من منا لم تصدمه الخسارة المدوية لمنتخب مصر السداسية التاريخية أمام نجوم غانا السوداء في كوماسي والتي كانت عنواناً صريحاً لإفلاس قيادة فنية، وكانت أيضاً وهذا الموجع في الأمر خروجاً بالكامل من آخر السباق المؤهل نهائيات كأس العالم لكرة القدم بالبرازيل، لأن من يقول: إن منتخب غانا به من إخفاقات تكتيكية ونفسية ما يسمح بسقوط مريع في القاهرة فهو بالتأكيد واهم.
قرأت وسمعت الكثير من التحليلات المعمقة التي حاولت أن توجد لهذا الانهيار الغريب أسباباً تطفئ على الأقل لهب لوجع، فالناس يتعلقون بمن لهم القدرة على سبر أغوار الفواجع ليرفعوا عنهم قليلاً من آثار الدمار النفسي، ووجدت أن هناك من صوب رشاش النقد بالكامل إلى صدر المدير الفني بوب برادلي وأصدر في حقه كثيراً من أحكام القيمة الظالمة، ومعه كان اللاعبون المصريون درجات في سلم النقد العنيف، وبالطبع ما سلم الاتحاد المصري من هذه الهجمة الشرسة، فهو من يدير شأن الكرة المصرية الذي تمرغ في وحل هزيمة هي الأكثر كارثية في تاريخ الفراعنة.
بالقطع ليس لي نية لأن أقيم مرافعة تدفع ما يصدر من تهم موجهة لبوب برادلي، فالرجل مدان في الهزيمة على الأقل في إطارها الفني، مدان لأنه من أدار المباراة، هو من اختار التشكيل، هو من وقف عاجزاً عن إيجاد الحلول لمشكلات تكتيكية وهو من ترك المباراة تأخذ ذلك المنحى الكارثي، فكان كمن يرمي بنفسه وبلاعبيه وبأحلام شعب بكامله إلى التهلكة وإلى التبخر الكامل، ولكننا عندما نرتد قليلاً لننظر إلى خسارة مباراة وإفلاس حلم من ربوة عالية، فإننا سنجد ما كنت قد حذرت منه قبل أشهر عندما أجبرت الظروف التي عاشتها مصر ما بين الثورتين على أن يطبق نظام حظر على الدوري المصري ويتعرض المشهد الكروي حتى لا أقول الرياضي بمرض مزمن، فكل من يتحدث عن كرة قدم من المستوى العالي وكل من يقول بأحقية المنتخب المصري في أن يكون بين فرسان كأس العالم بالبرازيل، في أكثر البطولات تمحيصاً للمنتخبات المؤهلة لها، لا بد وأن يعترف بأن منتخب مصر هزمته ظروفه، وأخاف إن ظل الحال على ما هو عليه أن تجد الكرة المصرية نفسها بعد سنوات قضتها في صف الريادة قارياً، متقهقرة إلى المستويات المتدنية وعندها سيكون الصعود مجدداً إلى صف الكبار مضنياً وشاقاً.
أعتقد جازماً أن الحل هو في عودة الحياة إلى الدوري المصري حتى لو اقتضى الأمر فرض قانون طوارئ رياضي.
drissi44@yahoo.fr
عدد اليوم
