طويلة «بدأت الرسم منذ كنت طفلا صغيرا، ونشأت في أسرة ومدرسة عززتا تلك الموهبة، وقد تأثرت كثيرا بأختي التي تكبرني والتي أنهت دراسة الدكتوراه في القانون حيث كانت موهوبة في الرسم وعمل الأشغال اليدوية، أما أستاذ التربية الفنية في المدرسة فقد علمني أساسيات الخطوط لأي لوحة أود رسمها، وكيف أستخدم الألوان وأوزعها وأنواع الظلال والتعامل مع كل منها، فكنت خلال فترة المدرسة أبدع في رسم الطبيعة والبورتريهات، والتصوير الزيتي أي رسم الأشياء بشكل يطابق الواقع كرسم صورة لاعبين يلعبون كرة القدم أراهم بصورة مباشرة أو أحتفظ بصورتهم في مخيلتي فأرسمهم أثناء الحركة واللعب». ولم يكن اختيار عبد الرزاق لدراسة التربية الفنية في الجامعة مرضيا عنه من قبل ذويه لأنهم يطمحون بأن يدرس تخصصا ذا قيمة اجتماعية أكبر، لكنه أصر على ذلك ولم يكتف بإنهاء البكالوريوس في هذا التخصص بل أتبعه دون انقطاع بالماجستير والدكتوراه. وعن المرحلة الجامعية يقول «مرحلة البكالوريوس في الجامعة حققت لي نقلة نوعية كبيرة وأعتقد أنني بدأت الفن منذ وقتها وما قبلها كانت محاولات هيأتني لها، وذلك لأنني تتلمذت على يد أساتذة عمالقة في الفن ونهلت من خبراتهم ومعارفهم الكثير، حيث تعلمت فنونا كثيرة لم تقف عند فن الرسم وتشكيل عرائس المولد التي كنت أعدها في المدرسة، بل تعلمت فن صناعة الزجاج عبر صناعة قالب ووضع زجاج مكسر فيه وإدخاله إلى الفرن، مع إضافة ألوان إليه لتخرج قطعة فنية بألوان وجميلة، وتعلمت فن أشغال المعدن والحديد والتي شملت دراسة خامة الحديد ومكوناتها ودرجة صلابتها وكيفية تطويعها باللهب ولحامها وغيرها من طرق التشكيل، بالإضافة إلى فن الخيامية وهو فن تطريز الخيوط بزخرفات وأشكال وفن النسيج والكانفا وفن الحفر على الخشب والزجاج وفن الخزف». مسيرة أكاديمية بعد أن تخرج عبد الرزاق من مرحلة البكالوريوس عين معيدا أي مدرسا في نفس الجامعة التي درس بها نظرا لتفوقه، وتخصص في تدريس الطلبة فن تشكيل المجسمات كالنحت والخزف بأنواعه المختلفة مثل التشكيل بالطين والمعجون والبوليستر والجبس ونحوه، وأتم خلال ذلك دراسته للماجستير فكان يدرس ويدّرس في آن واحد ويذكر أنه أعد رسالته في الماجستير عن النحاتين المصريين في فترة الستينيات على أساس أن الفنون تفجرت في تلك الفترة. أما رسالة الدكتوراه فقد خصصها لفن العمارة النوبية مقارنة مع المباني القديمة في مدينة أسوان بمصر والمباني في كل من اليمن والإمارات. ولم تقف طموحاته عند هذا الحد، فبعد أن أنهى دراساته العليا أقام 5 معارض فردية وبحث تناول فيه التشكيلات التي يقوم بها الأطفال بالمعجون والرسومات التي يشخبطون بها على دفاترهم في فترة ما قبل المدرسة وعلاقتها بشخصياتهم ونفسياتهم، ويشرح بعضا من الأعمال التي قدمها في معارضه «في معرضي الأول قمت بتشكيل مجسمات تجريدية صغيرة لراقصات البالية اعتمدت فيها على هياكل حديدية مغطاة بالبوليستر وذلك بعد أن ذهبت إلى دار الأوبرا المصرية وشاهدت عروض راقصات البالية وسجلت في ذهني وأوراقي تلك الحركات الإيقاعية المتوازنة وجسدتها في تشكيلاتي، وفي المعرض الثاني عبرت عن العلاقات الإنسانية عبر مجسمات تتحاور مع بعضها البعض بصورة ثنائية أو أكثر وبأشكال مختلفة واعتمدت على الجبس في صناعتها، وفي المعرض الثالث عملت توليفة بين فن التشكيل بالحديد والخشب بأشكال تجريدية من الحديد والخشب، وطغت تشكيلات البورترية المصنوعة من الطين والبوليستر على معرضي الرابع، والمعرض الخامس معرض الفوعلية علاوة على معارض أخرى شاركت فيها مثل معرض أقامته البلدية عن تاريخ الشعوب وصنعت فيه مجسمات من الفلين تعبر عن الحضارة المصرية والإماراتية، ومعرض آخر شاركت به في باريس عام 2003».
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©