الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تراجع إقبال الصغار على القراءة ظاهرة تهدد الثقافة العامة في المجتمعات الحديثة

تراجع إقبال الصغار على القراءة ظاهرة تهدد الثقافة العامة في المجتمعات الحديثة
13 أكتوبر 2012
يبدأ العام الدراسي وتبدأ معه ضغوط المناهج الدراسية، التي لا تترك لغيرها المجال، فنتساءل.. متى يقرأ طلابنا الكتاب غير المدرسي؟ وفي دولنا الخليجية على الرغم من ارتفاع مستويات التعليم من الابتدائي إلى الجامعي، إلا أن السياسات التربوية لاسيما ما يتعلق منها بالمناهج الدراسية ما تزال قاصرة عن صناعة القارئ من طلابها الذين يقرؤون خارج جدران المدرسة، وكأن لسان حال هذه السياسات يقول، لا قراءة خارج نطاق المقررات المدرسية!والواقع أننا لسنا وحدنا المعنيين بهذا الأمر في يومنا هذا، حيث تختلف أسباب مشكلة العزوف عن القراءة، وتبقى المناهج المدرسية هي المسؤول الأول والأخير عنها. وعلى أية حال، لم تعد قراءة الكتاب الثقافي، غير المدرسي في أي مجال من المجالات العلمية أو الأدبية، معضلة مجتمع بعينه، وحتى المجتمعات الأكثر تقدماً باتت تواجه تراجعاً ملحوظاً في أعداد طلابها الذين يقبلون على القراءة في أوقات فراغهم، ففي تقريرها الصادر مؤخراً حول القراءة لدى الأطفال والناشئين، كشفت إحدى المؤسسات التعليمية البحثية البريطانية، عن تفاوت كبير في معدلات القراءة بين طلاب المدارس بين عامي 2012 و2005. وفيما يشير التقرير إلى أن نسبة الطلاب الذين يقرؤون الكتب الثقافية في أوقات فراغهم بلغت سنة 2005، 40%، فإن هذه النسبة تراجعت إلى نحو 30% سنة 2012. وفي الإطار نفسه تشير إحصائيات التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة مؤخراً إلى أنه، في الوقت الذي يخصص فيه ما يعادل 13260 كتابا ثقافيا للطفل الأميركي سنوياً و2118 كتابا للطفل الفرنسي و1485 للطفل الروسي لممارسة القراءة، فإن معدل ما يخصص للطفل العربي هو 400 كتاب تقريباً. لوم التكنولوجيا تشير “سوزان إلكين” مؤلفة كتاب “فتح القارئ في كل طفل” إلى أن هذا الانخفاض الخطير في معدلات القراءة لدى الطلاب، هو في صميم ما تعاني منه السياسات التعليمية اليوم. وبوجه عام فقد دأبت “التعليقات اليومية” على إلقاء اللوم على التطورات التكنولوجية الحديثة كأجهزة التلفزيون وألعاب الكمبيوتر وغيرها من التكنولوجيا التي تتميز بسهولة الاستخدام، التي يسهل الحصول عليها، بينما تكمن المشكلة الرئيسية في طرق تدريس القراءة في المدارس، وعدم قدرة المناهج التربوية على المشاركة في صناعة القارئ. وعلى سبيل المثال فإن إصرار هذه المناهج على تعليم تلاميذ المدارس الابتدائية القراءة، من خلال طرق التهجئة الصوتية للكلمات لمدة أطول من اللازم، حيث يتم اختيار كلمات أساسية، عملية، ومؤثرة للتهجئة، في الوقت الذي لا يترك فيه المجال الكافي للتواصل مع معاني هذه الكلمات وغيرها من المفردات التي قد تكون على صلة أكبر بالدارس قد يضر بهدف العملية التعليمية على المدى البعيد. والواقع أن طرق التهجئة الصوتية المتبعة في مراحل التعليم الأساسية ضرورية، فهي تنمي لدى الطالب المهارة اللفظية وهي المرحلة الرئيسية الأولى لتعلم القراءة، ولكن؟ عندما يصبح الطفل في السابعة أو الثامنة من عمره ويكون قادراً على تحويل الأحرف إلى كلمات يتعثر في تهجئتها أمام المعلم أو أي شخص بالغ يتولى مساعدته على القراءة، وفي أحيان يصبح قادراً على فهم معانيها بالنظر إلى ارتباطها بحياته اليومية، عندها تأتي المرحلة التالية أو ما يسمى بمرحلة “القراءة الجادة” التي ينبغي أن يشارك فيها الآباء أو البيت المعلمين. وكما يعلم هؤلاء أبناءهم السباحة فهم مجبرون على المشاركة في تعليمهم القدرة على التحمل والاستمرار في العوم في خضم الكلمات والمعاني لفترات أطول حتى يستمتعوا بهذه الهواية وربما التحدي. وبالتالي فإن تعلم القراءة أمر لا يحتاج فقط إلى الكتاب المدرسي وإنما إلى ظروف أو بيئة مصاحبة مثل القصة الممتعة، الحكاية المدونة التي تدور حول ما حدث بالأمس خلال مباراة لكرة القدم مثلاً، عدة فقرات تتحدث عن برنامج تلفزيوني مشوق تستمتع بمشاهدته الفتاة، الكتاب العلمي وغير الأدبي الذي يتناول موضوعات رياضية أو تاريخية أو جغرافية أو اختراعات أو سير حياة أشخاص، وما إلى ذلك. إن توقف الطفل في هذه المرحلة عن القراءة بالتهجئة الصوتية، التي غالباً ما تعود القارئ على القراءة بصوت مرتفع، فلا تسهم إلا في جعله قارئاً بطيئاً، سيكون ضرورياً من أجل فهم معنى الكلمات التي يرددها. والحقيقة أن دماغ الإنسان لديه القدرة على تحويل الرسومات والإشارات التوضيحية المرئية بالعين ومنها الأحرف والكلمات إلى معان من دون الحاجة إلى مرورها عبر الفم وترديدها بصوت مسموع. غير أن الأمر لا يبدو كذلك. الرهان على الأسرة وللأسف فإن ما يعانيه المعلمون على وجه التحديد، في مدارسنا اليوم من تكدس المناهج المدرسية، والأعباء الوظيفية والمنزلية بات ينعكس سلباً على مسألة تطوير مهارة القراءة، التي تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد. ويبقى الرهان على الأسرة. هل يمكن اصطحاب الطفل إلى المكتبة لاقتناء الكتب التي تلفت انتباهه ويحب أن يقرأها؟ هل يمكن للأسرة أن توفر الأجواء الملائمة للقراءة، بإغلاق جهاز التلفزيون، كمبيوتره، هاتفه المحمول، والألعاب الإلكترونية الموجودة في غرفة نومه، التي لا يمكن أن تكون هي مكانها الأساسي حسب ما تشير إليه أبحاث حديثة، نظراً لتأثيرها السيئ على أدمغة الأطفال في سن مبكرة. وبالمقابل فإن ما يفضل الإبقاء عليه في غرفة الطفل هو الكتاب الإلكتروني البسيط أو ما يعرف بالكتاب الرقمي، المخصص للقراءة فقط مع خلوه من أي برامج أخرى تبعد الطالب عن ممارسة القراءة. وبطبيعة الحال، فإن هذا الكتاب على الرغم من أنه يمكنه الاحتواء على عشرات بل ومئات الكتب التي تخزن بداخله للإطلاع عليها في أي وقت، إلا أن الشيء الأكثر فائدة، هو أن يرى الأبناء آباءهم والمشرفين على تعليمهم وهم يقرؤون هذه الكتب وغيرها عملياً، لا أن يسمعوا منهم فقط عبارات مثل.. اقرأ، افعل ما أقوله لك.. لأن مثل هذه العبارات ستكون في هذا الوقت، كفيلة بجعلهم يتوقفون سريعاً عن شيء لن يحتاجوا إليه كلما تقدموا في العمر. ولعل سؤالنا هنا هو.. إلى متى يكره طلابنا القراءة؟ وأين موقع القراءة من سياسات التنمية البشرية في عالمنا بعد أن فرغنا من مرحلة.. “ألف لا شيء له والباء تحتها نقطة”. الواقع أن الكتاب الثقافي هو ركيزة التنمية البشرية، وليس بعيداً عما تقوله سوزان إلكين فعلى الرغم من أن “الكتب مفاتيح الكون، إلا أن استعمالها بات يتجاوز حدود المناهج المدرسية”.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©