الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديمقراطية في ذكرى سقوط جدار برلين

7 نوفمبر 2014 23:43
عندما سقط جدار برلين في 9 نوفمبر 1989، بدا الأمر وكأن الديمقراطية الليبرالية تفوقت على الاستبداد، وأفاض الغرب موارده على أوروبا الشرقية لتسريع عملية لا مفر منها نحو الديمقراطية وتطوير اقتصادات السوق. وكان الطريق نحو الإصلاح شاقاً، مع وجود عقبات رئيسية على طول الطريق مثل الصراعات في منطقة البلقان. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، ظل التقدم هو السمة السائدة، ويتميز ليس فقط بالدول التي تتعاقب للانضمام لحلف «الناتو»، والمجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً بالثورات الملونة الواعدة في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان. ووجدت الديمقراطية كذلك لها موطئ قدم في مناطق أخرى من البرازيل إلى إندونيسيا، وجلب الربيع العربي الأمل لأن تحذو منطقة الشرق الأوسط الحذو نفسه. وقد انضمت نقابة المحامين الأميركية بفخر لهذه الجهود الإصلاحية، وأطلقت مبادرة سيادة القانون وشجعت العشرات من المحامين المتطوعين لتقديم المشورة بشأن القوانين والدساتير في شرق ووسط أوروبا والاتحاد السوفييتي السابق. واليوم، يواجه التقدم الديمقراطي اختباراً من خلال تراجع روسيا في الحريات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس، وبينما تشتعل الصراعات من دونيتسك إلى دمشق، أصبحت جهود الديمقراطية التي استغرقت 25 عاماً تحت الحصار. ويتساءل النقاد حول تأثير المساعدة وإذا ما كانت تصرفاً أحمق في المقام الأول. ويخصص صناع السياسة الموارد للتحديات الملحة المتمثلة في تنظيم داعش ووباء الإيبولا، وهو ما يتطلب استجابات عسكرية وطبية أكثر من التدخلات الحكومية. وفي انعكاس لتصاعد الارهاق الديمقراطي، فإن التمويل الذي تقدمه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للجهود المبذولة لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد، قد انخفضت بنسبة 38 بالمائة في السنوات الخمس الماضية. وقد أشار الكاتب «ريتشارد كوهين» إلى أن الاعتقاد الأميركي «الساحر» في الديمقراطية وجهودنا لتعزيزها في الخارج قد «أسقطنا في اضطرابات لا نهاية لها». ويضيف أن النهج الأفضل يتمثل في «سخرية يقظة لشخص واقعي» أو استيعاب أن ما يصلح لنا قد لا يصلح للغير، وأنه في أجزاء كثيرة من العالم، تخاطر الديمقراطية بإطلاق العنان لقوات لا نحبها ولا يمكننا السيطرة عليها. إن ذكرى سقوط جدار برلين التي وافقت التاسع من نوفمبر تتطلب تفكيراً رصيناً حول جهودنا لنشر الديمقراطية - ما ينجح منها وما لا ينجح ولماذا. ففي جهود المساعدة على نشر الديمقراطية، مثلما هي الحال في جهود كثيرة غيرها، يمكننا دائماً أن نكون أكثر فطنة. وفي الواقع، لقد رأينا مجتمع المساعدات يرد على منتقديه من خلال تطوير استراتيجيات أكثر فعالية، تؤكد النُهج التي تبدأ من القاعدة إلى القمة واستدامة الإصلاحات. نحن في حاجة إلى مواصلة التطوير في نهجنا، وأن نفهم دوافع الإصلاح بطريقة أفضل إلى جانب الدور الذي يمكن أن تلعبه المساعدة الدولية. وعليه، دعونا لا نخلط بين القدرية والواقعية. فإن وجود شيء صعب وقد يستغرق وقتاً طويلاً لا يعني أنه لا يستحق الانجاز، ولا يعني كذلك أن جهود المصلحين الأفراد ليست خطيرة وتستحق الدعم. إن أي شخص واقعي مخضرم يعلم أن تحقيق الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان هو جهد يحتاج لوقت طويل وأنه يتعمق في مصالحنا. وبعد مرور 225 عاماً من اعتماد وثيقة الحقوق، فإن عملنا الذي يتمثل في تأمين هذه المبادئ في الولايات المتحدة هو بعيد كل البعد عن إنجازه. إن قضايانا تتراوح بين العنف المحلي وممارسات الشرطة المفرطة. ما علينا فقط إلا أن نطالع العناوين الرئيسية الأخيرة لندرك أن التحديات المستمرة لا تزال قائمة. والمصلحون في مناطق مختلفة من العالم يسلكون الطريق الشاق نفسه، وهم بحاجة إلى دعمنا ومساعدتنا، ليس لأن ذلك يرضي بعض الخيال الأميركي حيال عالم جيد التنظيم، ولكن لأن الحكم الرشيد هو أيضاً السبيل لحل التحديات المعاصرة الأخرى. فالتهديدات الصحية مثل إيبولا تحتاج استجابة أقوى من جانب الهياكل الحكومية. والقوى الإرهابية المدمرة مثل «داعش» تستمد المجندين من أولئك المحرومين من الحقوق في الأنظمة الاستبدادية، وهم يزدهرون في المناطق الخارجة عن السيطرة. والمجتمع المدني الضعيف يشجع الحكام المستبدين الثائرين والمجتمع الدولي يتصارع حول أجندة نشر الديمقراطية. واعترافاً بهذا الواقع، دعونا نحيي ذكرى سقوط جدار برلين ونجدد التزامنا بالتأييد الثابت للآخرين الماضين على الطريق الطويل لتحقيق الحرية والديمقراطية، بدلاً من السخرية من نشر الديمقراطية . وليام هوبارد* * رئيس نقابة المحامين بالولايات المتحدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي.انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©