الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة إنسانية في قوانين الحروب

27 يناير 2011 15:42
تحت عنوان “حماية المدنيين تحت الاحتلال العسكري، وفقاً لقواعد القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي الإنساني”، صدر كتاب للدكتور فادي شديد، انطلاقاً من اعتبار أن هذا الموضوع يشكّل واحداً من أهم المواضيع الجوهرية الجديرة بالبحث والاهتمام، وخصوصاً لما تشهده حقوق الإنسان في مطلع هذا القرن من انتهاكات واعتداءات بسبب الحروب والنزاعات المسلحة التي أصبحت أكثر وحشية، وأكثر تهديداً وخطراً على البشرية، وتحديداً على غير المشاركين في العمليات الحربية (المدنيين)، نتيجة التقدم في الوسائل القتالية المستخدمة في الحروب والنزاعات المسلحة، واحتوائها على أحدث مقومات وإنجازات التكنولوجيا الحديثة، وعلى الرغم من التقدم الكبير وتكريس الحقوق الحمائية للإنسان على المستوى الوطني والدولي الذي تمّ على شكل إعلانات واتفاقيات إقليمية ودولية، تحكم سلوك المتنازعين وتحمي ضحايا النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، إلا أنّ طبيعة العلاقات الدولية تؤثر تأثيراً كبيراً على تطبيق وتنفيذ قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني، بشكل يعرض هذه المبادئ إلى الانتهاك، حتى أصبح المدنيون اليوم هدفاً مباشراً لأطراف النزاعات المسلحة، ليس لنقص في أحكام القانون الدولي الإنساني المعاصر الذي تطور كسائر فروع القانون الدولي، وإنما نتيجة انتهاك أطراف النزاع لقواعد حماية المدنيين وأعيان المدنية، ولأنّ قوات الدول المحتلة تقوم بارتكاب أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حتى شملت تلك الانتهاكات الأملاك العامة والخاصة والحريات المختلفة، كما شملت العسكريين والمدنيين على حد سواء، مما شكل خرقاً واضحاً لقانون الاحتلال الحربي. ويعتبر قانون الاحتلال الحربي واحداً من أهم فروع قوانين الحرب، نظراً لخطورته وأهمية الموضوعات التي يعالجها ونظراً للمقاصد والأهداف التي يهدف إلى تحقيقها، وفي مقدمتها صيانة حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسكان الإقليم المحتل في مواجهة سلطات الاحتلال، ولا سيما أن تلك السلطات تمتلك كل أدوات القهر والسيطرة، في حين لا يملك الأهالي المدنيون أي سلاح سوى التمسّك والتشبث بمبادئ القانون الدولي. القانون الحربي يفرض على دولة الاحتلال ضرورة التمييز بين المدنيين والعسكريين، وتوجيه أعمال العنف ضد العسكريين والأهداف العسكرية فقط، ويبذل القانون الحربي أقصى الجهود لتجنيب المدنيين ويلات الحروب أثناء النزاعات المسلحة، وهذا يعني أيضاً عدم استخدام القوة ضد ضحايا النزاعات المسلحة من الأسرى والجرحى والمرضى والغرقى والقتلى، فالمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه قانون الاحتلال الحربي، يكمن في عدم مشروعية توجيه العمليات العدائية العسكرية للأهداف المدنية والسكان المدنيين، لأنهما يمثلان المركز القانوني وحجر الزاوية للحماية، ويرجع هذا المبدأ الذي يعدّ واحداً من أهم الإنجازات التي أحرزتها مدنية الإنسان التي تقوم على ضبط قواعد التصرف والسلوك أثناء القتال إلى نظرية “J.J Ronsson” التي نصت بأن الحرب: هي صدام بين الأمم عن طريق قواتها المسلحة، وأنّ المدنيين سواء أكانوا في مناطق القتال، أو في أقاليم خاضعة للاحتلال الحربي، ينبغي أن لا يكونوا هدفاً مجرداً للهجوم، فإنه يحسن بقائد القوات التي تقوم بغزو ما، أن يوجّه الحرب ضد الجنود فقط وليس ضد المدنيين، كما وضع جان جاك روسو أساساً قانونياً وفقهياً للتفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين ـ في كتابه العقد الاجتماعي ـ وذلك عندما قرر أنّ الحرب علاقة عداء بين الدول، وليست علاقة عداء بين المواطنين المدنيين إلا بصفة عرضية بوصفهم جنوداً. ومن أهم أهداف هذا الموضوع توضيح وإبراز حجم المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، فإنه يمارس عليهم أبشع الجرائم وأفظعها، بل أكاد أجزم أنها حرب إبادة وهمجية وتمييز عنصري تجري على مرأى من العالم المتحضر في زمن العولمة المزعوم، فهذا الاحتلال العسكري لهذه الأرض المغتصبة، لم يكترث بكل المؤسسات الحقوقية والمحاكم الدولية. حيث نرى أنّ المواقف الإسرائيلية مخالفة لمواقف الفقه الدولي والقرارات الدولية، التي تؤكد على وجوب تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية، وهذا ما يبرزه الكتاب من خلال الإجابة على التساؤل التالي، هل دولة إسرائيل ملزمة فقط بقواعد القانون الدولي، وعلى وجه الخصوص بقواعد القانون الدولي الإنساني، أم أنها ملزمة أيضاً بتطبيق قواعد قانون حقوق الإنسان؟ ومن الجدير بالذكر أن الدكتور فادي قسيم شديد يعمل أستاذا مساعدا في جامعة النجاح الوطنية ـ كلية الحقوق ـ محاضر في القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويقع الكتاب في 720 صفحة من القطع الكبير، وقد صمم غلافه الفنان نضال جمهور. وصدر عن دار فضاءات في الأردن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©