الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دق الطبول

15 مارس 2009 23:38
لست مجدة ولا جادة في كتابة الأعمدة، لكن وما دام الأمر اقتضى أن تكون لي مساحتي المفتوحة هنا، فقد أصدرت فرمانا أعلى يقضي بأني سأكتب في كل ما يجذبني، وقررت بأن أسمي عمودي هذا '' حالة لمزاج'' لتتأرجح مواضيعه بين ما أراه وما أشعر به، وليكون صادقا أكثر وسريعا أكثر إذا اقتضت ظروف الطباعة ذلك· اليوم مزاجي قوي في ''القرض'' وهو نوع من الفنون الأدبية المحلية يعني الذم والهجاء بأسلوب لاذع، وما هذا التفسير إلا من بنات أفكاري التي لا أحب الجلوس معها كثيرا كي لا أتهم بأني أصاحب ''صديقات السوء''! هناك يوم في الأسبوع تزعجني فيه صفحات جريدة محلية، أشعر بوقع ''طبول'' قوية تضرب فيها، وكلما أقلب صفحة منها يرتفع إيقاع الطبل، وهذا ما يؤذي العين التي تقرأ والأذن الداخلية التي تشعرني بأني في غابات أفريقيا وتطاردني ذبابة ''تسي تسي''· إحدى كاتباتنا المبجلات أفردت مساحتها في الصحيفة للكتابة عن الطبول، وكأن مشكلاتنا الأدبية والثقافية انتهت ولم يعد لها وجود، في كل عمود تمسك طبلة معينة و''تطيح فيها مدح''، وفي الأسبوع الثاني تمسك ''دربكة '' أخرى لتخبرنا بأن إنسان الكهف الأول ترك ''شغله وأسوده وضباعه'' ليضرب الطبل! هذه الكاتبة تملكت الطبول على كل كينونتها، ولا أستبعد أنها ربطت منظر الأطفال وهم يضربون ''قواطي النيدو'' بحالة اللاشعور التي تسكن خبايا الإنسان وتجبره على حيثيات الحياة بخلاف نظرة داروين التي توصله لأن يكون أحد اللافقاريات وربما الزواحف! ومن كثرة محبتها للطبول و''دق المعلاية'' صارت تهلوس بأنواع الطبول وتتخيل كيف يمكن أن يتحول كرش حيوان ما إلى طبلة، وتبرعت لإبراز كل الرقصات المحلية وتلك المستوردة من أفريقيا وضواحيها لتضمها إلى ما تطلق عليه''الفن الشعبي''، بينما يتبرأ التراث منها ولا يعتبرها شوابنا الأولون سوى انتقاص من حقهم وكرامتهم لدرجة أنهم استخدموا مفردة الطبل كناية عن قليل الفهم وألحقوا بالبعض ''تعيروه '' يعيرونهم بكلمة ''قوم بو الطبول''! مازلت قزمة أمام ما تعرفه تلك الأديبة من علوم وفنون ثقافية، لكني أرجوها فقط أن تحترم مساحتها وتخف وقع الطبول وتمجيدها، وتلتفت إلى قضايا أدبية فعلية تخدمنا كقراء وباحثين عن المعرفة· لأن آذاننا ''انصمت'' من دق ''الليوة والمعلاية''· فتحية البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©