الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماية الأطفال من «التحرش» يحتم تعاون الآباء والمدرسين والمجتمع

حماية الأطفال من «التحرش» يحتم تعاون الآباء والمدرسين والمجتمع
27 يناير 2011 20:09
كثُرت حوادث التحرش الجنسي بالأطفال والاعتداءات ذات الطابع الجنسي، إذ لم يعُد يسلم منها أي مجتمع على وجه البسيطة مهما كان دينه أو عرقه أو درجة تحضره أو تخلفه. ضحاياها أطفال أبرياء قد لا يدركون فداحة ما تعرضوا له إلا بعد وقوعه، ومجرموها أُناس يعيشون بين ظهرانينا وقد نبادلهم التحية صباح مساء ثم نفاجأُ بأنهم ذئاب بشرية لا تتورع عن زرع مخالبها في أجساد فلذات أكبادنا البضة الوديعة. أبوظبي (الاتحاد) - ينتشر التحرش الجنسي بالأطفال في المدارس والروضات والحدائق، بالإضافة إلى ملاهي الأطفال والأسواق والأحياء السكنية، كما قد يكون الطفل عرضة له في أي مكان آخر، إذ لا يوجد مكان يمكن اعتبار الطفل فيه محصناً من التحرش الجنسي أو الاعتداء من أصحاب القلوب المريضة والنفوس المنحرفة. تصنيفها من ضمن التابوهات في العديد من المجتمعات زاد في استفحالها وشجع مقترفيها على التمادي فيها وتكرار أفعالهم المنكرة، وذلك لأن الطفل ضحية التحرش الجنسي قد يكتم ما تعرض له خجلاً أو خشية انتقام المعتدي، أو لعدم وجود من ينصت إليه ويتواصل معه. يتطلب الأمر إذن تحصين الأطفال ضد هذه الممارسات البشعة وهذه الانحرافات السلوكية الخطيرة التي أصبحت تهدد المجتمعات قاطبةً. ولن يتأتى تحقيق ذلك إلا بتثقيف هؤلاء الأطفال جنسياً وتزويدهم بكل ما من شأنه أن يقيهم استباقياً من الوقوع في براثن مفترس بشري يسبب لهم نُدوباً نفسيةً عادةً ما تقطع عليهم مرحلة الاستمتاع البريء بمرحلة الطفولة وتجعلهم يفقدون الثقة بالمجتمع وينعزلون داخل قوقعة يتردد في آذانهم ولاوعيهم صداها طوال العمر. معالجة الأسباب يقول الخبراء التربويون إنه يجب على الآباء والمدرسين والمربين تعليم الطفل أبجديات الثقافة الجنسية في وقت مبكر وتسليحه بالمعرفة الكافية للتصدي لكل من يسعى إلى استغلال براءته. وينبغي أن تكون المنهجية المتبعة قائمة على الوقاية بالأساس، فبدل أن نتدخل بعد تعرضه للتحرش أو الاعتداء، يجب الحرص على قطع الطريق أمام كل الأسباب التي قد تؤدي إلى تعرض الطفل لأي انتهاك وقبل فوات الأوان. أما أن نتدخل بعد ملاحظة تكرار تغيب الطفل عن المدرسة بدون إذن أو مبرر وتراجع أدائه الدراسي أو تراجع قدرة التركيز لديه وميله إلى الانزواء والانطواء بعد أن عهده زملاؤه كثير النشاط والانطلاق، فتدخلنا يصبح قليل الجدوى. وعلى الرغم من أن المستور والمخفي أعظم، فإن الأرقام المكشوف عنها صادمة، ففي بعض المدارس الأميركية يصل عدد الأطفال الذين يتعرضون للتحرش الجنسي أربعة من كل خمسة أطفال، أي 80% تشمل الإناث والذكور على حد سواء! ولا يكون مقترف هذه الاعتداءات دائماً شخصاً من الكبار البالغين، بل إن هناك من الأطفال من تعرض للتحرش أو الاعتداء على يد أحد أقرانه. وهذا يزيد الطين بلة ويدعو إلى أخذ أمر التثقيف الجنسي بحزم وجدية أكثر لحماية الطفل ومنعه من التحول إلى معتد أو ضحية، أو هما معاً. الوصايا الخمس يقول خبراء تربويون أميركيون إن هناك خمسة أمور أساسية يحتاج الأطفال ذكوراً وإناثاً إلى معرفتها. وهي كالآتي: 1- معنى التحرش الجنسي. فينبغي على الطفل أن يعرف في سن مبكرة أن التحرش الجنسي يعني القيام بسلوك غير مرغوب من الواقع عليه يكون ذا طابع جنسي. وهذا يشمل النكات النابية وإطلاق الألقاب البذيئة ورسم الصور الفاحشة واستخدام إشارات ذات إيحاءات أو حمولات جنسية ورسم أو نقش رسوم مخلة بالحياء في الجدران أو الطاولات الدراسية، أو التحدث عن قصص جنسية من صنع الواقع أو الخيال أمام الآخرين، واتهام البعض بانحراف جنسي قصد تشويه السمعة أو الإساءة، وانتهاءً بلمس الأعضاء الحميمة للآخر أو اغتصابه. 2- الاعتداء محتمل من كلا الجنسين. إذ ينبغي على الطفل أن يعلم أن التحرش الجنسي لا يكون من ذكر لأنثى أو أنثى لذكر، أي من جنس إلى آخر مغاير فقط، بل قد يأتي من الجنس نفسه، من ذكر إلى ذكر ومن أنثى إلى أنثى، وبالتالي فإن على الطفل أن لا يسمح لأي كان حتى ولو كان من بني جنسه أن يمارس في حقه أي شكل من أشكال التحرش الجنسي أو الاعتداء. ويتعين على الآباء أن يزرعوا في عقول أبنائهم منذ الصغر أن الإنسان يجب أن يحتفظ بخصوصية بعض الأعضاء في جسمه، فلا يراها غيره ولا يكشفها لأحد إلا في بعض الحالات الضرورية كأن يمرض فيكشف الطبيب عنه. وتقع على الآباء بالدرجة الأولى مسؤولية توعية أطفالهم بأن هناك بعض الممارسات التي لا يفعلها إلا الكبار وفي إطار معين ولا يفعلها الصغار، وأن يغرسوا في أنفسهم الامتناع عن مشاهدة مناظر التعري وكشف السوءات والعورات سواء في القنوات التلفزية أو المواقع الإلكترونية أو غيرها حتى لا يحسبوها طبيعيةً وعاديةً، كما يمكنهم ابتكار حكايات وقصص هادفة وسردها على أطفالهم الصغار بقلب وقالب تستوعبها عقولهم ويستخلصون منها دروساً ترسخ في أذهانهم ويستفيدون منها في الواقع لاحقاً. 3- ضرورة الإبلاغ. فيجب أن نكون واضحين جداً مع أطفالنا حول أهمية وضرورة إبلاغ الطفل في حال الاعتداء عليه أو التحرش به جنسياً بالفاعل دون إحساس بالخجل أو العيب، وذلك حتى ينال هذا الأخير جزاءه كائناً من كان ومهما كانت الظروف. فالتحرش والتنمر الجنسي ينبغي أن يصل إلى أولياء الأمر أو المدرس أو الشرطة أو غيرها من الجهات المعنية. فليس أسوأ ولا أكثر انتهاكاً لحق الطفل من تعريضه لأذى جنسي وترك المعتدي يفلت من العقاب، كما يقول التربويون. 4- خيط رفيع. فيتعين أن يكون الآباء والمربون وكل من يمارس وظيفة التثقيف الجنسي أن يوضح للطفل أن الأمر لا يتعلق بتبشيع نظرته إلى أعضائه الحميمة التي هي جزء من جسمه ولها وظائفها، أو إلى فعل الجنس بحد ذاته، بل إن ما يجب الحرص على تفهيمه للطفل وبالأسلوب الذي يفهمه هو أن ممارسة الجنس تكون في إطار اجتماعي معين وبهدف معين ودون إجبار ولا قسر، وأنها مقترنة بمفهوم سام وهو الحب وبهدف وجودي راق وهو إبقاء النسل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ويقول علماء اجتماع إن الأطفال الذين يتمتعون بتقدير للذات وثقة في النفس وشخصية قوية وقدرة على الدفاع عن النفس أقل تعرُضاً للتحرش والاعتداء الجنسي، مبرزين أن المعتدي يميل إلى الأطفال ضعاف الشخصية والمترددين والذين تبدو عليهم علامات خوف أو نقص ما. وعادةً ما يكون المعتدون عدوانيين ويغمرهم فضول مرضي حول المسائل الجنسية. 5- فعل شنيع أخلاقياً ودينياً وقانونياً. عند تثقيف الطفل حول التحرش الجنسي يجب إفهامه بأن التحرش الجنسي هو فعل شنيع يستقبحه العقل والشرع والخلق والقانون والمجتمع. كما يجب أن يفهم الطفل أن فعل التحرش مرفوض بتاتاً أن يصدُر منه أو يشارك فيه أو يقع عليه. فنتائجه وخيمة في كلتا الحالتين، فقد تكون الطرد إذا كان في المدرسة أو فقدان الوظيفة إن كان في عمل، أو السجن إن كان في مكان آخر، وأضراره مؤكدة على الجانبين. ويجب تنوير الطفل بأن سكوته وعدم إبلاغه عن المعتدي حتى عندما لا يكون هو الضحية هو تواطؤ ومشاركة في هذا الفعل القبيح، وهو ما يعني تشجيعه على الإبلاغ عن أي حالة اعتداء أو تحرش جنسي قد يكون شهيداً عليها في المدرسة أو الملهى أو حديقة الألعاب أو الحي السكني أو أي مكان آخر. عدم الإبلاغ تواطؤ يُجمع خبراء علم النفس والاجتماع على أن أسوأ طريق لمحاربة أشكال ومظاهر التحرش الجنسي على الأطفال هو السكوت أو غض الطرف عنها باعتبارها «تابوهاً» أو تجلب العيب والعار على الأسرة أو غيره من المفاهيم التي تجاوزها الدهر وعفا عليها الزمن والتي لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تدمير مستقبل الطفل. وما دام تثقيف الطفل جنسياً كفيل بوقايته من الوقوع بين أنياب المعتدين، فإنه لا يُعذر أي أب أو أم أو مُرب أو مدرس أو مجتمع مسؤول بشكل عام أن يُواصل سياسة دفن الرأس في الرمل وترك المعتدين ومفترسي براءة أطفالنا يفلتون من العقاب. عن موقع "ehow.com” ترجمة: هشام أحناش
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©