الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الإسلام ينصحون بالتيسير في تكاليف الزواج

علماء الإسلام ينصحون بالتيسير في تكاليف الزواج
27 يناير 2011 20:02
المبالغة في التكاليف المادية التي تطلبها بعض الأسر تمثل عقبة أمام زواج البنات والبنين، ما تترتب عليه مفاسد ومضار اجتماعية فادحة، منها تفشي العنوسة بين الجنسين وصور العلاقات المحرمة. فالبعض يصر على أن يختار لابنته زوجاً ثرياً بحجة أن أحكام الإسلام تحض على المحافظة على حقوق الأبناء ولم تضع حدوداً للأمور المتعلقة بالزواج، وهذه الفكرة المغلوطة تقود إلى المبالغة في الصداق المالي وتكاليف الزواج. ومسؤولية ولي الأمر في رأي هؤلاء تحتم ألا يغفل ولي الأمر ضرورات الحياة وأهمية انتقاء الشاب الذي يضمن للفتاة حياة رغدة بحجة الخوف على الفتيات من العوز والحرمان. عمرو أبو الفضل (القاهرة) - تقول الدكتورة رجاء حزيِّن- أستاذ الحديث بجامعة الأزهر- إن الإسلام يرفض المغالاة في المهور والمبالغة في متطلبات الزواج وينهى عن جعل الشروط المالية حائلاً دون إتاحة الزواج. وأوضحت أن الزواج قوام الأسرة وأساسها الصحيح، وهو عقد ميثاق به يرتبط الزوج بزوجته ارتباطاً مقدساً فيه تعاهد على الود والرحمة والحب والتعاون وتتقارب به الأسر مصداقاً لقوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنـفسكم أزواجـاً لتسكنـوا إليهـا وجـعل بينكـم مـودة ورحمــة إن في ذلـك لآيـات لقـوم يتفكرون» الروم 21. وقالت إن الشارع الحكيم ساوى بين الرجل والمرأة في حق اختيار كل منهما للآخر، ولم يجعل للوالدين سلطة إجبار أولادهما ذكوراً أو إناثاً على زواج لا يرضونه ويقتصر دور الوالدين في تزويج أولادهما على النصح والتوجيه والإرشاد، فالزواج من خصوصيات المرء، وتحقيق الغايات السامية من الحياة الزوجية يتطلب التدقيق في اختيار شريك الحياة الذي يلتزم بهدي الإسلام. دين وخلق وتؤكد الدكتورة حزيِّن أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- شدد على أهمية حسن اختيار الزوجة واختيار الزوج، وقالت إن تعاليمه تحض على جعل الدين والتقوى والصلاح والبيئة الطيبة معايير الاختيار الأولى وجاءت الأمور الأخرى من الغنى والحسب والجمال بعد الدين، حرصاً على سلامة الأسرة واستقرارها. وتضيف أن من أهم واجبات ولي الأمر أن يحسن اختيار زوج ابنته، فلا يزوجها إلا لمن له دين وخلق وشرف وصلاح حتى يعاشرها بمعروف أو يسرحها بإحسان. وقالت إن الإمام الغزالي علل وجوب حسن اختيار الزوج بأن الاحتياط في حق المرأة أهم، لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلِّص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال، فإن زوج أحد ابنته ظالماً أو فاسقاً، أو مبتعداً عن الطريق المستقيم أو شارب خمر فقد جنى على دينه، وتعرض لسخط الله، بسبب قطعه الرحم، وسوء اختياره شريكاً لمن هي تحت ولايته. وقال رجل للحسن بن علي رضي الله عنهما: إن لي بنتاً، فمن ترى أن أزوجها له؟ قال: زوجها ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. الزوج الصالح ويؤكد الشيخ فرحات المنجي -رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر- أن الحياة الزوجية في الإسلام تقوم على السكن والمودة والرحمة والتعاون بين الزوجين في رعاية الأسرة وصيانتها وتقسيم المسؤولية بينهما لقوله- صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها»، فمسؤولية ولي الأمر تلقي عليه تبعات خارج الأسرة وداخلها، ففي خارج البيت السعي لكسب ما يسد احتياجات الأسرة عن طريق شريف حلال وفي الداخل النصح والتوجيه والإرشاد والتقويم. وقال إن مسؤولية الأب أن يختار لابنته الزوج الصالح الكفء لها وألا يغريه المال الكثير أو النسب العريق أو الجاه العريض، غير ملاحظ لكمال النفس وحسن السلوك فتكون ثمرة الزواج مرة ونتائجه ضارة، مضيفاً أنه يجب احترام رأي المرأة وتعاون وليها معها في اختيار الزوج الصالح تطبيقاً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». وأوضح الشيخ المنجي أن الزواج الميسر هو الزواج المبارك أما الزواج الذي يقوم على التعقيد فمصيره مهدد وحياته قصيرة، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:»إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة» أي أقله تكلفة، والمهر الحقيقي يتمثل في الدين والخلق الحسن والمعاملة والمعاشرة والصفات الحميدة. وقال إن ولي الأمر لا يملك التنازل عن حق من حقوق المرأة المقررة لها شرعاً، كالصداق والسكن والجهاز وغيرها، وهذه الحقوق مطالب بها الزوج، ويجوز للمرأة أن تجيز تنازل الأب، وإن رفضت فلا حق له في التنازل عن أي شيء. على قدر طاقته ويقول الدكتور حامد أبو طالب- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- إن الزواج عقد وتمامه يكون بتوفر شروط الزواج الصحيح فيه، من وجود الولي وموافقة المرأة على هذا الزواج والشهود وتسمية الصداق، مضيفاً أن الولاية في النكاح رعاية كفلها الشرع لمعان مردها تحصيل المصالح ودرء المفاسد حفاظاً على المرأة وهي تبدأ مرحلة كبرى في حياتها، وقد راعى الشرع عند وضع أحكام هذه الولاية أن تقوم على معاني الشفقة على المرأة ونصرتها وعونها. وأكد أن صداق المرأة أو مهرها حق لها، وليس حقاً لأبيها وليس لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئاً منه إلا برضاها واختيارها، قال تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً» النساء 4. وأضاف أن المهر المفروض للمرأة يطيب نفسها ويرضيها بقوامة الرجل عليها، قال تعالى:»الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» النساء 34. كما أن المهر يوثق الصلة بين الطرفين، ويوجد أسباب المودة والرحمة. ويقول إن الشريعة الإسلامية لم تجعل قدراً محدداً لقلة المهر ولا لكثرته لأن الناس يختلفون في الغنى والفقر ويتفاوتون في الدخل الاقتصادي، ولكل بلد عاداته وتقاليده المتبعة المرعية، والشريعة تركت التحديد ليعطي كل واحد على قدر طاقته وحسب حالته وعادات بلده وكل النصوص جاءت توضح أن يكون شيئاً له قيمة بغض النظر عن القلة والكثرة. ويؤكد أن الأحاديث الشريفة تدعو إلى جعل المهر شيئاً قليلاً وأخذ بهذا الصحابة والتابعون والسلف، وقال إن التابعي سعيد بن المسيب زوج ابنته على درهمين. واعتبر ذلك من فضائله ومناقبه، وتزوج عبدالرحمن بن عوف على خمسة دراهم. أصابت امرأة وأخطأ عمر وحذر من المبالغة في أمور الزواج بحجة المحافظة على حقوق الأبناء وأن الشريعة لم تضع حدوداً لها، وقال إن البعض يستند في المبالغة في المهور ومتطلبات الزواج إلى ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- أنه نهى وهو على المنبر من أن يزاد في الصداق على أربعمئة درهم، فاعترضته امرأة، فقالت: أما سمعت الله يقول: «وآتيتم إحداهن قنطاراً»، فقال: اللهم عفواً، كل الناس أفقه من عمر حتى النساء في البيوت، ثم رجع فصعد المنبر فقال: إني كنت قد نهيتكم عن أن تزيدوا في المهور على أربعمئة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. أصابت امرأة وأخطأ عمر. وأوضح أن المعنى الصحيح لهذه القصة هو أن سيدنا عمر - رضي الله عنه- كان يريد فقط تحديد المهر بالمبلغ الذي ذكره، فاعترضت المرأة على هذا التحديد لأن الله لم يحدده. كما أن الله تعالى يقول: «وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئاً» معناه إذا أراد أحدكم أن يفارق زوجته ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذ من مهر الأولى وخاصة مؤخر الصداق شيئاً، ولو كان صداقها قنطاراً من المال. فالآية تتعلق بهذه المسألة، وفيها دليل على إباحة الإصداق بالمال الكثير، وقد أراد أمير المؤمنين عمر تحديد الصداق بالمبلغ المذكور. خوفاً من العنوسة قال الدكتور حامد أبو طالب إنه يجوز لولي الأمر إذا شعر بعدم اطمئنان على مستقبل ابنته خوفاً من العنوسة، أو غيرها من الأسباب أن ييسر في زواجها ولا يتكلف ويبالغ في الأمور المالية، ويمكن له أن يتنازل عن بعض حقوقها شريطة أن توافق هي، كما يجب عليه أن يراعي التقارب بينها وبين من يتقدم لها من حيث السن والمركز الاجتماعي والمستوى الثقافي والاقتصادي، لأن التقارب في هذه النواحي يعين على دوام العشرة وبقاء الألفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©