الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اكتشاف جرة العين الأثرية يثري مخزون الإمارات من العصر الهلنستي

اكتشاف جرة العين الأثرية يثري مخزون الإمارات من العصر الهلنستي
15 مارس 2009 23:25
من المتوقع أن يؤدي اكتشاف الجرة الأثرية في مدينة العين الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى بعض الاكتشافات الأخرى إلى فتح باب الأمل أمام اكتشاف المزيد من هذه الشواهد التي تعود إلى الحقبة الهلنستية، وفقاً لما أوضحه محمد النيادي مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، الذي لفت في تصريح خاص بـ ''الاتحاد''، إلى أن أهم ما يميز اكتشاف هذه الجرة، التي يبلغ عمرها 1900 عام، هو الحصول على قطعة أثرية من العصر التاريخي الهلنستي، وهو العصر الذي لم يكتشف من آثاره في الإمارات سوى القليل· وقد تم اكتشاف هذه الجرة وجزء من امتداد فلج في وسط المدينة، أثناء عمليات التطوير العمراني التي تقوم بها بلدية العين لمنطقة المركز، وفق ما أعلنت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث· وتكمن أهمية اكتشافها نسبةً لفترتها الحضارية، حيث إنه من خلال مقارنتها مع مثيلاتها في مواقع تعود إلى الحقبة الزمنية نفسها بالدولة جرى تقدير نشأتها في القرن الميلادي الأول· اكتشاف المزيد وأكد النيادي أن اكتشاف هذه الجرة، إلى جانب ما تم اكتشافه في بعض القبور في مدينة العين من أدوات جنائزية، يشير إلى أن الاستيطان في المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي لم ينقطع في الحقبة التي سبقت الميلاد أو التي تلتها، وهناك أمل كبير في اكتشاف المزيد من تلك الشواهد، سواء من خلال عمليات المسح التي تقوم بها الفرق التابعة إلى هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أو بطريق الصدفة من خلال عمليات التطوير المستمرة· وأشار النيادي إلى أن الجرة تعتبر قطعة متحفية متكاملة، يمكن عرضها في المتحف، وتعتبر من الشواهد الأثرية المنقولة التي وجدت في موقع ليس فيه شواهد أثرية ثابتة مثل المباني والمستوطنات الأثرية أو المدافن، موضحاً أنه على الرغم من أن مدينة العين لم يكتشف فيها إلا القليل من شواهد الحقبة التي تلت العصر الحديدي، والتي تسمى بالفترة الهلنستية، إلا أن هناك موقعاً ترجع بداياته الأولى إلى القرن الثالث قبل الميلاد، تم اكتشافه في منطقة مليحة في إمارة الشارقة، ومنطقة الدور في أم القيوين· وحول مسيرة التنقيب عن الآثار في مدينة العين، أكد النيادي إن عمليات التنقيب بدأت منذ قدوم البعثة الدانماركية إلى إمارة أبوظبي العام 1959 واكتشاف حضارة أم النار، قبل أن تنتقل جهود البحث إلى مدينة العين، وكانت بمتابعة مباشرة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''، حيث تم التنقيب في مدافن جبل حفيت، وتم اكتشاف آثار تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وتم التنقيب أيضاً في منطقة هيلي الأثرية، والتي تنتمي إلى حقبة أم النار، العائدة إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد· وأضاف أنه بعد ذلك انتقلت جهود البحث والتنقيب إلى منطقتي الرميلة وبدع بنت سعود، حتى تم تأسيس متحف العين الوطني عام ،1969 واستمرت جهود البعثات الأجنبية والفرق المحلية، وتبلورت هذه الجهود بإنشاء هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي أولت جهود المسح والتنقيب عن الآثار أهمية كبيرة، وذلك بالتعاون مع المتخصصين في علم الآثار والتاريخ الطبيعي والجامعات العالمية· وأشار النيادي إلى أن عملية ''المعاينة الثقافية الأولية'' للمواقع قبل بدء عملية الإنشاءات هي خطوة مهمة نحو حماية الآثار والاكتشافات، وذلك بالتعاون مع القطاعين الحكومي والخاص وشركات الإنشاءات· الخطط المستقبلية وحول الخطط المستقبلية، قال النيادي إن إدارة البيئة التاريخية حريصة على استمرار عمليات المسح بالإضافة إلى التنقيب في المباني التاريخية، مثل قلعة الجاهلي التي تم تأهيلها لتكون مركزاً للإرشاد السياحي، كما تم التنقيب في موقع بيت بن هادي بواحة هيلي والتنقيب في قصر المويجعي في مرحلة التأهيل والترميم· وأضاف أنه من المهم الإشارة إلى الدور الذي ظلت تقوم به بلدية العين، عن طريق التعاون الدائم والتنسيق المباشر مع الهيئة، وتقديم كل التسهيلات المطلوبة في سبيل الحفاظ على التراث المادي والإرث الحضاري لإمارة أبوظبي، والتقيد بإجراءات العثور على المخلفات الأثرية والإبلاغ عنها تبعاً لما ينص عليه قانون الآثار والحفريات لأبوظبي رقم (8) لسنة ،1970 وقانون إنشاء هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، هذا بالإضافة إلى تعاون العديد من الجهات بالقطاع الخاص في ذات الخصوص· قطعة متحفية من جهته، قال الدكتور وليد ياسين مدير قسم الآثار في إدارة البيئة التاريخية إن الجرة مصنوعة من الفخار المزجج، أي المطلي بطبقة إضافية لحفظه من عوامل التعرية ومنحه اللون، مشيراً إلى أن آثار اللون الأخضر ما زالت باقية على الجرة رغم قدمها· ووصف ياسين هذا المكتشف الأثري، قائلاً: ''الجرة تعتبر من القطع المتحفية الكاملة، وهي ذات بدن كمثري ورقبة عالية وفوهة دائرية منتظمة، وفيها مقبضان وقاعدة كروية ضيقة، ويبلغ ارتفاعها نحو 30 سم''· وقام فريق من إدارة البيئة التاريخية في الهيئة بالتحقق من الموقع عن طريق فتح مجسات أثرية غرب مسجد الشيخة سلامة، الذي يجري إعادة بنائه حالياً، وذلك على اثر بلاغ من البلدية بالعثور على الجرة في حرم منطقة الأعمال· وأسفرت الجهود على العثور، بالإضافة إلى الجرة المذكورة، على بعض الكُسر الفخارية التي تعود إلى الفترة الإسلامية المتأخـرة ضمن طبقات فلج قديم يعود إلى نفس الحقبة الزمنية، بالإضافة إلى كُسر أخرى تعود إلى فترة حضارة أم النار وُجدت في طبقات التربة التي تعلو الفلج· وتعود الجرة الفخارية المُزججة، التي يطلق عليها علمياً استناداً إلى شكلها تسمية (أمفورا)، إلى الفترة الهلنستية التي تم فيها تمازج الثقافة الإغريقية بحضارة الشرق إثر احتلال الإسكندر المقدوني لمناطق عديدة من الشرق القديم، علماً بأن هذه الحضارة عُرفت في الإمارات في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، واستمرت لبضعة قرون بكل من موقعي مليحة بإمارة الشارقة والدور بإمارة أم القيوين، ولم يُعثر إلا على القليل من معالمها في مدينة العين·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©