الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق الإنسان بكوريا الشمالية... لجنة لرصد الانتهاكات

27 يناير 2013 22:30
بنديكت روجرز - ناشط في منظمة حقوقية جاك راندلر - متخصص في الشؤون الكورية بمنظمة العفو الدولية هددت كوريا الشمالية كلاً من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بل والعالم بأسره بالقيام بتجربة نووية ثالثة، وأنها ستواصل تطوير ترسانتها من الصواريخ البالستية، وبالطبع سارعت الأمم المتحدة وأميركا إلى إدانة مثل هذا التهديد وشددت العقوبات المفروضة على البلد. لكن وفيما عدا التهديد المحدق بالأسرة الدولية علينا ألا ننسى بأن بيونج يانج تهدد أيضاً شعبها من خلال حرمانه من الغذاء والحرية والزج ببعض أفراده في السجون ومعسكرات الاعتقال. فمعروف أن كوريا الشمالية تتوافر على أحد أسوأ السجلات في مجال حقوق الإنسان بالعالم، لذا على الأمم المتحدة التحرك السريع لمواجهة هذا التهديد والتصدي له. وفي هذا الإطار يأتي اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال شهر مارس المقبل ليمثل فرصة مواتية للمصادقة على تشكيل لجنة للتحقيق ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية على أن يتم التقدم بهذا الاقتراح من قبل إحدى الحكومات، أو مجموعة من الحكومات لإضفاء المشروعية والمصداقية اللازمتين على المقترح. والحقيقة أن الفكرة ليست وليدة اللحظة، بل ترجع إلى أكثر من خمس سنوات خلت ثم اكتسبت زخماً خاصاً منذ عام 2011 عندما اجتمعت أكثر من 40 منظمة حقوقية حول العالم في طوكيو، لتنشئ تحالفاً دولياً لوقف الجرائم ضد الإنسانية. فما الذي تستطيع تحقيقه لجنة أممية للتحقيق في التجاوزات الحقوقية السافرة التي يرتكبها النظام في بيونج يانج؟ فمع أنه من غير المتوقع أن تتعـاون الحكومة الكورية الشماليـة مع اللجنـة الدوليـة وتسهل عملية التحقيق في الانتهاكات، إلا أنه يمكن للمحققين استجواب الآلاف من ضحايا النظام الذين يعيشون اليوم خارج البلد، كما يمكنها جمع الأدلة وإجراء التقييم الذي سيحظى بمصداقية والثقة الجديرين بهيئة رسمية تابعة للأمم المتحدة، فضلا عن الشرعية الضرورية للتحرك. ويمكن لهذه اللجنة أن تسلط الضوء على ممارسات النظام الأمر الذي سيدفعه إلى محاولة التخفيف منها، وربما في النهاية قد يمثل المنتهكون أمام العدالة الدولية، لا سيما وأن هناك سوابق أخرى من لجان التحقيق التي قامت بعمل مميز في إقليم دارفور بالسودان والتي أفضت إلى رفع توصيات إلى مجلس الأمن الدولي الذي بدوره أحال القضية إلى محكمة الجنايات الدولية. ومن الأمثلة الأخرى التحقيق الذي جرى في سوريا بعد اندلاع الثورة، والذي خلص إلى حدوث جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، علاوة على تحقيقات أخرى أجرتها لجان متخصصة في بروندي ورواندا وليبيا. ومع أن لجان التحقيق التي ترخصها الأمم المتحدة لا توقف الاعتداءات والانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان، إلا أنها على الأقل تسلط الضوء عليها وتضعها تحت الأنظار الدولية، وهو الأمر الذي تأخر كثيراً في الحالة الكورية الشمالية. ففي هذه الأخيرة تعم أجواء من الخوف على الشعب الذي يهيمن عليه القمع، فأي خطوة ولو بسيطة تخرج عن الخط، حتى من دون قصد، قد تؤدي بصاحبها إلى السجن والاعتقال، أو مواجهة الموت، ومن تلك الأخطاء البسيطة الجلوس مثلا على نسخة قديمة لصحيفة تظهر صورة أحد كبار المسؤولين الكوريين الشماليين، الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى السجن، وربما يكون الخطأ مشاهدة فيديو لأحد الأفلام القادمة من كوريا الجنوبية، أو سماع نشرات الأخبار في إذاعات أجنبية. هذا الواقع جعل السجون والمعتقلات في كوريا الشمالية تضج بالمعتقلين الذين يصل عددهم حسب التقديرات إلى أكثر من 200 ألف شخص، وهو الرقم الذي تجاوز ما كان في بورما، الدولة التي نافست هي الأخرى لفترة وجيزة النظام الكوري الشمالي في تسلطه، حيث لم يتجاوز عدد المعتقلين السياسيين ألفي شخص. وخلافاً لبورما التي كان الاعتقال فيها يقتصر في الغالب على النشطاء السياسيين ومعارضي النظام، فإن أغلب معتقلي النظام الكوري الشمالي من غير المسيسين. أما عن الظروف التي يقاسيها هؤلاء المدنيون في معسكرات الاعتقال فقد سبق توثيقها من قبل منظمات دولية عديدة، كما أن الشهادات التي يدلي بها الفارون من جحيم النظام في كوريا الشمالية حكوا عن استخدام واسع وممنهج لمختلف أساليب التعذيب. وقد بلغت ممارسات التعذيب في المعتقلات حداً دفع المقرر الأممي الخاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية إلى وصف البلد بأنها حالة خاصة في العالم. وبالنظر إلى التركيبة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن هناك فرصة جيدة للمصادقة على إنشاء لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة على نطاق واسـع في كوريا الشمالية. لذا يبقى الأمر اليوم مرهوناً بطرح المبادرة وإظهار القدرة على القيادة، بحيث يتعين على إحدى الحكومات، أو مجموعة منها، على الأرجح من أوروبا، مدعومة من اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة التحرك السريع والاستجابة الفورية للتحديات الحقوقية في بيونج يانج. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©