السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هلال البادي: القصة القصيرة لم تعد تغري الناشر العربي

هلال البادي: القصة القصيرة لم تعد تغري الناشر العربي
15 مارس 2009 23:35
كاتب هادىء الطبع، لكنه مشاغب بقلمه، تواجد في الصفحات الثقافية العمانية كصاحب كلمة لا تهادن، وعرفه المسرح العماني بما قدمه من نصوص مسرحية عرفت جيداً مسار المراكز الأولى في المسابقات الأدبية المحلية، متحمس للكتابة لكنه يشعر بالإحباط من الوضع الثقافي وأوضاع المثقفين، يبحث عن الأفضل للساحة الأدبية في بلاده، لكنها أحلام العصافير دائماً، او كما يسميها أحلام ''المجانين''·· نحاوره لنتعرف إلى أفكاره: ؟ أخلصت باكراً للقصة القصيرة، لكن وبعد أكثر من مجموعة كأنك أتخمت منها·· لماذا هذا التنكر للفن القصصي؟ ؟؟ لم أتنكر للقصة، ما زلت أكتب، ولكن كلما مر الوقت أشعر أنني لابد أن أكتب بطريقة مغايرة للطريقة التي كنت أكتب بها، هذا ما اكتشفته بعد مجموعتين وبعد كثير من القراءات·· ولذا أفضل أن أتأنى كثيراً الآن في كتابة أي نص قصصي، مع العلم بأن الأفكار موجودة ولكنني أبحث دوماً عن جديد في الطريقة والأسلوب، لا أحب أن أكرر نفسي كثيراً، ولا أحب أن أركن إلى طريقة واحدة، أحب أن أجرب كل الطرق، ما دامت مشروعة·· المهم أن أنتج نصاً أرى نفسي راضياً عنه على الأقل بعد أول شهر من كتابته· الحكايات ؟ هل شعرت بأنك تشبعت بالحكايات، ماذا عن مشروعك الروائي؟ ؟؟ لم أتشبع من الحكايات بل بالعكس حالياً أعيش بحثاً متواصلاً عن كل الحكايات التي يمكن لي أن أقلبها وأجعلها نصاً قصصياً جيداً، المسألة كما قلت لك هي مسألة نقد للذات، التماس أسلوب أرضى عنه، وأجد أنني أستطيع أن أقدم فيه شكلي الجديد·· حتى الآن لست راضياً عما أكتبه، لكن هذا الاكتشاف يأتي متأخرا، ولو أنني اكتشفت عدم رضاي هذا بعد أول شهر من الكتابة أو أول ستة أشهر لكنت رميت بالنص بعيداً، وهذا ما حدث مع كثير من النصوص وجدتها لا تناسبني على الرغم من ثناء بعض القراء عليها، لكنني لم أجدني قادرا على أن أتواصل معها ولذلك تخلصت منها، وأبقيت على بعض منها لأمل في داخلي بأن يأتي يوم أعيد فيه صياغتها وكتابتها مجددا، وقد تختلف ساعتها الفكرة والطريقة والأسلوب، وقد يحدث في النهاية ألا أرضى عنها فأرميها كما رميت غيرها أما مشروع الرواية فهو قائم، وقد أنهيت منذ سنوات عملاً روائياً ولكنني أعدت كتابته أكثر من مرة، وحالياً أراجعه فإن وجدت نسبة رضا قد أنشره وقد أعود لكتابته مجدداً· القصة القصيرة ؟ هل تعتقد حقاً بثورة غير عادية للقصة القصيرة في عمان؟ هل الكثرة أثّرت على النوعية؟ أين تراها بين القصة العربية؟ ؟؟القصة العمانية ربما تبدو لي الأكثر تميزاً في منطقة الخليج على أقل تقدير، ثمة كتاب رائعون أسسوا مشهداً سردياً تنامى عبر الزمن حتى بات الكثيرون يتجهون إليه بعدما طرقوا أبواب الشعر مثلا، وهو صاحب المكانة الرفيعة في المجتمع العماني، حتى العامل الذي لم يقرأ ولم يكتب في حياته حرفاً قد يكون شاعراً في بلادنا، لكن الوضع الآن بدأ يتغير وصدور مجموعات قصصية وإصرار كتاب على مواصلة النشر السردي جعل من القصة ذات مكانة في الحيز الثقافي العماني، ولذلك لا غرابة أن نجد أن أنشط الأسر هي الأسرة التي تنهض بالقصة، ويمضي العام وأغلب فعالياته الثقافية قائمة على القصة ونقدها وقراءتها، وما يميز المشهد السردي هو تواصل النشر والعطاء في هذا المجال بخلاف التجربة الشعرية التي تميل أكثر إلى العزلة والكسل والإنزواء خاصة الجديدة منها· وعلى الرغم من أن القصة القصيرة في بلدان عربية أخرى تعاني هجرا بشكل أو بآخر، وعلى الرغم من أن الناشر العربي لم تعد تغريه القصة القصيرة لأن كم القراء بات متناقصا، إلا أن عمان تشهد حالة فريدة بتنامي كتاب القصة القصيرة فيها وبازدهارها ازدهارا يجعلنا فرحين بهذا الكم وبهذا النوع أيضاً· ثم أن أكبر دليل على أن القصة العمانية بدأت في المزاحمة هو حصول كثير من الأدباء العمانيين على جوائز عربية في مجال القصة القصيرة· المسرح ؟ لك مساهمات مسرحية عديدة، هل نضجت تجربتك المسرحية؟ أم أن نصوصك هي عروض فنية تهتم برؤية الناقد لا بمتعة الجمهور؟ المسرح العماني هل قدم نصوصك كما تتمنى؟ ؟؟ النص المسرحي في عمان يواجه إشكاليات كثيرة أولها في فهمنا لمعنى النص، فأنا شخصياً أكتب نصاً مسرحياً أدبياً، ولا أهتم كثيراً بالتفاصيل المسرحية التي تتفاوت في درجة الأهمية من مخرج إلى آخر·· ولذلك لن تجد اهتماماً كبيراً بعملية النشر الورقي للنص المسرحي العماني، ولو قمت بعملية إحصائية بسيطة ستكتشف أن عدد الكتب المتضمنة نصوصاً مسرحية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهذا أمر يحتاج إلى وقفة ونظر، ولذلك أيضاً لا يمكنني أن أقول لك إن تجربتي المسرحية أو تجربة النص المسرحي لدي نضجت، كما أن المسرح العماني بذاته يعيش إخفاقات ومشكلات لا عد لها· أما مسِألة أن نصوصي التي أكتبها هي عروض فنية تهتم برؤية الناقد لا بمتعة الجمهور، فدعني أقول إنني لا أكتب نصا مسرحيا مخصصا للعرض، فكما أسلفت القول أنا أكتب نصا أدبيا هو النص المسرحي، يمكن لأحدهم أن يأتي ويقول إنه قرأ النص وأعجبه ويود أن يخرجه للمسرح، ثم يأتي آخر ويقول الكلام ذاته، والاثنان عندما يقدمان النص على الخشبة سيختلفان في الأداة والمنهج والطريقة، مما يعني أن هناك رؤيتين مختلفتين، ولكنهما تنبعان من نواة واحدة، وفي النهاية لا أريد أن أحتكر رؤيتي على الرؤية التي قد تكون في ذهن المخرج، وإلا فما فائدته عندما يأخذ النص لعرضه على الخشبة؟ لكني أظن أنه بمقياس الواقع المسرحي العماني فإن النصوص التي تم عرضها على الخشبة قد نالت نصيبها، وتأكد أنه بدون ثقافة مسرح ولا مسرحيين لن يتشكل لدينا حس أو ذائقة باستطاعتهما جعل الحياة أكثر جمالية· ؟ تعد من أكثر الرافضين للوضع الثقافي في السلطنة؟ ما هي المعوقات التي جعلته برأيك لا يعبر عن حركة المجتمع الناهضة؟ هل المسؤولون قتلوا الثقافة لعدم درايتهم بحساسية المثقف وتفكيرهم نيابة عنه؟ ؟؟ لست رافضاً للوضع الثقافي في السلطنة، أنا فقط أطالب بما أراه من حقوقي كمواطن لديه حقوق وعليه واجبات، من حقي أن أطالب بمسرح ما دمت معنياً بهذا الأمر، من حقي أن أطالب بوضع ثقافي مستقيم يعتمد المصلحة العامة لا مصلحة الموظف العامل في مجال الثقافة، نحن للأسف تتم لدينا الأمور وكأننا نطالب بشيء ليس من حقوقنا، يا أخي ليعتبرونا من العميان أليس من حقهم أن تكون لديهم عصي يستدلون بها؟ الموظف في المؤسسة الثقافية يعتقد أنه عندما يعمل على أمر ما ويقدم خدمة للمثقف إنما يقدمها من جيبه وليست تلك هي طبيعة عمله، ومن مسؤولياته أن يبحث عن كل ما من شأنه رفعة الثقافة في بلادنا، هذه أهم المعوقات، ولو تمثل للموظف العامل في شأن الثقافة بأن ما يقوم به من اجتهاد واستماع لرؤية المثقف ذاته، ومحاولة وضعها في الإطار الصحيح، فلا أعتقد أن تتكون لدينا مشكلات جمعية كالتي هي موجودة حالياً لدينا· المشكلة الأكبر أنه عندما يتكلم أي مثقف مطالباً ولو بصيغة حالمة وأكبر من الواقع فإن المسؤول الثقافي يعتبر ذلك شتماً في ذاته لا يمكن السكوت عنه، ولذلك يتم استبعاد هذا المثقف، لا لشيء إلا لأنه تكلم مخالفاً رؤية ذلك المسؤول، وهذه أزمة أخرى ألا يكون هناك مجال لسماع الرأي الآخر· أما كيف يمكن الخروج من هذا الوضع، فإنه يتأتى بإيجاد مساحة إنصات، وتعاون بين الطرفين، لا أن يصر المثقف على أنه صاحب الدراية والفهم العميق بمجريات الأمور ولا يريد أن يستمع· ثمة أفكار سهلة عندما تقال، وأيضاً تطبيقها لا يمكن أن يأخذ حيزاً كبيراً من الموارد والإمكانات البشرية، ولو تحقق هذا الأمر فصدقني ستكون لدينا ساحة ثقافية قادرة على التوازي مع ما قدمته الحضارة العمانية من إنجاز ثقافي ومعرفي عبر العصور· وبالنسبة للإصدارات، فأنا شخصياً أميل إلى الإكثار منها، فالجيد هو ما سيفرض نفسه آخر المطاف، وبكثرة الإصدارات ينشأ لدينا حراك قرائي جيد يجعل الساحة الثقافية قادرة على التعويض عن الفقد الحاصل جراء إهمال المؤسسة الثقافية الرسمية لدورها فيها·
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©