الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لحظة ملالا: باكستان ضد إرهاب «طالبان»

لحظة ملالا: باكستان ضد إرهاب «طالبان»
16 أكتوبر 2012
تجمع عشرات الآلاف في هذه المدينة التي تعتبر من أكبر مدن باكستان، في أقوى تعبير عن الدعم حتى الآن لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، تعرضت لإطلاق نار من قبل متطرفي "طالبان"، نتجت عنه إصابتها بجروح خطيرة، عقاباً لها على ترويجها لتعليم الفتيات، وانتقادها للحركة المتطرفة المسلحة. والهجوم الذي تعرضت له تلك الفتاة واسمها "ملالا يوسف زاي" أثناء عودتها إلى مدرستها الواقعة في شمال غرب باكستان أفزع الناس داخل وخارج باكستان، ومنح البعض في الوقت نفسه أملاً في أن الحكومة ستستجيب لهذا الحادث من خلال تكثيف مواجهتها لتطرف "طالبان" وحلفائها. ولكن الاحتجاجات على ذلك الحادث كانت صغيرة نسبياً حتى الآن حيث لم تجتذب سوى عدة مئات في المتوسط. وهذه الاستجابة، تتضاءل بجانب خروج عشرات الآلاف من الناس في تظاهرات عنيفة في باكستان الشهر الماضي احتجاجاً على الفيلم المسيء الذي لا يستحق أصلاً لفرط تفاهته سوى التجاهل في نظر كثير من المراقبين. وليس هذا فحسب بل إن الاحتجاجات الداعمة للفتاة ملالا تعتبر صغيرة نسبياً بالمقارنة مع المظاهرات التي تخرج عادة احتجاجاً على أمور أخرى مثل هجمات الطائرات الأميركية من دون طيار، وطرق إمداد "الناتو" التي تمر عبر الأراضي الباكستانية. فالأحزاب والمنظمات الإسلامية اليمينية في باكستان، والقادرة على حشد الآلاف من أنصارها في الشوارع للاحتجاج على الولايات المتحدة، عادة ما يكون لديها دافع أقل إلحاحاً لانتقاد "طالبان"، لأن الاثنين -"طالبان" والأحزاب- يتشاركان في رغبتهما في فرض فهمها للشريعة في البلاد، وإن كانا يختلفان في التكتيك العنيف الذي تتبعه "طالبان" لتحقيق ذلك. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على أحزاب التيار الرئيسي في باكستان: فتلك الأحزاب تكون عادة أكثر استعداداً لتوجيه انتقادات حادة للولايات المتحدة، منها لتوجيه قوة ونفوذ مؤيديها ضد المسلحين الإسلاميين الذين يريقون الدماء في مختلف أنحاء البلاد، وهو ما يرجع جزئياً لخوفها من غضب الإسلاميين من ناحية واعتمادهما على أصوات بعض أنصارهم بدرجة كبيرة في الانتخابات. ومن ضمن الأحزاب التي يمكن استثناؤها من ذلك، الحزب الذي نظم التجمع الاحتجاجي في الجزء الجنوبي من مدينة كراتشي يوم الأحد الماضي وهو حزب "حركة قوامي المتحدة" حيث انتقد زعيم الحزب "ألطاف حسين" الأحزاب الإسلامية وأحزاب التيار الرئيسي، على حد سواء لفشلهم في تنظيم تجمعات للاحتجاج على الهجوم الذي تعرضت له ملالا. كما وصف حسين مسلحي "طالبان" الذين أطلقوا النار على الفتاة بأنهم "وحوش" قائلاً إن المحاولة تمثل هجوماً على عقيدة باكستان. "إن ملالا يوسف زاي تعتبر منارة للمعرفة وهي ابنه الأمة الباكستانية عن حق" كان هذا ما قاله حسين للمشاهدين عبر الهاتف من لندن حيث يقيم في منفى اختياري بسبب القضايا العديدة المعلقة المرفوعة ضده في باكستان. ونفوذ حزب "حركة قوامي المتحدة" التي يقودها حسين هو الأقوى في كراتشي، مقارنة بأي حزب آخر. وقد حمل العديد من المتظاهرين صورة الفتاة الصغيرة وأعلاماً وهتفوا بهتافات يحيونها فيها على شجاعتها ويعربون عن تضامنهم معها. ومن جانبهم انتقد زعماء الأحزاب الإسلامية الرئيسية في باكستان إطلاق النار على الفتاة، ولكنهم حاولوا أيضاً إعادة توجيه مجرى النقاش بعيداً عن عنف "طالبان"، ونحو الخسائر المدنية الناتجة عن هجمات الطائرات الأميركية من دون طيار. وقال "سيريل الميدا" كاتب العمود في صحيفة "دون" (الفجر) الباكستانية "إن هذا النوع من البلبلة يمنع الباكستانيين من رؤية السلسلة المتصلة من الروابط الممتدة من اليمين الديني إلى تيار الإسلام السياسي العنيف". وأضاف "الميدا" في عموده بالصحيفة الأحد الماضي: "إن اليمين الديني يخلق بيئة مواتية وداعمة لحركات الإسلام السياسي العنيفة، ويمكنها من تجنيد الأنصار والتفاقم. ومن ناحية ثانية فإن حركات الإسلام السياسي العنيفة تجعل الدولة والمجتمع في حالة خوف وانكماش، مما يزيد بالتالي من درجة اتساع المجال أمام اليمين الديني". وكانت ملالا قد عرضت نفسها لعداء حركة "طالبان" الباكستانية بسبب كشفها عن تصرفاتهم التي اقترفوها عندما احتلوا وادي "سوات" الواقع في شمال غرب باكستان، حيث تعيش هي وأسرتها، وأيضاً بسبب حديثها المستمر عن أهمية تعليم الفتيات في المجتمع الباكستاني. وخلال سيطرتها على ذلك الجزء من باكستان فرضت "طالبان" على المقيمين من الرجال تربية لحاهم ومنعت النساء من الذهاب إلى الأسواق، ولم تتورع عن تفجير العديد من المدارس -الغالبية العظمى منها للبنات. وقد كتبت ملالا عن هذه الممارسات واعتادت إرسال نسخة مما تكتبه إلى "بي. بي. سي" تحت اسم مستعار منذ أن كانت في الحادية عشرة من عمرها. وبعد طرد "طالبان" من وادي سوات عام 2009 بواسطة الجيش الباكستاني أصبحت ملالا أكثر صراحة في الدعوة لتعليم البنات. وكانت تظهر باستمرار في وسائل الإعلام وتم منحها واحدة من أكبر جوائز الدولة التي تمنح للمدنيين تقديراً لها على شجاعتها. والحملة التي شنها الجيش وأدت إلى طرد "طالبان" من وادي "سوات" تمت عقب الكشف عن فيديو يظهر أحد مسلحي "طالبان" وهو يجلد امرأة متهمة بارتكاب الزنا وهو ما ساعد الجيش على حشد الدعم اللازم للعمل ضد "طالبان". ويأمل العديد من الناس في باكستان وخارجها أن يساعد حادث إطلاق النار على ملالا على القيام بالهجوم الشامل المنتظر على "طالبان" باكستان في ملاذها الأخير الواقع في شمال منطقة وزيرستان القبلية. وقالت "طالبان" الباكستانية في بيان صادر عنها إنها قد نفذت حادث إطلاق النار على ملالا لأنها كانت تروج "للتفكير الغربي". وقبضت الشرطة الباكستانية على ثلاثة من المشتبه فيهم بارتكاب الهجوم حتى الآن ولكن اثنين ممن شاركوا في إطلاق النار ما زالوا مطلقي السراح. وتعرضت ملالا لإصابة في الرقبة بسبب الهجوم كما استقرت إحدى الرصاصات بالقرب من عمودها الفقري كما تعرضت اثنتان من زميلاتها للإصابة أيضاً. وفي البداية قال الأطباء في المستشفى إنها قد فصلت عن جهاز التنفس لفترة قصيرة ثم أعيد توصيلها لتجنب إجهادها وقالت مصادر الجيش إن الأطباء يشعرون بالاطمئنان لأنها تحقق تقدماً طفيفاً ولكن مستمراً وسوف يقررون ما إذا كانت الحالة تستدعي إرسالها للعلاج بالخارج أم لا. وقد أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة طائرة متخصصة مجهزة بكافة التجهيزات الطبية التي تمكنها من العمل كطائرة إسعاف لنقل الفتاة للعلاج في الخارج. وكتب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي عدة رسائل إلى الزعماء السياسيين والدينيين في باكستان يشجب فيها الهجوم على ملالا ويطالبهم بالعمل على محاربة الإرهاب في البلدين. أديل جواد سباستيان أبوت كراتشي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©