الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

معاهـدة المشبك

22 فبراير 2007 02:04
هدى سعيد سيف: لقد ألفنا كلمة معاهدة أن تكون رمزاً لهدنة بين طرفين متخاصمين، المعاهدة قد تكون اجتماعيةً، اقتصاديةً أو سياسيةً، والهدف منها الحفاظ على حقوق الإنسان وإن ركّز الإعلام على الحقوق السياسية فهذا لا ينفي بقية الحقوق ··· المعاهدة تسعى نحو التوازن بين الطبيعة والإنسان وقد تكون وسيلةً للتغلب على الخصم بشكل سافر· ''إذا كان هوبس ينظر إلى الطبيعة كحرب مستمرة، وإلى الحرب كمفهوم طبيعي، وإلى الإنسان في مملكة الطبيعة كذئب لأخيه الإنسان، معتقداً أن بناء الدولة السبيل القديمة بتجاوز الطبيعة، وبالتالي الحرب، وإذا كان روسو، بعكس ذلك، يصف الإنسان الطبيعي بالبراءة، وينظر إلى الحرب كمفهوم اجتماعي وليس طبيعياً، ففي الطبيعة قد يتخاصم البشر، لكنهم لا يخوضون حروباً، معتقداً أن المجتمع من أفسد الإنسان، وزرع بداخله حب التملك، وما نتج عن ذلك من منافسة وعداء· فإن كان يقترب من موقف هوبس، لأنه يرى بدوره أن السلام لا يتحقق إلا عبر سن قوانين'' رشيد بوطيب· قد تنهي المعاهدة خلافاً بين طرفين وقد تبني مصالح جديدةً بينهما، لكن الحرب لها أثر كبير في فكر الإنسان، وهذه الحرب قد تكون مباشرةً أو غير مباشرةٍ أي تأثيرها النفسي يكون أكبر مما يولد التاريخ الفلسفي والأدبي لدى البشرية، فسارتر من المفكرين الوجوديين الذين ألقت الحرب بحبالها على أفكارهم وضغطت على بطونهم الفكرية فأنتجت أحباراً من الفلسفة كما ورد في تحقيق محمد هلال: ''أيضاً لا نغفل التفاعلات التاريخية في لحظة معينة لها تأثيرها، فقد كانت هناك محنة الحرب العالمية ومأساة الفاشية والنازية، واحتلال فرنسا العظيمة، وحالة الفوضى العارمة التي عمت العالم، وكان هو ضحية لكل هذه التفاعلات، حيث تم تجنيده بل أسره لعدة أشهر مما كان له الأثر في فلسفة سارتر التي تمجد الفرد والحرية، وكنا نحن في مصر أيضاً نتوق إلى الحرية بعد الحرب العالمية الثانية· ويقول العالم: لكن الذي أغفله سارتر هو الأسس الاجتماعية للحرية فالجحيم ليس الآخرون كما يقول، لكن الإنسان لا غنى له عن الجماعة·· باختصار، الإنسان الجماعة وليس الإنسان الفرد، إذن هو التزام فردي وجماعي، وقد ضمنت ذلك في كتاب معارك فكرية، وينقلنا الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة إلى زاوية أخرى قائلاً: سواءً اتفقنا أم اختلفنا مع سارتر حول بعض آرائه فإنه بلا شك في طليعة المفكرين الذين مزجوا بين الحس الفلسفي والحس الأدبي، وهذا ما أدى إلى شهرته وانتشاره بين جميع المثقفين سواءً في العالم الغربي أم العالم العربي، بالإضافة إلى أنه كان ناقداً بعنف لكل الاتجاهات التي تقلل من حرية الإرادة وكان هذا على عكس ما قاله ديكارت: ''أنا أفكر فأنا موجود''، أما سارتر فقد عكس هذه المقولة بحيث تصور الوجود قبل الفكر ونظر إلى الإنسان على أساس أنه هو الذي يصنع وجوده، المفكر محمود أمين العالم يقول: تبقى الأفكار ما بقي الإنسان، ولكن هناك مراجعات فكرية وفلسفية ربما تصلح فلسفة ما لفترة ما، ولكن لا تصلح لغيرها لاختلاف الظروف والمعطيات، وأفكار الحرية والانتصار على الظلم لا نهاية لها؛ لأنّه لا نهاية للظلم، ولكن ما يفقد بريقه من سارتر ويحتاج إلى مراجعة هو حالة الانكفاء على الفرد، فالعالم أصبح غرفة واحدة وليس قريةً كما يُقال، والمشاركةُ الإنسانيةُ أصبحت ضرورةً مهما كان الجحيم هو الآخرون، فلابد من الآخرين''· الفرد في الطبيعة شخص يسن القوانين ويبني تصورات بشكل وحشي أو مسالم، معاهدة المشبك تمثل حرب الإنسان مع الطبيعة بشكل مسالم، الآخر يبني المعاهدة بشكل نفعي مادي مقابل فكري··· الطبيعة تُعتبر مؤثراً متغيراً مسؤولاً عن بناء التاريخ وهي السبب الأول لبناء معاهدة المشبك، الفرد الأول في المعاهدة الجد العاجز عن الحركة هو شخص مختلف في الإرادة وطريقة التفكير ويتميز بذكاء غير عادي وحكمة عميقة تنبع من خبرته، يتشعب التاريخ القديم في ذهنة كالنهر في القرية الخضراء، له قدرة على تركيب وفك الأجهزة الإلكترونية ومن القصص التي كان يرويها لنا المذياع الذي تعطل وعرض على ثلاثة صناع وعجزوا عن إصلاحه بينما قدرته الذهنية تغلبت على العطل وأصلحه ··· فالجد يتميز بالسلطة القوية على ذاته وقد عايش السياسة بشكل مباشر غفل التاريخ عن إنجازاته التي ظلت مكبوتة ومحبوسة بين جدران المنزل، فالإبداع الفكري لأعمالي ناتج عن الوراثة من الجد ··· ينظر للحوادث من زوايا مختلفة، داعبت مخيلته ذكرى إنبات شجرة النخيل فقام ببناء جسر دائري حول النخلة ليتمكن من الولوج إلى أعلى النخلة ··· لم يكتف بذلك الغرض فقام بالزراعة حول النخلة، تدخلت الطبيعة بعناصرها المختلفة مما أوجد الحرب بين الجد والقطة، لم يستخدم عنصر الإبادة للتخلص من القطة بل تم الاتفاق على هدنة بيني وبين الجد لحل المشكلة وكان من بنود المعاهدة بناء المشبك فأطلقت عليها معاهدة المشبك، المصلحة المتفق عليها بناء السياج مقابل كتابة مقال عن المعاهدة كعمل فني· تحرك الزمن إلى الأمام أي بالاتجاه الموجب، تعبت النخلة من مجاراة الزمن فالسرعة اللحظة سمحت للسوس بالتوغل وإنهاء حياة تلك النخلة، فلم يعد لوجودها أي معنى ··· قرر الجد إزالتها، في منتصف عام 2006 قام بزراعة محاصيل مختلفة··· المعنى الحقيقي للعمل أي المعاهدة السعي نحو السلام الملموس وليس المنقوش على الرمال، نحن نتكلم عن الآخر بشكل عدائي في حالة وجود نزاع، هذا الآخر كائنٌ مفكرٌ وقادرٌ على المفاوضة، القطة هي البيئة والمحور الأساسي لكل تلك النزاعات، فإذا تصافحنا نستطيع أن نجعل محور البيئة عنصراً مكملاً للتطور، فنحن الصدر الذي يستقبل العناصر البيئية المختلفة لنكون اقتصاداً متكاتفاً وحقوقاً سياسيةً واجتماعيةً محفوظةً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©