الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيون على العالم .. الكاميرا تطارد مواطن السحر من حولنا

عيون على العالم .. الكاميرا تطارد مواطن السحر من حولنا
24 أكتوبر 2013 20:51
كان على المصور كارلتون واتكينس السفر مثقلاً بالعُدة والمؤن لبلوغ شلال برايدال فيل في وادي يوسميتي. كان ذلك عام 1861، حيث لم تكن قد مرت سوى مدة قصيرة على حمى الذهب التي استعرت في كاليفورنيا، وحيث تمكن واتكينس الذي كان يبلغ من العمر آنذاك إحدى وثلاثين سنة، من تسلق سلسلة جبال سييرا نيفادا كأنه منقِّب يحدوه أمل كبير في العثور على الثروة. كان واتكينس يقود مجموعة كبيرة من البغال التي تحمل على ظهورها صفائح التصوير الزجاجية الثقيلة وجِرار المواد الكيميائية. وبعد رحلة شاقة امتدت على طول 80 كيلومترا، وضع واتكينس يده على قطعة أرض تطل على الشلال ذي المنظر الخلاب، فنصب آلة التصوير على حامل ثلاثي القوائم، وبدأ ينتظر اللحظة المناسبة. وبعد مرور 150 سنة، جاء دور أبيلاردو موريل لالتقاط الصور؛ إذ يقول هذا المصور المولود في كوبا، والبالغ من العمر 65 سنة، «لم أواجه الكثير من المشاق للوصول إلى هذا المكان»؛ ولم يخل كلامه من سخرية. ففي متنزه يوسميتي الوطني، أوقف موريل سيارته بجانب الطريق المعبدة، ومشى خطوات قليلة باتجاه ضفة نهر ميرسد. وبالقرب من المكان الذي وقف فيه واتكينس، نصب موريل خيمة مقببة، يعلوها منظار، ثم ثبت وضع كاميرته الرقمية داخل الخيمة، وبدأ ينتظر اللحظة المناسبة. وعلى الرغم من الهوة التي تفرق بين واتكينس وموريل من حيث الزمن والتكنولوجيا، فإن هدفاً واحداً كان يوحدهما: التقاط صور من شأنها أن تثير إعجاب الجمهور بروعة المناظر الطبيعية في الغرب. وقد استطاع الاثنان، وعدد هائل من المصورين، أن يلتقطوا صوراً خلابة، خلدوا بها أمجاد أحد أجمل إبداعات أميركا، وهو نظام المتنزهات الوطنية. فقد استثمر واتكينس وزملاؤه الرواد في مجال تصوير الحياة البرية، (وهم تيموتي أوسيليفان، وإيدويرد مويبريدج، وويليام هنري جاكسون) تطوراً جديداً في مجال التصوير، وهو استخدام صفائح زجاجية كبيرة معالجة كيميائياً، ويمكن نقلها. وإلى حدود ستينيات القرن التاسع عشر، ظل المصورون حبيسي الاستوديوهات، حيث كانوا يستخدمون صفائح نحاسية صغيرة وحساسة لإنجاز بورتريهات، لكنْ تكنولوجيا الزجاج المبلل، التي تستخدم فترات تعريض ضوئي أقصر وتجهيزات أكثر متانة، حررت المصورين، ودفعتهم إلى العمل خارج الاستوديوهات. ويعد موريل، مقارنة مع رواد التصوير في القرن التاسع عشر، ميالاً نحو استخدام الأنماط التقليدية إذ قام بتعديل وتكييف إحدى أبكر آليات المشاهدة، وهي تقنية كاميرا الغرفة المظلمة. فمنذ تسعينيات القرن العشرين، دأب موريل -المتقاعد مؤخراً من عمله أستاذاً لفن التصوير في كلية ماساتشوسيتس للفن والتصميم- على اتباع المبادئ الأولية في مجال البصريات، بحيث يركز الضوء على سطح مظلم من خلال فتحة صغيرة. وقد استخدم في بادئ الأمر الغرف كسطح عاكس، حيث كان يعرض صور الشوارع وناطحات السحاب والجسور والحقول على الجدران والأرضيات المظلمة، وينقل الرؤية المزدوجة السريالية بواسطة آلة التصوير. لكن موريل انتقل بدوره في الوقت الحالي إلى خارج الغرف، حيث يستخدم سطح الأرض باعتباره ستارة خلفية على الرغم من كونه خشناً وغير مصقول، لكنه يضفي شعوراً بالحميمية إذ يصبح جزءاً من الطبيعة. وإذا كان موريل يلتقط هذه الصور الرائعة التي تأسر الألباب، فإنه لا يمكن أن ينازع أسلافه في ما حققوه من إنجازات رائدة إذ كانت صورهم مصدر إلهام لفكرة إقامة متنزهات أميركا الوطنية. لكن إنجازات موريل تظل أكثر حذقاً وبراعة، كما أنها دفعت الجمهور إلى إلقاء نظرة جديدة على هذه الأماكن الرائعة. إذ أن موريل يرصد بعض العجائب الطبيعية القيمة، ويجعلنا نراها بطرق غير متوقعة، وكأنها قطع من الفردوس نزلت للتو إلى الأرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©