الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اقتصاد الصين... متباطئ وغير متوازن

26 أكتوبر 2013 00:49
هناك القليل من الأشياء التي يحبها سكان شنغهاي الطيبون أكثر من التسوق. وهناك القليل من مراكز التسوق بمستوى رفاهية مركز جينجيانج ديكسون الذي كان أول مراكز التسوق المترفة للبيع بالتجزئة عندما فتح عام 1994. ويقع المركز وسط الأشجار المورقة في منطقة الامتياز الفرنسي السابقة التي تعود للعهد الاستعماري في شارع »تشانجل لو» أو السعادة الأبدية. وقبالة مركز التسوق يوجد الفندق الذي وقع فيه الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيس الوزراء الصيني «تشو إن-لاي» عام 1972 معاهدة تفتح رسمياً الباب للتبادل التجاري بين ما أصبح الآن أكبر اقتصاديين على وجه الأرض. ويمتد دائماً شارع السعادة الأبدية هذا في وسط الطموحات الرأسمالية الصينية. وفي صباح أحد الأيام في الآونة الأخيرة، ظهر في مركز جينجيانج ديكسون فريق عمال يدخنون التبغ ويرتدون الخوذات البرتقالية الواقية للرأس ويحطمون بمطارقهم جدران متاجر أخلتها في الآونة الأخيرة ماركات جوتشي ورالف لورين وكوتش وجيورجيو آرماني من بين ماركات عالمية شهيرة أخرى. ويقول مسؤول في المركز إن الماركات لن تعود مرة أخرى. فبعد سنوات من الارتفاع السريع يهبط الآن اقتصاد الصين ببطء، وأول شيء قام به «شي جين بينج» بعد أن تولى منصب الرئيس هذا العام فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي هو التوبيخ الشديد للمسؤولين الآخرين في الحزب الشيوعي الصيني. وطلب منهم أن يقلصوا الحفلات الباذخة وألا يرتدوا الساعات الفاخرة، وأن يتوقفوا عن تقديم الرشى لبعضهم بعضاً. وفي غضون أسابيع، عانى تجار سلع الرفاهية تراجعاً بنسبة تراوحت بين 20 و30 في المئة في المبيعات. وعلى بعد بنايتين من مقبرة سلع الرفاهية هذه في شنغهاي يستقر صف من المتاجر المتداعية التي تخدم بقية الصين. ويدير هذه المتاجر أكثر الاقتصاديين الذين يمكن الاعتماد عليهم في البلاد وهم أصحاب المشروعات الاقتصادية الصغيرة، وقد توصل مسح غير علمي أجري بالحديث مع الناس إلى أن السلع الفخمة ليست هي وحدها التي تفقد نشاطها الاقتصادي. وقال بعض الناس في هذه الناحية من الشارع إن اقتصاد الصين «رديء»، وإنه أسوأ من العام الماضي الذي كان هو أيضاً أسوأ من الذي سبقه. وقال أحد الأشخاص «لم أره بمثل هذا السوء». ولم يجد أحد أصحاب المتاجر كلمات يصف بها المناخ الاقتصادي، فأجاب بتنهيدة ألم طويلة خشنة. وفي مقابل هذا، تظهر علامات القوة إلى حد كبير في أحدث بيانات اقتصادية تصدر عن الصين في الآونة الأخيرة. فإجمالي الناتج المحلي والصادرات والناتج الصناعي وإنتاج الكهرباء كلها تتصاعد في الأسابيع القليلة الماضية، ولكن الرقم الأكثر أهمية لسلامة الاقتصاد الصيني على المدى الطويل -نمو دخل الأسرة في المناطق الحضرية- انخفض من 9,7 في المئة في النصف الأول من العام الماضي إلى 6,5 في المئة أثناء الفترة نفسها هذا العام. وأكثر طبقات المستهلكين حيوية في الصين -التي يجتذبها تجار التجزئة الأميركيون ممن يتكالبون على الأسواق الآسيوية- ربما لا ترغب في أن تنفق أموالها كما تتوقع الشركات. ويعمل ثمانية من بين كل عشرة عمال في الصين في 42 مليون مشروع اقتصادي صغير يساعد في تحفيز نمو الاقتصاد. وهذه الشركات متعطشة لإصلاحات اقتصادية تفتح خطوطاً رسمية للحصول على ائتمان. ويقدر في الوقت الحالي أن نحو 97 في المئة من هذه الأنشطة الاقتصادية لا يمكنها الحصول على قرض بسيط من البنوك. وعلى رغم الدعوات للتغيير من داخل القيادة الجديدة، يعود الاقتصاد الصيني فيما يبدو إلى أفضل ما يعرفه: فتح خطوط ائتمان في البنوك التي تديرها الحكومة ليس للمشروعات الاقتصادية الصغيرة، ولكن للمشروعات التي تمتلكها الدولة لبناء الطرق وسكك الحديد السريعة والمباني الإدارية البراقة. وهذه الصيغة تضمن أن تتدفق غالبية الأموال في الصين بين شبكات الحزب الشيوعي والشركات التي تديرها الدولة وليس بين الصينيين العاديين. وعلى رغم البطء الاقتصادي، يقف الحزب على كومة كبيرة من المال، والمسألة تتعلق بما إذا كان الحزب يريد أن يتقاسم هذا المال. والتفكير في كيفية دفع نموذج النمو الاقتصادي الصيني نحو المستهلك الداخلي دون دفعه إلى هاوية الهبوط سيكون محور المناقشات، عندما يجتمع زعماء الصين في شهر نوفمبر المقبل. فهل سيضحي الحزب الشيوعي بالنمو قصير الأمد مقابل الرخاء طويل الأمد لجماهير الشعب الصيني؟ وهل سيعمل على نشر الثروة خارج قطاع الدولة المتضخم؟ أم أنه سيواصل على واقع الحال حتى يطالب عدد كافٍ من الناس بتغيير الوتيرة بشكل ملموس؟ والإجابة واضحة فيما يبدو في شارع السعادة الأبدية الآن. فبينما كان العمال يضربون بمطارقهم جدران المتاجر في مركز جينجيانج ديكسون، سألت حارس أمن بشأن ما سيحل محل متاجر الماركات العالمية الشهيرة. مدرسة؟ مستشفى؟ مركز تسوق أكثر تواضعاً؟ فتوقف الحارس لفترة كي يتنحنح ويبصق بسبب الغبار على المسافة الفاصلة بيننا قبل أن يرفع صوته زاعقاً وسط الفوضى: «بنك»! روب شميتز مراسل إذاعة أميركان بابليك ميديا في الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©