السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تستعد لخفض الإنفاق والدعم وترشيد الاستيراد

مصر تستعد لخفض الإنفاق والدعم وترشيد الاستيراد
14 أكتوبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - بدأت الحكومة المصرية اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة سيناريو فشل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والحصول على القرض البالغ 4?8 مليار دولار لسد فجوة التمويل في موازنة العام الحالي. وتأتي هذه الخطوة على خلفية التطورات الأخيرة التي شهدها ملف العلاقات بين مصر والمؤسسة الدولية والتي تشير إلى تعثر برنامج التفاوض بين الجانبين، حيث طلبت الحكومة المصرية من الصندوق مهلة زمنية جديدة لتعديل برنامج الإصلاح الهيكلي الذي ستحصل بموجبه علي القرض، وترتب على ذلك تأجيل زيارة كانت مرتقبة لوفد فني من خبراء الصندوق للقاهرة لحين التوصل إلى جدول زمني جديد للمفاوضات. ولا يبدي صندوق النقد حماساً كبيراً لإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الحكومة المصرية قبل انتخاب برلمان جديد لضمان القبول الشعبي ببرنامج الإصلاح الهيكلي وحدوث توافق عام على قرض الصندوق، وهو الشرط المبدئي الذي كان مسئولي صندوق النقد قد أعلنوه مراراً لمنح مصر القرض لاسيما بعد أن طلبت الحكومة رفع مبلغ القرض من 3?2 إلى 4?8 مليار دولار، ومن ثم فإن الصندوق يراهن على عنصر الزمن مما يشير إلى إمكانية عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين. ويرجح من هذا السيناريو تصريحات على مدار الأيام الماضية من عدد من المسؤولين المصريين تشير إلى إمكانية “الاستغناء” عن قرض صندوق النقد حال أن يبدي الاقتصادي الكلي قدرة أكبر على التعافي في المرحلة المقبلة وبشرط نجاح الجهود الدبلوماسية التي تبذل حالياً على أكثر من جبهة لاجتذاب بعض المنح والمعونات والقروض الميسرة والتي كان آخرها حزمة المساعدات والدعم التركي التي تضمنت ملياري دولار منها مليار دولار كوديعة في البنك المركزي لدعم الاحتياطي النقدي ومليار دولار أخرى يجري ضخها كاستثمارات مباشرة في عدد من المشروعات اللوجستية والبنية التحتية بمنطقة شرق خليج السويس في إطار دعم الاستثمارات التركية هناك في مجالات البتروكيماويات والملابس الجاهزة والموانئ. وتتمثل الإجراءات الحكومية لمواجهة سيناريو فشل التوصل إلى اتفاق مع صدوق النقد الدولي والحصول على القرض في ثلاثة محاور رئيسية جري تكليف وزارتي المالية والتجارة الخارجية والصناعة بالبدء فوراً في إصدار القرارات المتعلقة بها. ويشمل المحور الأول زيادة الموارد السيادية للخزانة العامة عبر تكثيف جهود مصلحتي الضرائب والجمارك في تحصيل المتأخرات الضريبية والرسوم الجمركية وبحث فرض ضرائب جديدة، ومنها زيادة التعريفة الضريبية على السجائر بأنواعها كافة وفرض ضريبة على مكالمات الهاتف المحمول ودمج أموال الصناديق الخاصة في الموازنة العامة وحظر إنشاء صناديق جديدة وإعادة تسعير بعض الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية للمستثمرين والمصريين، وكذلك إعادة تسعير المواد الخام التي تحصل عليها العديد من الصناعات عبر مناطق امتياز محجرية وغيرها. زيادة الإيرادات الحكومية 10% ويستهدف هذا المحور زيادة معدل الإيرادات الحكومية بنسبة 10% خلال العام المالي الجاري بحيث ترتفع هذه الإيرادات من 220 إلى 242 مليار جنيه حتى 30 يونيه القادم ثم ترتفع بنسبة 15% خلال العام الذي يليه استناداً لإمكانية تحسن الأوضاع الاقتصادية وتحول الكثير من الشركات من الخسائر إلى الأرباح، وكذلك إمكانية توسيع المجتمع الضريبي وقاعدة دافعي الضرائب من الشركات والأفراد على خلفية جهود دمج مشروعات الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي. اما المحور الثاني للبرنامج الحكومي، فيتمثل في خفض الدعم على بعض السلع، وخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 5% عبر خطط ترشيد مختلفة تشمل المشتريات الحكومية وإهلاك السيارات والأثاث في الأجهزة الإدارية، وخفض المكافآت والحوافز والبدلات التي يحصل عليها كبار موظفي الحكومة حال حضورهم اجتماعات اللجان المختلفة ومجالس الإدارات، وكذلك إلغاء بنود اتفاق غير ضرورية مثل نفقات العلاقات العامة والمؤتمرات، وغيرها ومنح صلاحيات واسعة لمندوبي وزارة المالية في الأجهزة الحكومية كافة للتدخل بوقف الصرف في البنود السابقة، وكذلك الاعتراض على صرف أموال في غير المجالات المخصصة لها حسب الميزانيات المعتمدة لكل هيئة أو مؤسسة حكومية. وحسب نسبة خفض المصروفات المقررة قياساً لحجم الموازنة العامة للبلاد البالغة 535 مليار جنيه، فإنه من المستهدف توفير مبلغ يدور حول 20 مليار جنيه أخرى. وتراهن الحكومة على إمكانية نجاح هذا المحور من الخطة بسهولة على ضوء إجراءات سابقة ومماثلة كانت حكومة الدكتور كمال الجنزوري قد اتخذتها مطلع العام الجاري ونجحت في خفض المصروفات الحكومية بمقدار 20 مليار جنيه. أما المحور الثالث من الخطة فقد تم تكليف وزارة التجارة الخارجية والصناعة بتنفيذه والذي يتضمن وضع خطة لمعادلة الميزان التجاري للبلاد عبر جدول زمني لا يزيد على ثلاثة سنوات بحيث يصبح حجم الواردات من الخارج في حدود حجم الصادرات مع هامش حركة في حدود 10 بالمئة، الأمر الذي سوف يترتب عليه اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات والقرارات المنظمة الهادفة لزيادة الصادرات من ناحية وخفض الواردات من ناحية أخرى. حظر استيراد السلع الترفيهية وتشمل هذه التدابير حظر استيراد العديد من السلع الترفيهية والكمالية وقصر الاستيراد علي السلع الضرورية والمواد الخام والمعدات الرأسمالية اللازمة لتشغيل المصانع مع إعادة النظر في تصدير المواد الخام المصرية وبحث تحويل هذه الخامات إلى سلع مصنعة أو نصف مصنعة لإحداث قيمة مضافة عند تصديرها تصب في خانة دعم موارد البلاد من النقد الأجنبي وتراهن هذه الإجراءات على موازنة تستهدف زيادة موارد النقد الأجنبي من عائدات السياحة ورسوم المرور في قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، إلى جانب جهود جذب استثمارات أجنبية للبلاد وهي الجهود التي أسفرت عن إعلان عدد من المجموعات الاستثمارية العربية الكبرى مؤخراً اعتزامها في تنفيذ مشروعات جديدة في مصر وآخرها إعلان تحالف شركتي “إعمار والفطيم” قبل أيام عن تنفيذ مشروع عقاري سياحي ضخم على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي باستثمارات تدور حول المليار دولار، وهو المشروع المعروف باسم “كايروجيت”. ويرى خبراء اقتصاديون أن الخطة الحكومية تتعامل مع سيناريو فشل الاقتراض من صندوق النقد بتحرك استباقي؛ لأن فرص فشل الاتفاق أكبر من فرص نجاحه على ضوء تصاعد الرفض الشعبي للاقتراض من الصندوق وعلى ضوء الشروط القاسية التي يطالب الصندوق بأن يتضمنها برنامج الإصلاح الهيكلي وفي مقدمتها المطالب الخاصة بتعويم سعر صرف الجنيه، وهو الطلب الذي رفضته الحكومة رفضاً قاطعاً، حسبما اعلن منذ أيام وزير المالية ممتاز السعيد. ويشير الخبراء إلى أن برنامج السيناريو البديل الذي بدأت الحكومة في تنفيذه تتوفر له العديد من عوامل النجاح سواء على صعيد زيادة موارد الدولة أو خفض مصروفاتها أو علاج نقص موارد النقد الأجنبي وذلك على خلفية تحسن المؤشرات الاقتصادية العامة في الفترة الأخيرة وعلى ضوء إبداء العديد من الدول والمؤسسات المانحة استعدادها لتقديم تمويل لمصر في الفترة القادمة وفك الاختناقات التمويلية التي عانت منها البلاد طيلة الأشهر الماضية لا سيما على صعيد استيراد المواد البترولية. وتؤكد الدكتورة هالة السعيد، الخبيرة المصرفية وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن ثمة فرص سانحة للتعامل مع أبعاد أزمة عجز الموازنة المصرية عبر إجراءات تشمل خفض الإنفاق الحكومي خاصة الإنفاق البنكي، إلى جانب تعظيم الموارد سواء عبر تحصيل المتأخرات الضريبية أو إعادة تسعير الخدمات، وان كان يجب في هذه النقطة مراعاة البعد الاجتماعي. وتضيف أن النقطة الأكثر أهمية في مثل هذه التدابير الاحترازية التي عادة ما تلجأ إليها الحكومات في مواجهة الأزمات هو الخوف أن تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى الانكماش؛ لأن خفض الإنفاق الحكومي قد يؤثر سلباً على الاستثمارات العامة، وكذلك فإن خفض الواردات قد يؤثر سلباً على حركة التصنيع واحتياجات المصانع من المواد الخام أو المعدات الرأسمالية وبغية ما يعرف بالسلع الوسطية الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وفقدان البعض لوظائفهم وبالتالي فإنه يجب التعامل مع مثل هذه التدابير بحذر للاستفادة من آثارها الإيجابية وتجنب الآثار السلبية على حركة الاقتصادي الكلي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©