الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل الأيام إلى الله

العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل الأيام إلى الله
28 أكتوبر 2011 02:25
يعيش المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في ظلال أيام مباركة، إنها العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، فهي أيام مباركة طيبة أقسم الله بها في كتابه الكريم لبيان فضلها، فقـال في أول سورة الفجر (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) «سورة الفجر، الآية 1 - 2». ولقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن الليالي العشر التي أقسم الله بها هي: العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وذكر الإمام ابن كثير أن هذه الأيام هي التي سماها الله في كتابه الكريم الأيام المعلومات، قال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ ....) «سورة الحج، الآية 27». ومن المعلوم أن شهر ذي الحجة أحد الشهور الحرم الأربعة، التي لها مكانة خاصة في الإسلام، وحرمةٌ عظيمةٌ عند الله سبحانه وتعالى وفي قلوب المؤمنين، وهي (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب) كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) «سورة التوبة، الآية 36». العمل الصالح وعشر ذي الحجة تُعتبر من أحب الأيام إلى الله تبارك وتعالى، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله مما سواها من الأيام لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) «أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود». وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، والذي يظهر أن سبب امتياز هذه الأيام العشر اجتماع أمهات العبادات فيها وهي: الصلاة، والصدقة، والصيام، والحج ولا تكون إلا في هذه الأيام. وقد ذكر ابن كثير فضل هذه الأيام في تفسير قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْـمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْـمُفْسِدِينَ) «سورة الأعراف، الآية 142»، (يقول تعالى مُـمْتَنًّا على بني إسرائيل بما حصل لهم من الهداية بتكليمه موسى عليه السلام وإعطائه التوراة وفيها أحكامهم وتفاصيل شرعهم، فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة، قال المفسرون: فصامها موسى عليه السلام وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل بعشر أربعين، وقد اختلف المفسرون في هذه العشر ما هي؟ فالأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة والعشر عشر ذي الحجة، روي عن ابن عباس وغيره، فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر، وحصل فيه التكليم لموسى- عليه السلام-، وفيه أكمل الله الدين لمحمد- صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْـمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) «تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ 2 ص 325». يا لها من أيّامٍ مباركة عند الله عزَّ وجلَّ، الأعمال الصالحة فيها مضاعفة، والثواب كبير، فصيام يوم منها يعدل صيام سنة، كما جاء في الحديث: «ما من أيام أحبّ إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة» (أخرجه ابن ماجة). ذكر الله ويستحب الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام العشر؛ لما ورد في الحديث: عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-»، ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلي الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير» (أخرجه الطبراني في الكبير). ومن فضائل هذا الشهر أيضاً ما شرعه الإسلام من ذبيحة الأضحية يوم عيد الأضحى، لذلك نرى المسلمين في هذه الأيام يستعدون لشراء الأضاحي استجابة لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام وللنداء النبوي «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً» (أخرجه ابن ماجة والترمذي والحاكم)، كما ويستحب للمضحي ألا يأخذ من شعره شيئا لقوله عليه السلام «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره- وفي رواية «ولا من بشرته» - شيئاً حتى يضحي» (أخرجه مسلم)، والحكمة من ذلك أن تعم المغفرة جميع الجسد. صحة الأضحية والأضحية تصح من (الإبل والبقر والغنم)، ومن الغنم الضأن ما أتم ستة أشهر، بحيث إذا وضع بين الحوليات لا يميز عنها، ومن الماعز ما أتم سنة ودخل في الثانية وتكفي عن رب أسرة، ومن الإبل ما أتم خمس سنوات ودخل في السادسة، ومن البقر ما أتم سنتين ودخل في الثالثة وتكفي عن سبعة. والأضحية واجبة عند الأحناف على مالك نصاب الزكاة، وعند الأئمة الثلاثة سنة مؤكدة، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها، (وقد ضحى النبي- صلى الله عليه وسلم- بكبشين أقرنين أملحين) «أخرجه الشيخان». وتعد الأضحية إحدى وسائل صلة الرحم، حيث اشترط في توزيع الأضحية أن يهدي منها للأقارب، والمعروف في توزيع الأضحية أن يقسمها إلى ثلاثة- ثلث لنفسه وأهله، وثلث لأرحامه، وثلث للفقراء والمساكين. فضائل عديدة ولهذا الشهر فضائل عديدة منها: أنه شهر عبادة هامة في الإسلام، ألا وهي شعيرة الحج، التي جعلها الله تعالى ركناً من أركان هذا الدين، فالحج ركن من أركان الإسلام الخمسة جعله الله سبحانه وتعالى واجباً على المستطيع وعلى من يملك الزاد والراحلة، فعلى بركة الله بدأت وفود الرحمن تؤم بيت الله العتيق، على بركة الله تسير قوافلهم يحذوها الشوق والإيمان لتحظى بأداء ركن من أركان الدين وشعيرة من شعائر الإسلام، حيث تكتحل عيونهم بالطواف حول الكعبة المشرفة، ومن تيّسر له منهم تقبيل الحجر الأسود قَبَّله لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- «والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك»، فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، كما أن الصلاة في مسجد الحبيب- صلى الله عليه وسلم- بألف صلاة، ومن فضل الله أن قوافل الحجيج قد بدأت بالوصول بسلامة الله ورعايته إلى مهبط الوحي الذي عم البلاد، فمنذ انطلق صوت الخليل إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- ينادي في دعاء خاشع (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْـمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) «سورة إبراهيم، الآية 37»، منذ انطلق هذا الصوت الجليل المهيب، وأفئدة المؤمنين في جنبات الأرض كلها تهوي حنيناً إلى البيت الحرام، وتذوب شوقاً لرؤية ذلك البيت الكريم، حيث تسكب العبرات وتفيض البركات، وتقال العثرات، وتغفر الزلات، وتضاعف الحسنات وتمحى السيئات، فقد أَذَّن سيدنا إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- في الناس بالحج صادعاً بأمر ربه، فتجاوبت لندائه قلوب المؤمنين الصادقين قائلة: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، وقد بين- صلى الله عليه وسلم- فضل الحج حيث يقول: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) «أخرجه البخاري ومسلم»، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» (أخرجه الترمذي والنسائي). تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال إنه سميع مجيب الدعاء. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©