الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بشار إبراهيم: فن السينما لم يتخلص من الإرث الكبير والمهيمن للمسرح

بشار إبراهيم: فن السينما لم يتخلص من الإرث الكبير والمهيمن للمسرح
26 أكتوبر 2011 21:50
نظمت إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة مساء أمس الأول بسوق العرصة التراثي بالشارقة، جلسة نقاشية حول العلاقة الجدلية بين المسرح والسينما، والمكونات الفنية والجمالية المختلفة والمؤتلفة بينهما، وذلك ضمن جلسات منتدى الاثنين المسرحي. شارك بالجلسة الباحث والناقد السينمائي بشار إبراهيم، وقدم لها المخرج والفنان المسرحي محمد العامري، بحضور لفيف من المسرحيين والمهتمين. وأكد العامري في بداية الجلسة أن المسرح كونه أباً لكل الفنون اللاحقة احتل صفة الأسبقية والريادة في هذا المجال، غير أن دخول فنون جديدة ومعاصرة مثل السينما ومنافستها للمسرح، فرض نوعا من العلاقة التبادلية التي تؤثر وتتأثر، وتأخذ وتمنح، للوصول إلى صيغة فنية في كلا الاتجاهين تسعى لتطوير الأدوات والتقنيات المستخدمة لجذب المتفرج سواء من خلال الفيلم السينمائي أو من خلال العرض المسرحي. ثم تحدث ضيف اللقاء الناقد بشار إبراهيم الذي أوضح أن العلاقة بين السينما والمسرح ستظل دائما علاقة جدلية، فعمر المسرح يعود إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهناك من يرى أن عمر المسرح يذهب بنا إلى أبعد من ذلك بكثير، اعتمادا على المكتشفات الأثرية في الكهوف القديمة، والتي احتوت على إشارات ورسومات وطقوس وشعائر تؤكد وجود بدايات وتلمسّات أولى لشكل العرض المسرحي عند الإنسان القديم في تلك العصور السحيقة. وأضاف أنه على الرغم من حداثة عمر السينما، والذي يعود إلى مائة وعشر سنوات، حيث ظهرت السينما في بداياتها المبكرة على يد الأخوين لوميير في فرنسا، إلا أن هذا الفن الجديد في ذلك الوقت لم يتخلص من الإرث الكبير والمهيمن للمسرح، فكانت السينما في بداياتها تعتمد كليا على الذهنية المسرحية من خلال إيهام المشاهد وإقحامه في جو الفرجة وفضاءات الخشبة القائمة على النظرة الأفقية، وعلى وحدة الزمان والمكان. ولكن السينما وتحديدا في العشرينات من القرن الماضي ــ كما قال ــ استطاعت أن تتخلص من التأثيرات القوية للمسرح، وامتلكت لغتها الخاصة والمستقلة معتمدة في ذلك على عنصرين ثوريين فيما يخص الابتكار المشهدي والإبداع البصري، وتمثّل هذان العنصران في تنوع اللقطات (المقربة، والبعيدة، والمتوسطة)، وفي تقنية المونتاج التي كسرت الحاجز التخيلي في المسرح والمتمثل في عدم القدرة على الفصل بين زمن الحدث وزمن السرد. وأكد إبراهيم أن هذا الافتراق بين المسرح والسينما كان مذهلا لأنه منح السينما خصوصية فنية مستقلة فيما يتعلق بالسينوغرافيا، وتوزيع الكتل البصرية والنحت في الفراغ، والاستغناء عن الحوارات المطولة التي تعبر عن وجهة نظر الشخوص، بل الأكثر من ذلك الاستغناء عن العنصر البشري نفسه، في أفلام حديثة اعتمدت على التقنيات المتطورة وفنون الجرافيك والأنيميشن لخلق شخصيات كرتونية وأسطورية وروبوتات وكائنات خرافية لا يمكن استحضارها وبهذا الشكل المقنع على خشبة المسرح. وأوضح إبراهيم أن السينما، خصوصا من خلال المدرسة الواقعية الإيطالية، استغنت عن الممثل النجم أو الممثل المحترف الذي يعد عنصرا أساسيا في المسرح، واستعانت بأناس عاديين كي يمنحوا الفيلم حساسيته وجوه المرتبط بالواقع، وكي يتم إعادة إنتاج الحياة اليومية والعادية من خلال الكاميرا. ونوه إبراهيم إلى أن السينما لم تأت كي تحتل مكان المسرح أو أن تقضي عليه، لأن السينما في الأساس استفادت كثيرا من الأعمال المسرحية الكلاسيكية، واستلهمت الكثير من النصوص الأدبية التي ارتبطت بالمسرح مثل أعمال وليم شكسبير ويوهان جوته، وغيرهما من المساهمين الكبار في الأدب المسرحي. وأوضح أن السينما الراهنة، ومن خلال تقنية الإبعاد الثلاثية، استحضرت جو الفرجة المسرحية، ونقل التأثيرات النفسية للتواصل الحي والتفاعلي مع الممثل ومع مكونات العرض الأخرى. وبالمقابل- كما أشار إبراهيم - فإن المسرح استفاد كثيرا من التقنيات الحديثة في السينما، من حيث الاشتغال المبتكر على الألوان وتقنيات الصوت والإضاءة واستثمار الطاقات الجمالية للظل والعتمة والصدى، وغيرها من العناصر السمعية والبصرية التي امتاز بها الفيلم السينمائي، وخلقت بالتالي حافزا لدى المخرجين المسرحيين لإعادة تأثيث فضاء الخشبة وإعادة إنتاج وتفعيل وتطوير الأدوات الأساسية للمسرح نفسه، حيث ركزت الأعمال المسرحية الجديدة على الأنماط التجريبية، والإدهاش البصري، والتنويع الحركي المتسارع على الخشبة، والاستعانة بشاشات سينمائية كعنصر مكمل لعناصر السينوغرافيا في العرض المسرحي.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©