الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

من هو الرجل الذي أنهى انقسام ألمانيا؟

من هو الرجل الذي أنهى انقسام ألمانيا؟
8 نوفمبر 2014 16:52
"افتحوا الحاجز"... بهذه العبارة التي أطلقها خلال الأجواء المشحونة في 9 نوفمبر 1989، سمح حارس الحدود في برلين الشرقية هارالد ياغر لجموع من الألمان الشرقيين بالاندفاع في اتجاه الغرب وإسقاط الجدار وتوحيد الألمانيتين. بعد مرور 25 عاما على هذه الأحداث، يروي هذا المناصر السابق للنظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية من على الأريكة في شقته المتواضعة في شمال برلين، ما حصل في هذه الليلة التاريخية التي تمخض عنها أحد أكثر التغييرات السياسية الكبرى تأثيرا في القرن العشرين. ويؤكد هارالد ياغر اليوم "إنني لست الشخص الذي فتح الجدار. مواطنو ألمانيا الشرقية هم الذين تجمعوا في ذلك المساء"، مضيفا "فضلي الوحيد هو أن هذا الأمر حصل من دون أن تسيل أي قطرة دم". وفي تلك الليلة، كان قد مضى 28 عاما على بدء خدمة المقدم هارالد ياغر في شرطة الحدود التابعة لجمهورية ألمانيا الديموقراطية (ألمانيا الشرقية آنذاك) في معبر برونهولمر ستراس الحدودي شمال برلين الشرقية. وكان حينها ملحقا بالشرطة السياسية (ستاسي). عند توجهه للخدمة في التاسع من نوفمبر، كان ياغر يتوقع "يوم عمل عاديا" مع "14 رجلا تحت امرته اعتبارا من الساعة السادسة مساء" موعد عودة المسؤول عنه إلى منزله. بطبيعة الحال كانت ألمانيا الشرقية يومها في غليان مستمر منذ أسابيع والمعابر الحدودية كانت في حال استنفار. لكن ياغر لم يكن يتصور أن آلاف الأشخاص سيتكدسون أمام نافذة مكتبه بعد ساعات قليلة. توجه هارالد ياغر إلى المقصف "لتناول وجبة خفيفة في المساء". إلا أن الأمور تسارعت... إذ بدأت قنوات التلفزيون ببث تصريحات زعيم شيوعي أطلق موقفا مفاجئا أعلن فيه سماح ألمانيا الشرقية بالسفر إلى الخارج "فورا ومن دون تأخير" لمواطنيها الذين كانوا محصورين خلف جدار برلين على مدى 28 عاما. ويروي ياغر "بقي الخبز الذي كنت أتناوله عالقا في حنجرتي، لم أكن أصدق مسمعي وقلت لنفسي: +ما هذه الحماقة التي تم الإعلان عنها للتو+". عندها، عاد بسرعة البرق إلى مكتبه. كان زملاؤه يسخرون قائلين "هارالد، لقد أسأت الفهم". اتصل بالمسؤول عنه أملا في تلقي تعليمات، فسأله الأخير "هل تتصل بي من أجل حماقة كهذه؟" وحضه على رفد الناس ليعودوا أدراجهم بحال لم يكونوا حائزين أذونات لازمة لاجتياز الحدود. وصل بعض الفضوليين إلى معبر بورنهولمر ستراس. وأخذت أعداد البرلينيين في التزايد تدريجا وبدأوا بالهتاف "اتركونا نخرج". بعد شعوره بالضياع، اتصل الحارس الحدودي مجددا بالمسؤول عنه. فقال الأخير "ياغر، ليست لدي أي أوامر من القيادات العليا. ليس لدي أي تعليمات لإعطائها لك". في هذا الوقت، كانت جموع بشرية غفيرة تجمعت أمام المعبر الحدودي. "قرابة الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف مساء، كانت الطريق قد قطعت بالكامل". عندها، نهر ياغر زملائه قائلا "يجب فعل شيء ما". أعطي عندها أمر برصد العناصر الأكثر حراكا بين الجموع والسماح لهم بالعبور إلى برلين الغربية لتهدئة الأجواء. "لكن ذلك كان له أثر معاكس. الجموع أصبحوا أكثر حراكا"، بحسب ياغر الذي أصيب حينها بالضياع، إذ كان يخشى أن تتسبب حال الفوضى والتدافع إلى "دهس" أشخاص من الجموع. "عندها قلت لنفسي: الآن عليك بالتصرف. أيا كانت العواقب، علينا ترك مواطني ألمانيا الشرقية عبور الحدود"، بحسب ياغر الذي توجه عندها إلى رجاله "قرابة الساعة 23,25 و23.30" قائلا "افتحوا الحاجز". بقي زملاؤه مسمرين في مكانهم. فاضطر لتكرار أوامره. بعد مرور ربع قرن على هذه الأحداث، في هذه الشقة الصغيرة التي تفوح منها رائحة التبغ، لا يزال يمكن تلمس مشاعر تأثر قوي حيال تلك المرحلة. فقد شكل ذاك اليوم نهاية عالم مقسم إلى اثنين منذ الحرب العالمية الثانية. ويروي ياغر، البالغ من العمر 71 عاما، والابتسامة على محياه "لم أر يوما مثل هذا الاغتباط ولم أر أمرا شبيها بذلك مذ ذاك".
المصدر: فيرنوخن (ألمانيا)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©